وأنا صغير في براءة محدقِ
في مصر بالحب الصدوق المشفقِ

دوما عليها بانطلاقاتي التي
لاحت بروض للحبيبة مُشْرقِ

كانت مجالات عِذاب ينتشي
فيها فؤادي بانتشاء مبرقِ

أحصي منارات المسرة غردت
تغريد مشتاق بشدو مغدقِ

وأهيم في سوح الجمال ممتعا
بهيام عاشق أرضها المتحققِ

برسوخ وجداني ورفعة شاعر
غض بنبض غرامه المتدفقِ

وصدمت في (يونيو) بنكسة مصرنا
تبكي بدمع مثخن متعمقِ

في حزن آهات تتابع همها
بعيون أشجان اكتئاب مفلقِ

لكن إغراق العدو ببحرنا
كان ابتداء للعلاء الشيقِ

(إيلات) جاءت للمياه بزهوها
ظنت شكيمة عزمنا بتخرقِ

ومضت تدنس حرمة لمياهنا
بالبحر في ميل بكبر تمنطقِ

وكست نواحيها كساء تجبر
وتبختر أودى لحتف مغرقِ

كان الأشاوس من حماة ثغورنا
بالبر بالرصد الدقيق المحدقِ

بالمجرم المختال لاقى ذلة
بقذائف التدمير فورا ترتقي

جوا تجاه (أثيمة) لعدونا
جاءت إلينا بالعتو المسبقِ

فإذا القذائف بانطلاق إبائها
تنهال بالفتك الشديد المطبقِ

شقت شقوقا باللهيب وأصبحت
أشلاء صلب بالجحيم مرققِ

وثوت بقاع البحر تمخر متنها
حيتان نخر في مهانة مغرقِ

الله أكبر قد رماها ربنا
بالموت جهرا بالأتون المحرقِ

ونمت لدينا صحوة وعزيمة
لبلوغ نصر باهر مستوثقِ

من نور تاريخ عريق مسفر
فذ جميل رائع مترقرقِ

ونهوض جيش من دياجي نكسة
كانت إفاقة مصرنا بتذوق

لحلاوة الإيمان عمت قلبنا
بسمو شعب مبدع متفوقِ

كانت مدمرة الضلالة موعدا
للفخر في وقت عصيب مقلقِ

وأنا صغير كنت أرسم شكلها
في حصة الرسم الجميل المورقِ

ومدرس الرسم البهي ببهجة
يروي بطولات بأحسن منطقِ

ويداه تحمل علبة في طيها
ألوان رسم في أناقة مستقِ

من نهر إنجاز البطولات التي
بنخاع أبطال بعزم مطلقِ

والبحر من يده أمام عيوننا
بالفصل باللون الوقور الأزرقِ

وجنود صهيون بصبوة سخفهم
بحصينة الخيلا بمكر تسلقِ

حتى أتاهم بالجسارة بأسنا
ينساب فيهم في تخوم تشققِ

ورسمت ذلك بالسرور معلقا
ذاك التميز في حنين تعلقي

ذكرى تمر بها المعاني أقبلت
بمزيد تحناني ومحض تشوقي

يا مصر هبي بالحضارة إننا
أرض التحضر بالسياق المنطقي

صونوا مراتع دولة عصرية
فيها الجمال بالانسجام الشيقِ

ودعوا الخلافات التي بمرائها
صرنا بجب باللجاجة ضيقِ

والماء أمسى نادرا في نيله
كالموت يزحف باتجاه المخفقِ

والكل يمضي بالتخبط أينما
سارت مراكبه بنهج معوقِ

وكأن مصر بضاعة في سوقهم
بيعت ببخس في خبيث تسوقِ

تحيا حياة البائسين وأهلها
بنهى الفتون بويلها المتفتقِ

وكأن فكر الناس أضحى تائها
بزقاق وعي بالتقاتل مغلقِ

بتنا حكاية كل يوم ذكرنا
بفم الأنام بمغرب وبمشرقِ

وأنا بشيب العارضين بلحيتي
شابت مروج بانتحاب مصعقِ

فالناس في مصر الحبيبة أصبحوا
في تيه آلام رهيب الدورقِ

في يم أحداث بفوضى عيشهم
ما بين ترهيب وبين تملقِ

ممجوج كرب بالرزايا أقبلت
في ويل أخطار بأعتى بيرقِ

والنيل يشتاق الحياة مجددا
والماء يحمل ركبهم بالزورقِ

فلقد تعسرت الأمور جميعها
حتى قبعنا في منازل مأزقِ

مصر الأبية باحتياج قيادة
مثلى تؤسس سعيها لتفوقِ

يا يوم إيلات العتيد فؤادنا
يهفو لفخرك في سؤال مدققِ

فمتى نوجه وجهنا لحبيبة
تحيا بشر تحزب وتمزقِ

ومتى نكون تجاهها في رأفة
بخشوع قلب للمهيمن متقِ

صلى الإله على النبي وآله
خير الأنام الهاشمي الأعرقِ !

شعر:صبري صبري