لن أخذلك

قل لي بربِّكَ للعُلا مَنْ أوْصَلَكْ
ومَن الذي أثنَى عليكَ وبجّلَكْ؟!

ومَن الذي أهداكَ تاجَ حُروفِهِ
وغرامِهِ وعلى جبينِكَ قبّلَكْ ؟!

أَوَلستُ مَن أعطاكَ نبضَ حياتِهِ
وعلى الجميعِ قد اصطفاكَ وفضّلَكْ

أَوَلستُ مْنْ جَمَعَ الزهورَ حدائقًا
وسقاكَ مِن كأسِ الغرامِ ودلَّلَكْ ؟!

قل لي بربّك هل نسيتَ ملامِحي
وأضعتَ في زمنِ المواجعِ مَنْزِلَكْ ؟

أنا في طريقِ هواكَ أوّلُ عاشقٍ
حملَ الغرامَ فكيف تنسى أوَّلَك ؟!

ما جِئْتُ يا وطنَ الفؤادِ مُعاتِبًا
بل جئتُ موجوعًا عليك لأسألَكْ

ما بالُ وجهِكَ قد تغيّرَ لونُه
ومَن الذي مِن عرشِ مجدِك أنزلَكْ؟!

عيناكَ تحترقانِ يا وطني فمَنْ
ألقاكَ في نارِ الشقاءِ وأشعلَكْ ؟

أرهقتَ حاضِرَك الكئيبَ مجاعةً
وأراك تنزِفُ من دمي مستقبلَك

الحربُ تنفثُ في ضلوعِك سُمَّها
والخوفُ أرهقَ مقلتيكَ وأذْبَلَكْ

يغتالُ فَجْرَكَ ألفُ ليلٍ مظلمٍ
وتكادُ أنفاسُ الرَّدى أنْ تقتُلَكْ

يا أيها الوجعُ المسافرُ في دمي
ومشاعري قِفْ لحظةً ما أعجلَكْ!

قد جِئْتُ والأملُ الجميلُ بجانبي
فمتى تُغادِرُني لكي استبدِلَكْ ؟

ماذا أُواسي فيكَ يا وطني وقد
أزرى بك الجرحُ الكبيرُ وأثقلَك ؟!

دَعْني أُضمِّدْ في حَشَاكَ قصائدي
وأُدَاوِ قلباً في غرامِكَ قد هلَكْ

اطلقْ عنانَ الفكرِ واستجدِ الخُطى
فالوقتُ لن يأسَى عليكَ ويُمْهِلَكْ

وأعِدْ قراءاتِ السطورِ مُجدّدًا
واعرفْ حقيقةَ من جَفَاكَ وأهْمَلَكْ

تركوكَ وحْدَكَ في الطريقِ ولم يعُد
أحدٌ ليُوقِدَ في الليالي مشعلَكْ

صلبوكَ في فصلِ الخريفِ وغادروا
وأنا الوحيدُ هنا بقيتُ لأحملَكْ

سأظلُّ بين يديكَ أنثرُ لوعتي
وأصيحُ عبرَ مدامعي ما أجملَك !

فارفعْ جبينَكَ للسماءِ فإنْ هُمُ
خذلوكَ يا وطني أنا لن أخذلَكْ.

محمود وهيب الوجيه