رنَّ الجَرَسُ عندَ الصبحِ
فمددت يدي كي أسكتهُ
لكنَّ يَدِي لمْ تتحركْ
جَمَدَتْ جنبي
فوقَ فِراشي
رنّ الجَّرَسُ دون هوادة
فأمرتُ يدي
أمراً آخرْ
لم تتجاوبْ
لم تفعلْ شيئاً يُذْكَرْ
حتى جَسَدي
كلُّ ما فيهِ
يَتَمَرَدُ ضِدّي
فبقيت أسير سريري
صرت غريبا في جسدى
فليقنع كلي
بالموجود الجامد
وليجري الزمن
دون وجودي
هذي القصة قصة موتي
قصة بُعدي عن أوطاني
* *
َأصبحت اليوم غريباً
في وطني
أصبحت اليوم بعيدا عن بلدي
أين الوطن الغالي الغالي
أين الوطن الذائد عني
من بَعدَكَ،
يا وطني،
يحميني؟
من ينثر فوقي
عبقَ الزهرِ
من يرسم لي
صُوَرَ النخلِ
حتى النخلُ مات كمداً
في برثان الخطأ القاتلْ
حرب تمحي حتى اليابس،
عطشُ الحقلِ
الغَدِقِ
المالحْ،
نسيان النخل بشكل كاملْ
من يرويني عند العطشِ
والماء صار دماً أحمرْ
صار الجسد بالتفجيرِ
بالتهجيرِ
بالقتل الأعشى المتعمدْ
قطعا تتطاير في كلِّ صوبٍ
من فعل الحقدِ
الأعمى
الأسودْ
* *
َأصبحت اليوم غريباً
عن وطنٍ
فيه رأيت الدنيا
نورا يسطع في كل العالمْ
أين الآنَ وطني الغالي ؟
اين الورد الجوري الأحمرْ ؟
أين الوجه الحلو الأسمرْ؟
أين القلب الصافي بالخيراتِ؟
أين القيمة للعمل الصالحْ ؟
أين الصدقُ؟
أين صديق العمر المخلصْ ؟
أين الآمر بالمعروفِ؟
أين الناهي ضدَّ المنكرْ؟
صار القتل ضمن الجدولْ
صار ضد الشعب الأعزلْ
أين جُنَيناتُ الوطنِ الحلوةْ
حلّتَْ محلَّ الوردِ
قمامةْ
تم تبديل الشجر الأخضرْ
بالإسمنتِ
صار الوطن سجنا أكبرْ
* *
ماذا أفعل؟
ماذا أنصح غيريَ أن يفعلْ؟
هل ابقى مسجونَ الآهاتِ
أذرف دمعاً
أجتر من ماضيّي ذكرى
أملأ قلبي بالأحزانِ
أتسآلُ
عن بغدادٍ ذهبتْ
كي ترقد
في أحضان الماضي
أتألمُ
من بُعدي عن وطني الدامي
أبحث في وطني
عن وطن آخرْ
أبحث عن شعبٍ آخرْ
غير الشعب الخائرْ
أين الشعبُ
الصلبُ
الصابرْ
أين وطن الصدِّ
الثائرْ
ضد الجورِ
والذبحِ
الأعمى
ضد تمزيق الوطنِ
الواحدْ
* *
ماذا أفعل؟
ماذا أنصح غيري أن يفعل؟
لا بد إذا يا أحبابي
أن تتحرك،
عند الصبح، يدي
لا بد من تنفيذ أمري
أن يسكت هذا الجرس المزعجْ
كي أحيا بعد رقادي
لأمارس يوميا عملي الأصغرْ
لأمارس دوما عملي الأكبرْ
مع من يعشق هذا الوطنِ
أن تمسك أيدي السمر بعضا
أن تتوحد كل الأطيافِ
نورا يلغي
من دنيانا
أي كابوسٍ يأتينا
يعمل من أجل الجيل الآتي
ليرى وطنا
دفن الشرَّ
ويرى شعبا
يبني حضارةْ
كحضارة سومرَ
أو بابلْ
ويرى الزرع الأخضرَ
ينمو
ويرى الزهر المضوعَ
يزهو
في كل شبر
من وطني الأخضرْ
في دربٍ يعبقُ بالوردِ
نحو القمر العالي العالي
نحو الدفئ
نحو النورِ
عند الفجرِ
شعر:عبدالحسين نوري