المجد للشهداء

جُــنَّ الـيراعُ وخــطَّ الـقـهرَ و الـغـضبا
كـالليثِ شـبَّ، عـلى صـدرِ الـعدى وثَبا

قــــد دثَّــر الــمـوتُ أرواحًـــا تـعـانـقهُ
والــدمـعُ مــارَ كـنـهرٍ بـالأسـى خُـضِـبا

والــجـرحُ يـلـهـبُ مـمـزوجًـا بـلـوعـتهِ
والــروح تـنـدبُ مــا بـالـزورِ قــد كُـتِبا

أرثــي الأعـاربَ مَـنْ ديـستْ كـرامتُهم
ولَّـى الـصهيلُ وأضـحى سيفُهمْ خشبا

فـي كـلِّ سـطرٍ من الـتاريخِ قد حملوا
حـقدًا و مـكرًا بـه قـد جـفَّفوا الـسحبا

مــا كــان يــدركُ بـعـضُ الـخَـلقِ أنَّـهـمُ
أذنــابُ بــاغٍ يــرى فـي بـؤسهِ الـعجَبا

فــارفـعْ جـبـيـنكَ لـلـعـلياءِ كــنْ بـطـلًا
واسـرجْ مـن البأسِ عزمًا جاوزَ الشهبا

وانـفـضْ هـوانًـا مـحا بـالوهمِ خـارطةً
لــهـا الـفـوارسُ أفـنَـوا عـمـرهم طـلـبا

جـادوا بـأسمى فـتوحاتٍ بها انقشعتْ
نـــارُ الـلـئـام، فـأضـحـى دأبُــهـمْ تـعـبا

هُــمُ الأشــاوسُ مــا خـارتْ عـزائـمُهمْ
قــد أيـنـعوا الـمـجدَ لا مـلـكًا ولا ذهـبا

مـن نـسلِ أحـمدنا الـمختار قـد بـرقتْ
كـلُّ الـسيوف تُريقُ الـرجسَ والـوصبا

تُــزيِّــنُ الــكـونَ رايــــاتٍ مـشـعـشـعةً
نـصـرًا مـجـيدًا بــه حــظُّ الـدنـا انـقلبا

لــن يـبـزغَ الـفـجرُ إلَّا بـالـذينَ مَـضَـوا
مــثـلَ الـصـقـورِ عـلـى أعـدائـهم لـهـبا

مـا أرهـبتهمْ نـوايا الـخبثِ بـل مَحَقتْ
تـلكَ الـرؤوسَ فـصارتْ لـلوغى حـطبا

تــبـدَّل الــدهـرُ واســـودَّتْ صـحـائـفُنا
لــمَّـا تـركـنـا عــلـى أرمـاحِـنـا الـعـطـبا

إنَّــــــا مــضـيـنـا لأهـــــواءٍ تُــراوغــنـا
كـنَّـا الـسـفينَ إذا مــا بـحرها اضـطربا

نـجـري عـلى حـممٍ أقـباسهُا احـتدمتْ
والـحـتفُ لاحَ بـثـوبِ الـغـدرِ، واقـتربا

كـيف الـنجاة؟ وعـينُ الـموتِ مُحْدِقَةٌ
كـم مـن سـفيهٍ مـتونَ الـعجزِ قد ركبا!

أرضــي يـؤرقـها الأوغــادُ مــذ نـزعـوا
وجـهَ الـحياءِ فـأضحى شـأْوُهمْ خَـرِبا

دارتْ عـلينا سـواقي العمرِ واضطربتْ
كـــلًُ الـبـقـاعِ. تُـشـيـع الـلـومَ والـعـتبا

يــا ثــورةَ الـريح هـبِّي فـي مـضاجعنا
وأيقظي الفجر وقت الصحو قد وجبا

كـونـي جـحيمًا لـمن بـاعوا ضـمائرهم
حـتّـام نـصـبر، نـبـع الـصـبر قــد نـضبا

تـجـلـجـلُ الأرضَ تـطـويـهـا بـواسـلُـها
وتـنـذرُ الـيـومَ مـن بـالصمتِ قـد رغـبا

مـــا مــاتَ عــزٌّ ولــو مـاتـتْ فـوارسـه
فـالـسيفُ أصـدقُ بـالأفـعالِ إن غَـضِبا

كـسـرى وقـيصرُ والـنمرودُ قـد هـلَكوا
كـــذاك قــارونُ لـــم يـهـنأْ بـمـا كـسَـبا

فـفـزْ بـدنـياكَ خــذْ مــن سـالـفٍ عِـظَةً
وكـنْ كـما الـماء يـطفي الحقدَ لو نشبا

لا تـخشَ جـورَ رحـى الأيـامِ إن عبثتْ
فـالعقلُ حـصنٌ يـصونُ الأصلَ والنسبا

تــلــك الــحـيـاة إذا مــاشـئـتَ، زائــلـةٌ
فـاجـعلْ فــؤادك مـثل الـبحرِ إن وهبا

ياسمين العابد