سفينة المجتمع عندما يتخلى عنها أصحابها
د. صالح نصيرات
في كل مجلس –تقريبا- نسمع تشكيا مريرا من قبل عامة الناس من الظروف المعيشية وانحدارالأخلاق والتخلي عن المسؤولية الاجتماعية تجاه الوطن. وينطلق اللوم على الآخر. ولم أسمع أحدا –إلا القليل- يلوم نفسه أو يقدم حلا يساهم فيه، بل في معظم الأحيان نجد أن عامتنا ينتظر حلا " فوقيا" إما من عند الله سبحانه وتعالى بالدعاء والدعوة إلى الإستغفار والناس يقيمون على حالهم لاتتبدل ولاتتغير. أو حلا من قبل الحكومة التي نضع عليها كل اللوم فيما آلت إليه حياتنا. 
فهل يمكن انتظار الحلول الربانية أو الحكومية ولم نغير من سلوكنا الذي هو نتاج إيماننا بالله سبحانه وتعالى؟ هل من المعقول أن نجلس في المساجد أو في بيوتنا نستغفر الله  سبحانه وتعالى ونحن نرى الظروف من حولنا تزداد سوءا؟ 
لماذا لا نتدبر في قوله تعلى "إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" أيضا؟ 
لماذ لانقرأ قوله تعالى "ما أصابك من حسنة فمن الله وما اصابك من سيئة فمن نفسك"؟ لماذا نتعامل مع القرآن الكريم تعاملا انتقائيا نختار منه ما يفيد بأن مسؤوليتنا لاتتعدى مجرد النطق بالكلمات؟
فهل من المعقول أن الله سبحانه وتعالى سيغيّر حالنا ونحن نعفي أنفسنا من المسؤولية الفردية أوالجماعية؟
لماذا لا نجترح الحلول ونفكر بالمبادرات الفردية و الجماعية التي هي العمل المثمر الذي سيوصلنا إلى حال افضل مما نحن عليه؟
هل مانراه من مشكلات بيئية واجتماعية واقتصادية يمكن أن تحل دون أن نتعاون ونبث روح العمل والتكافل الحقيقي؟
هل يصعب علينا أن نبادر على مستوى الحيّ أن نتعاون لتنظيفه من مروجي المخدرات وننظفه من القاذورات التي تملأ شوارعنا؟ لماذا لا نكون اصحاب ضمير حيّ فنذهب في نزهاتنا ورحلاتنا ونكون قدوة للآخرين في المحافظة على جمال بلدنا؟
هل من المعقول أن نترك ابنائنا يموتون على الطرق دون أن نربيهم على احترام حياتهم وحياة الآخرين؟
هذه الأسئلة يجيب عليها كثيرون منا بشكل يثير الشفقة. فنظافة الحي او المنتزه أو المناطق السياحية مسؤولية الدولة فقط. وكل مايقع على هذه الأرض سببه تربية سيئة في المدارس والبيوت لأن الدولة لم تقم بواجيها في تعليمنا الطرق الأمثل لحياة أجمل وافضل؟
هل تخلي الأب عن مسؤولياته تعفي الأم والأبناء عن القيام بواجبهم تجاه اسرتهم وأنفسهم؟  
هل عدم تطبيق القانون تطبيقا كاملا يعفينا من مسؤولية التناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
هل تقصير البلديات أو المؤسسات الحكومية يعفينا من مسؤوليتنا الوطنية؟
لماذا لانستفيد من الخدمات وإن كانت قليلة في تحسين ظروف حياتنا؟ لماذا نختار أن نقطع الشارع ونعرّض أنفسنا للخطر ولانصعد الجسر الذي بنته الدولة؟ لماذا نفضّل وضع القمامة خارج الحاوية الموجودة على بعد أمتار منا؟  هل قيام بعض المواطنين غير المسؤولين ببعض الممارسات  غير الملائمة تعفينا من القيام بواجب الاتصال بالجهات المعنية من أجل تصويب الأخطاء؟ لماذا نغلق الشوارع في أفراحنا وأتراحنا دون مراعاة لحقوق الناس ثم بعد ذلك نلوم الدولة على عدم تطبيق القانون علينا؟
لماذا نترك وسائل المواصلات إلى "سائقين متهورين وشباب طائش" دون أن نقوم بواجبنا تجا هذه السلوكيات الخاطئة؟
لماذا لا نعترف بأننا نجبن عن مجرد التواصل مع الجهات المعنية خشية انتقام جارنا الذي يغلق الشارع بالحجارة و الرمل والأتربة ؟
لماذا لانعترف بأننا نعيش حالة حقيقية من اللامبالاة تجاه مايجري من حوولنا ونحن نستطيع حل كثير من مشكلاتنا؟
هل تظنون أن المواطنين في الدول المتقدمة يجلسون في بيوتهم ينتظرون من حكوماتهم حل مشكلاتهم؟ المواطنون ينظمون أنفسهم في جمعيات محلية وجماعات قانونية لتنظيف الأحياء من مروجي المخدرات والفاسدين واللصوص ولنا فيما فعله الشباب المسلم في مدن أمريكية كثيرة القدوة رغم كل إمكانيات الدولة العظيمة؟
كم منا يتواصل مع المسؤول المحلي أو الحاكم الإداري ويصبر على ذلك لتحقيق مصلحة عامة؟ 
 هل يناقش الناس في منتدياتهم ومضافاتهم ومساجدهم  وأماكن تجمعهم ماذا عليهم أن يفعلوا تجاه مجتمعهم الصغير في الحي أو القرية؟
ماذا تفعل النقابات و الأحزاب والجماعات تجاه توعية المجتمع بدوره في بناء حياة أفضل؟ لماذا تعزز تلك الأحزاب و الجماعات فكرة أن حل مشكلاتنا يأتي "من فوق" وليس منا نحن؟
النجاحات الكبيرة نتاج تراكمي لنجاحات صغيرة!