في رثاء العلامة
( يوسف القرضاوي)
رحمه الله

رُحماك ربي بشيخٍ كان يُتحفُنا
فيضاً مِن العلم في نورٍ من الكُتبِ
لبّى نداءً لربِّ الكون مبتسماً
والموتُ تحفتُه إن يأته يُجِبِ
فاضت مَدامعُ أحبابٍ له حَزناً
إنّ المصيبة في فَقدٍ مِن النُّخَبِ
قد كان شهماً بعلمٍ راسِخٍ جَزِلٍ
ما كان مَنهجُهُ بالزيغ واللعبِ
ما عاش إلا رديفَ العلم منبعُهُ
يُذكي العقولَ بفكرِ الكُمّلِ النّجُبِ
كم كان يسهرُ رغم الضّعف في بدَنٍ
للعلم يَجهَدُ لا في اللهوِ والطرَبِ
كم مِن مسائلَ حارَ العقلُ فكرتها
جاءت حلولُك” قرضاويُّ” بالعجبِ
قد طار صِيتُكَ في الدنيا كذي هِممٍ
تسقي العلوم لذي عُجمٍ مع العربِ
للحق تنهج في قولٍ وفي عَملٍ
لم تخش فيه مقالَ السوء والغضبِ
كم ناوَءوك لقول الحق في سَفهٍ
والظالمون مَضوا في الغيظ كاللهبِ
كم حاربوك مع التشويه في خبرٍ
كم طاردوك بأهوالٍ من الكُرَبِ
كنتَ الصريخ لأقوامٍ إذا ظُلِموا
والحاكمون طغوا والناسُ في التعَبِ
للقدس كنتَ نصيراً لا مثيل له
للحق تطلب، والمظلوم في نصَبِ
لو كنتَ تطمع في مالٍ ومُرتغَبٍ
أصبحتَ تسبَحُ في قصرٍ مِن الذهبِ
والحرُّ يصبر في تقوى تُقرِّبُهُ
نحو النعيم إلى الفردوس في رغبِ
تفنى الحياةُ بذُلٍّ رامَه سَفِهٌ
والعِلمُ يرفع أهلَ الحق كالشُّهبِ
هم يشمَتونَ بموتٍ أنت راغبهُ
فيه اللقاءُ بلا حُزنٍ ولا رهبِ
سارت علومُكَ في الدّنيا بأجمعها
والعمرُ يكبُرُ في علمٍ لمنتسِبِ
والخزيُ والعارُ لا ينفَكُّ عن أحدٍ
إن كان مَسلكُهُ في الظلم والكَذِبِ
علّامةُ العصر قد أتحَفتَنا قيَماً
فاجعله ربّي مع الأمجادِ ذي القُرَبِ

حمدان مصلح
30/9/2022