قارب الموت

يا شَطُّ أَبكي إذ رأيتُكَ باكِيــــا
فمتى أراكَ بجمعِ أهلكَ هـانِيــــا ؟

لُذْ في همومِكَ ما استطعتَ فإنّني
يا شَطُّ لـي عينٌ وتفضحُ ما بِيــا

أنا لو مشيتُ إلى السّعادةِ ساعيـًا
يمشي على ظلّي الأنينُ ورائِيــا

مالي سِـوى ألمٍ يطوفُ بدنيتي
فالسّعدُ أصبحَ عن عيـوني نائِيــا

لم يبقَ لي إلّا الحروف أهزّها
في ليلتي الظّلمـــاء تبكي حالـِيـــا

ويصيحُ في فَقْدِ الأحبةِ خافقي
ويزفُّ في خَدِّ المســاءِ بُكائـِيــا

الصّمتُ حولي لاتنــامُ عيونُهُ
فضجيجُ حرفي لا يملّ ندائـِيــا

حزنـًا تملّكَني المســـــاءُ وما لهُ
إلّا التصبّر كي يطيبَ عزائـِيــا

فَانْظُرْ لتلكَ الباكيــاتِ بأحرفي
يُخْبِرْنَ أنّي للأحبـَّةِ ناعـِيـــا

فَرّوا من القهرِ الذي تَعِبوا بهِ
وَجَدوهُ في مَوجِ البحارِ مُناديـِا

حَزَموا حقائب موتِهم في قاربٍ
للموتِ،حينَ الموتُ أصبحَ شافِيا

بحرٌ يُنادي للأحبـَّةِ صارخـًا
بالموت ، لمّا الموجُ أصبحَ داعـِيا

تركوكَ يا شطّ الشّــــآم وريحهم
قَدَّتْ بـِحَدِّ الموجعـــاتِ مِدادِيــا

هذي الحروف تصبُّ فوقَ دفاتري
حزنـًا وتروي بالدّمــوعِ رِثائـِيــا

فوقَ السّطـورِ تَغُصّ فـي آلامِها
فلقد فتحتُ لها العيون سواقـِيــا

إن كانَ في خَدّيكَ دمعُ فراقِهمْ
فَخيوطُ دمعي قد أبانَتْ مـا بـِيــا

أدهم النمريني .