البداية والنهاية

اِبْدَأْ فمُبْتَدَأُ الْكَلَامِ لهُ ضَمُ
وَالْكَسْرُ في عَقِبِ الْمُضافِ مُقَدَّمُ

عِنْدَ الْبِدايَةِ وَالْمَبَادِئِ تَنْجَلِي
صِفَةٌ فَتَرْفَعُهُ وَإِلَّا يُضْغَمُ

فأَعِدْ صِيَاغَةَ يَعْرُبٍ فِي مُعْرَبٍ
إنَّ المَوانِعَ دونَ مَجْدٍ تَجْثِمُ

آهٍ لجُرحٍ فيَّ غوْرٍ مُضْرمٍ
أَلِمَتْ جِراحي مِثلما أتَألَّمُ

أصْبَحْتُ قَصْعَةَ جائِعٍ مُسْتَشْرِسٍ
كُلُّ المَدائِنِ يُسْتَباحُ بِها دَمُ

فامسحْ دُموعَك فالعِدَى مِثلُ الرَّدَى
لا وقتَ للدَّمْعِ الهَتُونِ فَيُسْجِمُ

أَغْمِدْ دموعكَ في الْجُفُونِ تَصَبُّرًا
واسْتَلَّ سَيفَكَ لِلْعِدى فَلْيُرْغَمُوا

واسْلُكْ طَرِيقَ السَّيْفِ فَهْوَ مُمَجِّدٌ
وبِغَيْرِ مَسْلَكِهِ سَلَامٌ مُبْهَمُ

لا تَرْجُ عِنْدَ الْأُفْعُوَانِ سَلامَةً
فالطَّبْعُ يَهْدِمُ كُلَّ ما تَتَوَهَّمُ

رِفْقًا بِعَقْلِكَ لا تُحَرِّفْ نَهْجَهُ
إنَّ المَناهِجَ بالحِجَا تُسْتَفْهَمُ

وانْظُرْ لِألْفَاظٍ تَفَلَّتُ عُنْوَةً
في الْقَلْبِ مَكْنُونٌ فَيُفْلِتُهُ فَمُ

إِنَّ السَّلَامَ خَدِيعَةٌ في عَصْرِنَا
شَرَكٌ وقَيْدٌ ثُمَّ يَأتي المَأتَمُ

في وَسْطِهِ لِلْفِعْلِ “سَلَّ” مَكانَةٌ
ما زَادَ آلَامٌ وَنارٌ تُضْرَمُ

فَارْجِعْ لِمَا خَطَّ الْقَديرُ بِسِفْرِهِ
فَالْخَيْرَ وَالْخَبَرَ الْيَقِينَ يُتَرْجِمُ

فالْحِبْرُ يُكْمِلُ كُلَّ عَدْلٍ يُرْتَجَى
والسَّيْفُ يَصْفَعُ كُلَّ بَاغٍ يُجْرِمُ

فأَدِمْهُمَا فِي رَحْلِ كُلِّ مُسافِرٍ
نَحْوَ العُلا واعْصِ الْهَوَانَ تُكَرَّمُ

اِبْدَأْ فَكُلُّ بِدايَةٍ ترنو إلَى
قَدْرِ الْمَدَى عِنْدَ الْخِتامِ فَتُخْتَمُ

يوسف الغزالي 
– المغرب –