(صرخة الزّلزال)

يــا ربّ إنَّ قـــلـــوبَـــنــا تـــتـــفـــطَّــرُ ولـظى الأسـى بـصدورنـا يـتسـعَّـرُ

والــدَّمعُ سـال فـمـا لــه مِــن مُــمـسِــكٍ وغــدا كــقــطــرٍ دافـــقٍ يـتـحـــدَّرُ

والحـزنُ كـالـبــركـان فــي فـــوَرانـــهِ ويــكــادُ فـي أحــشــائِــنـا يـتـفـجَّــرُ

قـد أطـلـق الـزّلـزالُ وحـشًـا مــرعــبًـا بـادي الـنَّـواجــذِ فـاتــكًـا يـتـبـخـتـرُ

فـأتى عـلـى الأرواحِ يـحـصــدهـا بـلا ريْـــثٍ ويـسـقــيـهـا الـرَّدى ويُـتـبِّـرُ

وأتى عـلى الـبُـنـيـانِ يَـهْــدِمُ صــرحَـه فــإذا الــبــيــوتُ مــقــابـرٌ تـتـأطَّــرُ

وإذا الحـيـارى الـتَّــائــهــون قـــوافــلٌ كـــلٌّ عــلــى أحـــبــابــهِ يـتـحـسَّــرُ

في طَــرفـةٍ لـلـعَـيْــنِ حـالـتْ حـالُـهـمْ وتـغـيَّـرتْ، والـخـطـبُ لا يـتـغــيَّـرُ

كـمْ مِـن شـيـوخٍ كـابــدوا بـأنــيــنـهـمْ وجـعَ الـمُـصابِ ولا طـبـيـبٌ يَجـبُرُ

كمْ مِـن نساءٍ تحـت صخـرٍ كالـرَّحى ولْـوَلْـن لـكـنْ لـيـس صـوتٌ يَـعـبُـرُ

كــمْ مِـن رضـيـعٍ عـاف ثـديًـا بـاردًا ما كــان عـن أنـسـاغِـهِ يـتـصــبَّـــرُ

فــالأمُّ أوْدَتْ والــلِّــســانُ مــكــبَّـــلٌ والـبـطـنُ خـــاوٍ دونــهـا يـتـضـــوَّرُ

كـمْ مِـن فـقـيــرٍ كــان يـشـكـو بـثَّـه فــدهــاه فـي الـزّلــزال هَـــمٌّ أكـبَــرُ

والـلَّـيْـلُ طـال ولـيس مِـن مـتـبـرِّعٍ يـأسـو الـجـــراحَ ولا أخٌ يـــتـــأثَّــرُ

كانـت مشاهـدَ لـوْ هَـوَتْ في ثِـقْـلها فــوق الـجــبــالِ فــإنَّـهــا تـتـبـعـثـرُ

كانت مناظرَ أرعـبتْ في هَـوْلها الــــــــثَّــقـلــيْـنِ والـوحـشَ الَّـذي يـتـنـمَّـرُ

فهناك حيث الـموتُ أنشـبَ ظُـفْـرَهُ وتصعَّـد الـنَّـفَسُ الـضَّعيفُ يُغـرغِـرُ

لهـفي علـيهم مَـن يُـداوي بُـؤسَهـمْ؟ مَـن يـكـفَـلُ الأيْــتـامَ فـيــهـمْ قُــصَّـرُ؟

مَـن ذا يـردُّ الـبـردَ عـنهـم والأذى والـجـسـمُ عــارٍ بـالــفـضا يــتــدثَّـرُ؟

مَـن ذا يُـؤاويهِـمْ ويجـبُـرُ كَسرَهُـمْ ويـعــيــدُ بـسـمـةَ طــفـلــةٍ تـتـبـخَّـرُ؟

واضيْـعـةَ الإنسانِ إنْ لـمْ يكـتـرثْ أو ظــلَّ فـي جَــبَـــروتِــهِ يـتـكـبَّــرُ

واضيعةَ الإنسانِ إنْ لـمْ يـنـتـفِـضْ فـيـغـيـثَ مَـن يشكـو ومَـن يـتـعـثَّـرُ

واضيْـعـةَ الإنسانِ إنْ فـنِـيَـتْ بـهِ روحُ الـمـشاعـرِ فـانـبـرى يـتـنـكَّـرُ

قـد سُـمِّـي الإنـسـانُ إنـسـانًـا بـما يَهـمي به الأنسُ الجـمـيـلُ ويَـقـطـرُ

محمد عصام علوش
15/2/2023م