أتُرَى سَيَنْبُتُ يَا عِرَاقُ مِنَ الطَّوَى
وَمِنَ الأسَـــــى مَا ذَاقَــــهُ الأوْلاَدُ؟
*
فِي كُلِّ شِبْـرٍ قِصَّــــةٌ وَ ضَحِيَّــــةٌ
يَالَيْتَهَـــــا لَمْ تُخْلَــــــقِ الأَجْسَــــادُ
*
الجُـــوعُ يْنْبُتُ كُلّ يَــوْمٍ ضَاحِكًــا
وَيَقُـــودُنَـــا بِسِيَاطِـــــهِ الجَـــــلاَّدُ
*
وَالسِّجْــنُ أمِّــي لَوْ رَأيْتِ ظَـلاَمَـهُ
وَعَـذَابَــــــهُ لَتَفَجَّــــرَتْ أكْبَــــــادُ
*
الأرْضُ مَاتَتْ مَا هُنَـــالِكَ زَهْــرَةٌ
أوْ بَسْمَــــةٌ مَا خَانَهَـــــا الأحْفَـــادُ
*
لَكِنَّهُـــمْ تَحْتَ التُّــــرَابِ تَجَمَّعُـــوا
كَيْ لاَ تَضِيـــعَ وَ يَنْتَهِــي الأجْـدَادُ
*
أطْفَالُنَــــا مِثْلَ الطُّيُــــورِ فَرِيسَـــةٌ
تَجْــرِي وَ يُطْلِــقُ خَلْفَهَـا الصَّيَــادُ
*
حَتَّى المَسَـاجِـــدُ لَمْ تَعُــدْ كَحَدِيقَــةٍ
وَكَـأنَّنَـــــا فِي غَـــابَــــةٍ آسَــــــادُ
*
هَذِي القُبُــورُ مِنَ المَجَاعَــةِ أنْبَتَتْ
شَوْكَ الأسَـــى وَ تَجَــذَّرَتْ أحْقَـادُ

" فَلُوجَـــةٌ " وَقَفَتْ بِكُلِّ جِرَاحِـهَــا
أتُبَـــــادُ فَـوْقَ دِمَائِهَـــــا وَ تُبَـــــادُ ؟
*
" فَلُوجَـــةٌ " لاَ لَمْ تَـزَلْ بِرجَـالِهَـا 
وَنِسـَـائِهَـــــا تَتَعَــانَــــقُ الأمْجَـــادُ
*
قَدْ أوْقَدَ الظِّــــلُّ الخَبِـيثُ بِجَـــذْوَةٍ
لِيُذِيقَهَـــــــا أوْ رُبَّمَـــــــا تَنْقَــــــادُ
*
لَكِنَّهَـــــا بِشُمُوخِـــهَـــــا يَا أمَّتِـــي
قَدْ آثَـــرَتْ أنْ تُشْتَــرَى الأصْفَــادُ
*
مَازَالَ يَرْسُمُهَـا الجَبَـــانُ بِنَظْـــرَةٍ
مِنْ خَلْفِهَــــا كَـمْ يُشْنَــــقُ العُبَّــــادُ ؟
*
يَالَيْتَنِـــــي قَدَّمْتُ لَحْمِــــي لِلَّـــذِي
مَازَالَ يَأْكُــــلُ لَحْمَـــــهُ الأوْغَــادُ
*
إنِّي لِأحْلُـــــمُ أنْ أكُــــونَ فَرِيسَــةً 
بَيْنَ الجِيَـــــاعِ وَ تُوقَــدُ الأعْـــوَادُ
*
لَهْفِـــي عَلَى ذَاكَ اليَتِيـــــمِ بِلَهْفَـــةٍ
يَجْرِي وَ يَسْـــأَلُ تُؤْكَــلُ الأجْسَــادُ
*
أنَا يَا عِرَاقُ وَ كَمْ تَعِبْتُ مِنَ الأسَى
فَمَتَـــى سَتَنْبُتُ بَيْنَنَـــــا الأعْيَـــــادُ ؟
محمد الصالح بن يغلة-الجزائر