تخميس لأبيات من قصيدة فتح عمورية لأبي تمام.

داءُ ابن صهيونَ داءُ غيرُ مُنْسحبِ
إلا إذا صابَه كيٌّ مِنَ اللهَبِ
ما ذا يُعامُل بالأخلاقِ و الأدَبِ
و السيفُ أصدَقُ أنْباءً منَ الكُتُبِ
في حدهِ الحدُّ بين الجدِّ و اللَعِبِ

بالسيْفِ لا غيرَ نيْلُ العزِّ و الشرَفِ
إنّ صمَّ سمْعُ العدى عن مُبْلِغِ الصُحُفِ
فاُصدعْ به و هو في كِبْرٍ و في ترَفِ
بيضُ الصفائحِ لا سودُ الصحائفِ في
مُتونِهِنَّ جلاءُ الشكِّ و الريَبِ

كونوا بقوتكمْ كَرْبا و قارعةً
عليهِ لَمْ يولِ للإنْذارِ سامِعَةً
و لم تزل عينُه في الأرْضِ طامِعَةً
و العلمُ في شُهُبِ الأرماحِ لامِعَةً
بينَ الخميسيْنِ لا في السبعة الشُهُبِ

و ما للذة فتح الله من شبَهِ
و لا ارتشافةُ صَبٍّ من رُضابِ بَهي
فاُجعله شغلكَ عن دُنياكَ و انتبِهِ
فتْحُ الفتوحِ تعالى أن يُحيطَ به
نظمٌ منَ الشِعْرِ أو نثْرٌ مِنَ الخُطَبِ

الله في اللوحِ قبل الخلْقِ قدَّرها
للعاملين لها لا منْ يؤخّرُها
و جرّع النفْسَ فيها ما يكدّرُها
بصرتُ بالراحة الكُبرى فلمْ أرَها
تُنال إلا على جسْرٍ منَ التَعَبِ

و الآي كانت لذي البشرى مُصدقَّةً
و إن يقُل قائل ليست مُحققَةً
كقول ما الشمْسُ بعْدَ الليلِ مُشْرِقَةً
تخرُّصا و أحاديثا مُلفَّقَةً
ليستْ بنبعٍ إذا عُدّتْ و لا غَرَبِ

يهيّئ الله جيلا دأبهُم عَمَلُ
ما كان يكفيهمُ في عوْدها الأمَلُ
النَصْرُ يغريهمُ و الموْتُ و الأجَلُ
أمٌّ لهُمْ لو رجوا أن تُفتدى جعلوا
فداءها كلّ أمّ منهمُ و أبِ

الناسُ في عصرهِم لم يرفعوا السُفها
و لم يحطوا صِحاب العلْمِ و النُبها
ليفتحوا أرضهم مع طرد مقفلها
حتى إذا مخض الله السنين لها
مخض البخيلة كانت زبدة الحِقبِ

يقودهم خَيرهُمْ خَلْقا بخير زَمَنْ
من كان يصحبهُ تَحْت اللواءِ أمِنْ
يدُعى له بعْدَ إرجاعٍ لأرْضِ وَطَنْ
خليفة الله جازى الله سعيك عَنْ
جرثومة الدين و الإسلامِ و الحَسَبِ

يذكي المشاعل في عرس به طربت
أرض المعاد و كانت قبلُ قد خرِبتْ
و من دماء الأعادي كأسها شربتْ
حتى كأن جلابيبَ الدجى رغِبَتْ
عن لونها و كأنّ الشمسَ لمْ تغبِ

رجت خلودا بها أوهام غاصِبِها
و قومه و فرارا من صواحِبِها
كم أطربوا بعويل من نوادبِها
من بعد ما أشّبوها واثقين بها
و الله مفتاحُ بابِ المعقلِ الأشِبِ

مالك فرحات