دروس من مجزرة نيوزيلاندا
المجزرة التي وقعت على إخواننا المسلمين في نيوزيلندا أمس ليست الأولى ونسأل المولى عزوجل أن تكون الأخيرة، وأن يحفظ إخواننا المسلمين في كل مكان. ولأن لكل واقعة أو حدث أسباب ونتائج، فإنه من الضروري أن نتدبر في أمر هذه الجريمة الأليمة وما يمكن أن نستفيد منها حتى لاتتكرر بإذن الله.
الدرس الأول 
هو أن هذا الدين وانتشاره يغيظ كثيرين ممن لايدركون سماحة هذا الدين وسلميّته وأنه لم يأت ليهدد مصالح العباد، ولا ليكره أحدا على اعتناقه، ولا ليكون "شعارا" للقتل و التدمير. وهذا يحمّل كل مسلم مسؤولية عظيمة أولها فهم دينه فهما سليما صحيحا بعيدا عن الفهم الذي اختلقه لنا بعض الجهلة والموتورين الذين يعتقدون –جهلا- بأن هذا الدين جاء للقتل والذبح كما ينقل هؤلاء من خلال حديث جاء في ظرف معين وفي وقت محدد عندما قام نفر من المشركين بمحاولة خنق الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد جاء القرآن ليؤكد حقيقة مهمة وهي أن المخالفة في الدين لاتعني القتل مطلقا "فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولايرد بأسه عن القوم المجرمين".
الدرس الثاني
 أننا أمة رسالة جاءت استمرارا لرسالات الأنبياء عليهم السلام. فلنا صلات بهؤلاء الأنبياء وأتباعهم، فلنعظّم هذا المشترك، ولنعلم أن رسالة التوحيد لها هدف اسم ألا وهو إخراج الناس من جور الأديان إلى سماحة الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة. ولم تأت هذه الدعوة للقتل أو رد الإساءة بالإساءة خصوصا في الأمور الفردية "ولاتستوي الحسنة ولا السيئة. ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌّ حميم". وهذا لايعني مطلقا القبول بالدنية، ولا التهاون مع العدو الصائل، بل المقصود في المعاملات مع الناس المسالمين وليس مع المحارب الذي بغى على ديار الإسلام و المسلمين. وحتى مع العدو الباغي فإن للتعامل معه قواعد واصول أهمها عدم التمثيل وعدم قتل الأطفال و النساء وعدم حرق البلاد أو التعامل بمبدأ"العقاب الجماعي".
الدرس الثالث
 هو أن في العالم اقوام من ملل ونحل لايعرفون الإسلام إلا من خلال وسائل الإعلام المتحيزة ضد الإسلام و المسلمين. وهؤلاء كثيرون جدا وهم الغالبية العظمى من غير المسلمين. ومهمتنا هي البلاغ بالكلمة الطيبة والقدوة الحسنة والابتعاد عن تفسيرات وتأويلات تعسّر دين الله على الناس، وتبدأ بالاقل أهمية على حساب الأهم.
الدرس الرابع
في العالم ايضا أقوام محايدون ولهم مواقف إيجابية من الإسلام والمسلمين. وغالبا هذه المواقف الإيجابية جاءت من مواقف أخلاقية من قبل المسلمين. فالمعاملة الطيبة أبلغ من كل كلام لايقترن بعمل طيب، فديننا حث على التسامح والإخاء الإنساني الحقيقي وعدم التمييز بين الناس على أسس لاخيار للإنسان فيها كاللون أو اللسان أو القومية والتفاضل بالتقوى.
الدرس الخامس
في مثل هذه المواقف لنكن "إيجابيين" ولاتخرجنا العواطف عن التأمل و التفكر في مآلات ما نقول أو نفعل. فالمتربصون كثر ممن يبحثون عن زلات لسان لبعض المتعجلين أو الجهلة، ثم يطيرون بها خلال دقائق في الآفاق بعد أن يغيروا ويحرفوا. فلنحذر من ذلك وخصوصا الإخوة أئمة المساجد والمراكر الإسلامية والرموز الدينية للمسلمين من الوقوع في هكذا أخطاء.
الدرس السادس
 أن نبني تحالفات ونمد ايدينا لكل من يريد الخير لهذه الإنسانية، من افراد ومؤسسات. فالكثير منها متفاعل بشكل إيجابي مع المواقف الإنسانية، ولاتأخذنا العاطفة لنظلم فليكن العدل والإنصاف مع الآخر شعارنا. 
الدرس السابع
أن لانتعجل في ردود الأفعال. فالبلاد الغربية لها قوانينها، ولها اساليبها في التعامل مع الحياة. فالعمل الاجتماعي والسياسي له قواعده. وفهم تلك القواعد ضروري. فوسائل الضغط على السياسيين نافعة، والتواصل مع الإعلام مفيد، والتحرك كمواطنين لهم حقوقهم ضروري. وهذه الأدوات الموجودة في الغرب لابد من اتقان التعامل معها من قبل أبناء الجاليات، وعدم الزهد في العمل بل التدرب على هذه الاساليب لخدمة أبناء الجاليات وحفظ حقوقهم.
حفظ الله المسلمين في كل مكان ووفقهم للرشد والسداد

صالح نصير