هيَ رَعْشَةُ المَوت

يَا صَاحِبِي في كُلِّ أنْحَاءِ الدُّنا

لِمَ لمْ تُجِبْ عِندَ البَلاءِ مَنِ انْفَطَرْ

هَلْ جَفَّفَتْ تِلْكَ الحُدُودُ مُرُوءَةً

أمْ أنَّهُ الإنْسَانُ أصْبَحَ مِنْ حَجَرْ

سَبْعٌ مِنَ الأيَّامِ مرَّتْ وَانْقَضَتْ

تَحْتَ الرُّكَامِ وَلَمْ يُجِبْ بِالأرْضِ حُرْ

……..
يا صَاحِبِي وَدَمُ العُرُوبَةِ في دَمِي

قَدْ خَابَ ظَنِّي حِينَ قُلْتُ لَقَدْ عَبَرْ

لَمْ تُعْيِةِ تِلْكَ الحُكُومَاتُ الَّتِي

كَمْ قَدْ أبَاحَتْ في دِمَائِي مَنْ كَفَرْ

سَبْعٌ عِجَافٌ وَانْتَظَرْتُكَ لَمْ أجِدْ

في نَكْبَتِي إلَّا كَلامًا مُفْتَخَرْ
……..
يا صَاحِبِي أوَلَمْ تُقَاسِمُنِي القَدِيدَ

وَتَحْتَسِي مِنْ عُمْقِ آلَامِي الكَدَرْ

أوَلَمْ تَقُلْ أنَّا مَعِينٌ وَاحِدٌ

يَجْرِي عَلَينَا مَا يَجُودُ بِهِ القَدَرْ

لَوْ حَطَّتِ الدُّنْيَا عَلَيْكَ بِأثْرِهَا

فَأنا المَلَاذُ وَلَا يَضُرَّكَ مِنْ خَطَرْ

فَلِمَا التّخَاذُلُ عِنْدَ مَا قَدْ زُلْزِلَتْ

أوْطَانُنَا وَبُيُوتُنَا صَارَتْ مُدَرْ

أطْفَالُنَا تَحْتَ الرُّكَامِ شُيُوخُنَا

وَشَبَابُنَا وَنِسَاؤُنَا لَا مِنْ خَبَرْ

هِيَ رَعْشَةُ المَوتِ الَّتِي قَدْ جَاوَزَتْ

عَزْمَ الحَيَارَى الهَارِبِينَ مِنَ الشَّرَرْ

مِنْ قَصْفِ حُكَّامِ النَّخَاسَةِ وَالهَوَى

عِشْرُونَ عَامًا كُلُّهَا كَانَتْ سَقَرْ

كَمْ مِنْ بِلَادٍ قَدْ تَرَكْنَا دِفْئهَا

وَإلَى الشَّتَاتِ جَمِيعُنَا يَشْكُو المَفَرْ

وَالخَوْفُ يأكُلُ بِالمَسِيرِ ضُلِوعَنَا

مَنْ لَمْ يَمُتْ بِالنَّارِ مَاتَ مِنَ الصِّرَرْ

فَإذَا اسّتَقَرَّتْ بِالأنِيْنِ قُلُوبُنَا

وَحَوَى الجِدَارُ لِكُلِّ آهَاتٍ وَمُرْ

فَإذِ الزَّلازِلُ كَشَّرَتْ أنْيَابَهَا

لَمْ تُبْقِ مِمَّنْ قَدْ تُحِبَّ وَلَا نَفَرْ

دَكَّتْ بِأنْفَاسِ العِبَادِ بُيُوتَهُمْ

لِمَ لَا أرَاكَ تُعِيرُ سَمْعًا أوْ بَصَرْ

أيْنَ العُهُودُ وَمَا قَطَعْتَ وَذِمَّةٌ

كُلُّ تَقَعْقَعَ كَالغُبَارِ المُنْتَشِرْ
……..
يَا صَاحِبِي تِلْكَ الحَياةُ كَؤُدَةٌ

واللهُ يَعْلَمُ مَنْ وَفَاكَ وَمَنْ غَدَرْ

يَا صَاحِبِي لَا تَأمَنَنَّ لِكَرْبِهَا

يَومًا وَلَا تُعْطِي وَلَاءَكَ لِلبَشَرْ

مَادُمْتَ في هَذَا الوُجُودِ فَلَا صَفَا

وُدٌ لِخِلٍّ تَرْفَعَنَّ بِهِ الضَّرَرْ

أوْ يَكْتَوِي يَومًا عَلَيْكَ فُؤَادُهُ

أوْ سَاعَةً يَأسَى عَلَيْكْ وَلَا ضَجَرْ

بَلْ قَدْ تَرَهُ يُمَصْمِصَنَّ شِفَاهَةُ

أسَفًا عَلَيْكَ وَقَدْ يَفِرُّ وَلَا أثَرْ

فالنَّاسُ أهْوَاءٌ وَتِلْكَ قُلُوبُهُمْ

مُتَقَلِّباتٌ بَينَ أهْوَاءِ الفِكَرْ

فاليَومَ يُمْطِرُ فيكَ كُلَّ وَفَائِهِ

وَ غَدًا يَلُوكَكَ كَالدُّمَى بَينَ الحُفَرْ

يا صَاحِبِي مَا حَكَّ جِلْدَكَ مِثْلُ

ظُفْرِكَ بِالحَيَاةِ وَلَا أرَاكَ بِمُعْتَبِرْ
…………………………….
شعر / مجدي الأزَّاز
الإثنين
13/2/2023