*** قَدْ كَلِفْتُ لِأُمَّتِي ***
*******************
وَمِنَ المغَانِمِ بِالحَيَاةِ وَبِالمَمَاتْ

ألَّا تَمُوتَ كَمَا يَمُوتُ الإمَّعَاتْ
……
هِيَ مَيْتَةٌ لَابُدَّ بَالِغُهَا الفَتَى

لِمَ لَا تَكُوَنُ بِهَا دِمَاؤكَ مُدْرَجَاتْ
……
لِمَ لَا تَكُوَنُ لَهَا الثُّرَيَّا مَوْطِنًا

وَتَلُفُّ مَرْقَدَكَ النُّجُومُ النَّيِّرَاتْ
……
فَالمَوتُ نَعْرِفُهُ الخُرُوجَ مِنَ الدُّنَا

لَمْ يخْتَلِفْ فِيهِ السُّرَاةُ عَنِ الرُّعَاةْ(١
……
لَكِنْ يُعَزُّ المَرْءُ أنْ يَلْقَى الرَّدَى

وَهُوَ الكَمِيُّ يَفِلُّ أكْبَادَ الغُزَاةْ (٢)
……
وَهُوَ الأبِيُّ وَإنْ خَلَا مِنْ سَيْفِهِ

يَكْفِيْهِ بَعْضُ حِجَارَةٍ كَالرَّاجِمَاتْ
……
يَكْفِيْهِ لَوْ صَمَتَ العِبَادُ جَمِيْعُهُمْ

ثِقَةٌ بِرَبِّ الكَونِ مَوفُورِ الهِبَاتْ
……
لَا مِنْ فَرَاغٍ أنْ يَمُوتَ على هُدَى

وَيَظَلُّ مَوْطِنُهُ تَضُجُّ بِهِ الحَيَاةْ
……
أوَلَمْ تَرَ الشُّهَدَاءَ كَيفَ نَزُفُّهُمْ

في أرْضِ غَزَّةَ كُلَّ يَومٍ بِالمِئَاتْ
……
أرَأيْتُموا وَطَنًا خَلَا مِنْ أهْلِهِ

مَهْمَا اسْتَظَلَّ بِظِلِّهِ أعْتَى العُتَاةْ
……
أبَدًا سَيَرْحَلُ رُغْمَ أنْفٍ صَاغِرًا

وَيَظَلُّ نَاشِئُنَا بِذِي الأرضِ الهُدَاةْ
******
يَا مَنْ رَأى الدُّنْيَا بِرُؤيَةِ مُبْصِرٍ

كَيْفَ الحَيَاةُ إذَا خَلَتْ مِنْهَا الأُبَاةْ
……
كَيْفَ الحَيَاةُ إذَا الصَّبَاحُ مُعَتَّمٌ

وَاللَيْلُ تَذْبَحُهُ جَمِيْعُ القَاذِفَاتْ
……
وَأحَاطَكَ البُهْتَانُ مِنْ كُلِّ الدُّنا

مَا عُدْتَ تَدِرِي أيَّ أسْبَابِ النَّجَاةْ
……
لِلَّهِ يَا وَطَنُ اسْتُهِيْنَ بِأهْلِهِ

في كُلِّ زَاوِيَةٍ يَلُوكُ بِهِ الحُمَاةْ
……
أنَا مَا دَرَيْتُ عَنِ العُرُوبَةِ مُذْ نُعُو

مَةِ أظْفُرِي إلَّا كُلُومَ النَّائِحَاتْ
……
إلَّا اجْتِمَاعَاتٍ بِجَامِعَةِ الضَّنَى(٣)

لِتَذُرَّ بَعْضَ المِلْحِ في عَيْنِ البُكَاةْ
……
إلَّا هَوَى الزُّغَمَاءِ يَنْكَأُ حُرْحَنَا

وَيَزِيدُ بِالتَّطْبِيعِ شَاكِمَةَ العُدَاةْ (٤)
……
لِلَّهِ يَا وَطَنُ اسْتَبَدَّ بِهِ العَنَا

مَا عادَ يَشْفِيهِ عَقَاقِيْرُ الأُسَاةْ (ه)
……
مَا قَدْ شَهِدْنَا مَنْذُ أعْوَامٍ مَضَتْ

غَيْرَ التَّشَدُّقِ بِالوُعُودِ الكَاذِبَاتْ
……
غَيْرَ التَّخَنُّثِ عِنْدَ كُلِّ كَبِيرَةٍ

غَيْرَ التَّدَنِّي وَالحُلُولِ المُغْرِضَاتْ
……
يَا أُمَّةً نَزَفَتْ خَرِيْطَةُ عُمْرِهَا

فَاسْوَدَّ نَهْرُ النِّيلِ مِنْ ألَمِ الفُرَاتْ
……
وَأخُو الجَهَالَةِ بِالمَعَازِفِ مُغْرَمٌ

وَبِهِ التَّوَافِهُ طَوَّقَتْ وَالمُنْكَرَاتْ
……
يا أُمَّةً عَلَتِ الخُطُوبُ بِوَجْهِهَا

وَتَزَلَّفَتْ سُبَلَ المَنَاكِدَةِ العُصَاةْ
……
إنِّي بَرِئْتُ بِذِي القَصِيدَةِ مِنْكُموا

مَا لَمْ تَفِيقُوا قَبْلَ أنْ يَأْتِي الفَوَاتْ
******
يَا مَنْ لَهُ كُلُّ الخَلائِقِ تَرْتَجِي

وَتَبُثُّ في جَوفِ الليالِي مِنْ شَكَاةْ
……
إنِّي عُبَيْدٌ قَدْ كَلِفْتُ لِأُمَّتِي (٦)

وَلَقَدْ أتَيْتُكَ بِالأكُفِّ الضَّارِعَاتْ
……
وَلَقَدْ رَجَوتُكَ أنْ تُجَنِّبَ أُمَّتِي

هَذَا الهوَانَ وَأنْ تُجَلِّيْهَا السُّبَاتْ (٧)
*******************
شعر / مجدي الأزَّاز
الثلاثاء
3/9/2024
١: السُّرَاة: سَراة الناس نُخبتهم؛ سَراة القوم أشرافهم
(٢)الكَمِيُّ : الشجاع؛ لابس السلاح
(٣)جامعة الضَّنَى :جامعة الدول العربية
الضَّنَى : الضعف والهزال والمرض الشديد
(٤) شاكمة : من الشكيمة وهي حديدة توضع في فم الفرس من اللجام لِتحكم أمره
(٥) الأساة : الأطباء والمُداوون
(٦) كلفت : الكلِف شدة الحُب
(٧) يُجليها السباة :جلى الشئ كشفه
السُّباة : النَّوم