31 ديسمبر, 2024 لن يعقم التين والزيتون
لَنْ يَعْقُمَ التِّيْنُ والزَّيْتُوْنُ…
ربِّتْ بلُطفٍ على كِـــتْـفِ الــجـــراحاتِ
إذا روى ثـغــرُهـا بـــؤسَ الحـكــايـاتِ
وامسحْ على رأس صــبرِ النَّازفينَ أسَىً
بــدِفء أُنْـــسِكَ أو كَــــفِّ الــمُـواســاةِ
واعــزفْ عـلى وَتَـر الأوجــاع ملـحـمةً
تَــهــزُّ مـا مــاتَ مــن حِــسِّ المُؤاخــاةِ
وصُغْ دمَ الطّفل قنديـــــلاً تــضــيءُ به
دُجـــى الـــحيــــاةِ وقد أفضى لجَنَّـاتِ
…هنا بـغزَّةَ أنَّــى سِــــرتَ تلـــقَ شــذا
دمٍ يــفــوحُ عـبـــيــراً بــيــن جُــثَّــاتِ
غـــدا ثــــراهـــا ســمـــاءً والشهيدُ بدا
شــمـسـاً تُـــوزِّعُ إشــراقَ الصَّــباحاتِ
..إنْ يقتُلوا حاملاً مـــفــتــاحَ عودتـــه
فـلـيَــرقُــبــوا بعــدُ آلافَ الـــوِلاداتِ
لن يَعْقُمَ التِّينُ والـــزَّيــتــونُ فــي بلدٍ
تــرابُــهـــا حــامــلٌ سِــرَّ النُّـبــوءاتِ
وغَـــــزَّةٌ غُــرَّةٌ فــــي هـــامِ أمــتـــنـا
وعِـــزَّةٌ شــيَّــدتْ لــلــنَّصــر رايــاتِ
إنْ حَاصروها وعنها الرِّيحَ قد حَجَبُوا
فالشَّـمــسُ تُطـعــم ضَوءاً للــبَرِيَّـــاتِ
أو باعد البَيْنُ عـنــها جـسـمَنا فلـــهـا
حُـــبٌّ يُقــرِّبُ فــي الرُّوحِ المــسافاتِ
..يروي فمُ المجد عـن سُكَّانها قصصاً
حـــروفُها لـــم تــكــنْ في الأبجـديَّاتِ
فتعصُرُ الطُّهرَ حــبراً كـــي تخُــطَّ بـــه
على جبيـــن العُــلا سِــفْــرَ البطولات
بها الــشــهيـدُ ارتدى الإحرامَ ثوبَ دمٍ
كـــأنـهـا أصـبـــحتْ أرضـــاً لمِـيقـــاتِ
لا يُثكِلُ الأمَّ فَــقْــدٌ للولــيــد فَــقَــــدْ
بــذَّتْــهُ تــنـعُــمُ في عــدنٍ ورَوضاتِ
والطِّفلُ من مَهده يــحــبو وفــي يـده
حــجـــارةٌ أرهــبــتْ جيشَ الخُرافاتِ
…بَـنَوْا جــداراً ذكيّاً حـسْب ما زعموا
فــكـــان أحــقـــرَ مــن كُـلّ التَّفاهاتِ
كم أنــفقـوا سـنـواتٍ فيـه وافتخروا
فَـخَـــرَّ أوهــنَ مــن عُــش اليَماماتِ
قال العِدا: “جيشُنا لا شـيءَ يَـقــهَـرُه”
فـقلتُ: عـنه اسألوا سِربَ المِظَلَّاتِ..!
قالــوا: ســنبقى أســودَ البرِّ ..إنّ لــنا
عزَّ البحــار…نسـُـوا تدمــيرَ إيلاتِ..!؟
و”من فراتٍ إلى نِيْــل العُـروبــة” قد
بنَوْا حدوداً ولكنْ في الْخَـيـــالاتِ…!
والـغـرب قـالوا: نحـبُّ العدل إذ رفعوا
بــكــلِّ جـمـعٍ شِــعــاراتِ المســـاواةِ
قالوا: “حقـــوقٌ لإنـسانيةٍ” هـتــفـــوا:
“مع الــســلام” وكم ألقَوْا خطـاباتِ..!
فكيف يُـنسَــبُ للإنســان مَن خــنقوا
بــراعــمَ الحُلْمِ في مـهْد الرّضيعاتِ؟
وغزةُ اليومَ تحتَ القصف قد فضحَتْ
زيفَ ادِّعاءات مَن شادوا الحضاراتِ..!
قــصــفُ الـمشافي وقتلُ الأبرياء بهـا
جـــرائــمٌ أظــــهــرتْ إفْــكَ الشِّعاراتِ
جرائمٌ لــم تكــن عنـــد الــمَـغــولِ ولا
عــنــد الـتـتار ومَن خروا إلى الَّلاتِ..!
طــوفــانُ غزةَ والأقــصى روى أمـــلاً
يُـحـيـي علــى ثـغرثا حقلَ ابتـساماتِ
يبُــثَّ فـــألاً جــمــيــلاً بعـــد أزمــنــةٍ
بها تـــجــرَّعَ قـــلــبُ العُــرْبِ ويــلاتِ
فامدحْ رجالاً بها هامَ الــنُّـجــوم رقَوْا
وانـثر على الــسّمع نســرينَ الـعباراتِ
يا أيها المسجدُ الأقصى ابتسمْ وأفضْ
عـــلــى رُبا القدس أنـوارَ السّمــــواتِ
فأنت مسرى وأُولى القِبلتـــين وفـــي
ثـراكَ حشــرٌ ونــشـــــرٌ لــلــبَــريَّـــاتِ
يا غزَّةَ العـزِّ، لا تُصغي لمَن قــطـعــوا
بــمِــــنجَــل الــحقد أزهــارَ المـودَّات
ووَزّعي الــنـورَ فـي درب الظلام وإن
رأيـــتِ غــيـرَك يُــطفي ضوءَ مِشكاةِ
ولْتَعْمُري الحبَّ ولْتَسقي القلوبَ هـوَىً
وهــدَّمــي لــلورى صــرحَ العــداواتِ
هـَـبِي التّــسامحَ إلا للذيــــن بـــغَــوْا
عليــكِ ظـلمــاً فقولي: “يــا لَثــاراتِ”
إن عربدَ الــظــلـمُ وامتدَّ الأسى حِقَباً
فالنــصرُ لا شــكَّ يــزهو في النّهاياتِ
أو أسـبلَ الظلمُ دمعاً في الخدود فلن
يُـخــيّــبَ اللهُ للـشــــاكي ابتهـــالاتِ
وكـيــف يــهــنا بعيــشٍ من إليه أتتْ
سهــامُ ليـلٍ رقَــتْ حُجْـبَ السّموات؟
…إنْ يــزرعوا غرقداً حتى يُواريَهُـم
فالنَّـصــرُ يقــلعُ خُـبْثــاً للشُــجَـيراتِ
يَجتــثُّ جَـذرَ العِــدا من قلب أُمَّتِــنـا
ومــوتُ صُـهـيونَ يُنهي بؤسَ مأساةِ
..ستنتهي الحربُ والذكرى تُراود مَن
سـقى نُجومَ المسـا من طَرفه الشَّاتِ
وحزنُ يعقوبَ في الأقصى يَشَمُّ غداً
أريـــجَ يـــوســفَ يــأتي بالبِشــاراتِ
وســوف يـرسُـم شيخُ النخل بَسمتَهُ
مُـــلَــوِّحـــاً بازدهــــارٍ للــغـدِ الآتــي
ويـخــلـعُ الـصَّــدأَ المفتاحُ في شَغَفٍ
هــنا ســيحـضُــن أحـــلاماً بريــئاتِ
ويـنـثــرُ الــدَّهـرُ أزهاراً ويسكبُ في
بِيْـــدِ الأســى كوثراً يُنمي الـمسَرَّاتِ
ويعقبُ الليلَ فـجـــرٌ صــادقٌ وبــــه
سناً ســيجــلو عن القُدس الظُّلاماتِ
شعر: مصطفى قاسم عباس