يا باحِثينَ بِأَسْرارِ الْحَضاراتِ *** لا تَسْتَهينوا بِنا رَغْمَ الْمُعاناةِ
وَلا تَقولوا: رَعاعٌ، لا فِعالَ لَهُمْ *** كَمِ افْتَعَلْنا عَلى حُلْمٍ صِراعاتِ
وَكَمْ بَحَثْنا بِلا يَأْسٍ وَلا مَلَلٍ *** عَمَّا يُفَرِّقُ ما بَيْنَ الزَّعاماتِ
وَكَمْ صَنَعْنا خُصوماتٍ بِلا سَبَبٍ *** وَأَنْتَجَ الْجَهْلُ آلافَ الْخِلافاتِ
وَكَمْ زَرَعْنا بِأَطْفالٍ كَراهِيَةً *** لِيَحْصُدَ النَّشْءُ أَشْواكَ الْعَداواتِ
وَكَمْ مَدَحْنا، بِما الْمُخْتارُ ما مَدَحَتْ *** بِهِ الْفُحولُ، حُثالاتِ الْقِياداتِ
وَكَمْ رَسَمْنا كَجالوتٍ وَمَنْ صَبَروا *** عَلى الظَّما قَزَمًا قادَ الْعِصاباتِ
وَكَمْ نَحَتْنا تَماثيلًا لِمَنْ سَفَكوا *** دِماءَ أَحْلامِنا في خَيْرِ ساحاتِ
وَكَمْ بَنَيْنا صُروحًا مِنْ جَماجِمِنا *** لِلْحاكِمينَ بِأَمْرِ اللهِ وَاللّاتِ!
كُنّا قَبائِلَ وَالْإِسْلامُ وَحَّدَنا *** وَالْيَوْمَ عُدْنا إِلى عَصْرِ الْجَهالاتِ
صِرْنا طَوائِفَ لا شَيْءٌ يُجَمِّعُها *** إِلّا الْخُضوعُ لِأَرْبابِ النَّذالاتِ
مُنْذُ ابْتَدَأْنا بِتَقديسِ الزَّعيمِ هَوَتْ *** حَضارَةٌ جَمَّعَتْ خَيْرَ الْحَضاراتِ
يا باحِثينَ، وَبِالْأَبْحاثِ لي شَغَفٌ، *** شَرُّ النِّهاياتِ مِنْ شَرِّ الْبِداياتِ
____________________
جواد يونس