جوعٌ وراءَ القُضْبانِ
في بابِ سِجني وَقَفْتُ اليومَ مُضطربا
وصحتُ يا خلقُ هل من يُسْمِعُ الطّلبَا
مَنْ يَسْمَعُ اليومَ صوتًا غيرَ ذي طَرَبٍ
وهل لمُخْتنِقٍ أن يُتْقِنَ الطّرَبا ؟
صَوتي اخْتَفَى ولَهيبُ الظُّلمِ في كبِدي
واهتزّتِ اليومَ أضلاعي بكمْ غَضَبا
يا أيها العُرْبُ إني بعتُ تَسميَتي
ما عادَ في القلبِ عينٌ تنظرُ العَربا
مزقتمُ الوطنَ الغالي بفُرقتِكُم
عدوُّنا من دِمانا نخبَهُ شَرِبا
خريطةُ العُربِ باتتْ دونَ أروقةٍ
بحرٌ يجفُّ وهذا النفطُ قد نضَبا
غُثاءُ سيلٍ وربُّ العرشِ يرقبُكم
ساء الغثاءُ وساءَ الأمرُ مُنْقلَبا
أنا الأسيرُ وذي الأصفادُ تحضنُني
جسمٌ هزيلٌ وقلبٌ قد غدا إِرَبا
في ظلمةِ السجنِ يمضي اليومُ في سَنَةٍ
والنومُ هاجرَ من جَفنيّ قد هرَبا
فلا السريرُ سريرٌ في زنازنِنا
ولا الفراشُ وثيرٌ ظهرُنا احدَدَبا
طالتْ ليالي الجَوى والحَبسُ يقهرُنا
قهرُ الرجالِ يزيدُ الجَورَ والكُرَبا
في أرضِنا قد أقَضُّوها مضاجعَنا
في عُقرِ داري غدوتُ اليومَ مُغتَرِبا
كيفَ الخلاصُ وذي القضبانُ قد وقفَتْ
من عهدِ قارونَ تروي قصةً عجَبا
تُحيطُني وعيونُ الأسرِ تُحدِقُ بي
والقيدُ دامٍ وسيفي في القتالِ نَبا
أشتاقُ أمًّا بدمعِ العينِ تُغرقُني
من خلفِ لوحِ زجاجٍ قَلبُها صُلِبا
من مُقلتَيها رأيتُ البؤسَ يسحقُني
من وجنتَيها أرى الإشراقَ قدْ سُلبا
أُمّاهُ إنّي لحضنٍ منكِ ملتهِبٌ
فلْتطفئي بحنانِ الأمّ ذا اللّهبا
من طهرِ ثوبِكِ يا أمّاهُ قد وُلدَتْ
منابتُ الحقِّ تُنْمي سنبلاً ذَهَبا
ومن جبينِكِ في الآفاقِ قد سطعَتْ
شمسُ التحررِ تُثري النجمَ والشّهُبا
كم قد حلُمتُ بخيطِ الشمسِ يُدفِئُني
وشوقُ نفسي لذا الشباكِ قد غَلَبا
لساحةِ الدارِ والأزهارُ يانعةٌ
لطائرِ العشِّ والفخِّ الذي نُصِبا
يا أمُّ أهدرْتُ في سجني ضِيا عُمُري
ضاع الصِّبا وشبابي كالرمادِ خَبا
لكنّني لنْ أكونَ اليومَ مكتئبًا
أخوضُ معركتي والنصرُ قد قَرُبا
أمعائيَ اليومَ تحوي جُلَّ أسلِحَتي
للجوعِ أمّاهُ بتُّ اليومَ مُنتسِبا
أنا الذي قدْ بكاني الموتُ منْ ألمِي
وماردُ الجوعِ في أمعائيَ انتصَبا
أمّاهُ لا تجزَعي فالصّبرُ من شِيَمِي
سيوفُ قومي غدتْ من ضَعفِهمْ خشَبا
أجوعُ ملءَ فؤادي علّ موعدَنا
نصرٌ منَ اللهِ أو موتٌ قد انكتبا
حُريتي اليومَ باتتْ نُصْبَ أوْرِدَتي
سأشتريها وذا التاريخُ قد كَتَبا
هاتي يديكِ أيا أمّي أقَبّلُها
منْ نسجِها أخرجَتْ أبطالَنا النُّجُبا
ريما البرغوثي