سَلَكْتُ التِّيهَ يوماً والشـِّـــــعابا
ونادمتُ الكــــــواكبَ والشهابا

ذكــــرتُ الدارَ والأحبابَ فيها
وجرحاً يفقدُ العقلَ الصـــــوابا

بــــــلادي بلبلٌ أضحى حزينا
وبيتي بات في أرضي خــرابا

وعصـفورٌ لنا في الحقلِ يبكي
حبيباً ضــــاع في الدنيا وغابا

هناك الأرضُ أَنَّتْ في ربــاها
وَقَــــدّتْ بعد غَيْبتنا الثــــــيابا

وشيخٌ فوقــــــها يمشي جريحاً
وطفلٌ تحت سـوطِ الويلِ شابا

ديـــــــــار الله جُبْناها طـــويلاً
وأمضينا الشــبابَ بها اغترابا

فـــــــما لـَــذّتْ لنا حينا طعاماً
ولا ســــــاغت لنا يوماً شرابا

بلادي أَنْتِ نَبْعٌ في ضـــلوعي
إذا ما أضـــــحتْ الدنيا سرابا

على شــــــــفتيك آمالي تهادتْ
وفي عينيّ عشقُ الأرض ِ ذابا

ذكرتُ هـــــواكِ والدنيا أَصيلٌ
ونور ُ الشمسِ يفترشُ الهضابا

رأيتُ القدسَ تَمْســـــحُ مُقْلتيها
وآهُ الجــــــــرحِ ترسلها عذابا

وتكتبُ بالدمــاءِ على رباها :
سئمتُ الشجبَ منكم والخطابا

أنرجو سلــــــمَهم من بعدِ غدرٍ
وقد جعلوا الدماءَ لهم شــرابا

أنرجو سلـــــــمَهم وأللؤمٍ فيهم
وقد هَدَموا المســـاجدَ والقِبابا

ألا يا لُحـــــمةَ الأنسابِ عودي
فجرحُ القدسِ يـــــزدادُ التهابا

فلو كــــــنا كما كــــانوا كباراً
لـــما داسَ اليـــــهودُ لنا ترابا

فعـــــــــودوا مثلما كنتمْ وَخَلّوا
شـــــراعَ المجدِ يجتازُ العُبابا

بـــــــلادي لا تساويها بلادٌ
وإنْ لذَّ المقامُ بها وطابا

صبحي ياسين