كنا قد تعاقدنا مع إحدى الشركات من أجل نقل النفايات من المركز الإسلامي الذي كنتُ أعمل فيه. فكان السائق الموكّل بهذه المهمة من قِبَل الشركة يأتي مبكراً يومي الإثنين والأربعاء من كل أسبوع من أجل تفريغ حاوية النفايات.
وفي أحد أيام الإثنين جئت إلى المركز الإسلامي الساعة العاشرة صباحاً فوجدت حاوية النفايات ما زالت ممتلئة، فبادرت على الفور بالاتصال بشركة النفايات وأخبرتهم أن السائق لم يأتِ لتفريغ الحاوية، فقاموا  بالاتصال بالسائق الذي أخبرهم أنه قد أفرغ الحاوية، لكني بقيت مصراً على أن الحاوية ما زالت ممتلئة، فما كان منهم إلا أن صدقوا روايتي وطلبوا من السائق أن يأتي للمركز الإسلامي ويقوم بتفريغ حاوية النفايات. 
بعد دقائق قليلة جاءني الموظف المسؤول عن نظافة المركز الإسلامي وأخبرني أنه جاء مبكراً ذاك اليوم  ووجد كثيراً من الأشياء التي  تستوجب أن يُتخلّص منها وألقى بها في الحاوية فامتلأت. سألته :"هل كانت الحاوية فارغة عندما جئت؟" فأجاب نعم، فصعقني بإجابته، وقلت في نفسي:"لقد ظلمت السائق"، وعلى الفور تذكّرت الآية الكريمة "رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "وكأني أقرأها لأول وهلة، ورغم أني قد قرأت عدة تفاسير للآية الكريمة لكن في تلك اللحظة كان أمامي تفسير واحد فقط وهو أن لا أفتن السائق فأصدّه عن الإسلام باتهامه أنه لم يفرغ الحاوية.
بادرت على الفور بالإتصال بشركة النفايات واعتذرت لهم موضّحاً ما حدث، وطلبت منهم أن يوصلوني بالسائق ففعلوا، فقمت بالإعتذار له بشدة وشرحت له اللبس في ما جرى، وقد قبل الرجل اعتذاري.
يعلم الله كم كنت سعيداً باعتذاري للسائق وتوضيح الأمر له، ولعلي أكون قد أعطيت صورة مشرقة عن الإسلام الذي لا يقبل بأي حال من الأحوال ظلم الآخر وإن كان هذا الاآخر ليس مسلماً.
بقلم:نجم رضوان