اغضب
اغضب فأرضُكٕ فيها يزهرُ الغضبُ
لا تبقَ وحدك طول الدهر تنتحبُ
منْ يسمعِ الآه إن ردّدتها زمناً
أو يستجيبُ لقلبٍ مسّه العطبُ
منْ يمسحُ الدمعَ عن عينيك إذ همتا
أو يفتديك إذا أدمتهما النُوَبُ
اغضب فإنّ الليالي قطّ ما رحمت
منْ ليس ينبضُ في شريانه الغضبُ
لا تنتظرْ مطراً من غيمةٍ سنحت
لو لم تكن خلّباً ما عافها الطلبُ
تحت الخيام سياطُ البرد تلذعنا
والشمس تحضنها صيفاً فتلتهبُ
اغضب فلم يبقَ ما تخشى خسارته
لا دارَ تؤويك لا أهلٌ ولا نَسبُ
لن تُرجِعَ الوطنَ المسلوبَ أدعيةٌ
حتّى يغرّدَ في أرجائه اللهبُ
ماذا تؤمّلُ من عصرٍ بلا قيمٍ
قانونُه القوّةُ الحمقاء والغَلبُ
اغضب فلا خيرَ في عيشٍ تكابده
قوامُهُ الذلُّ والإملاقُ والتعبُ
بئس الحياةُ بلا عزٍّ ولا أملٍ
بالعزِّ فاغضب فما في عيشنا أرَبُ
لا يرهبُ الموتَ من باتت معيشتُه
شرّاً من الموت لا شأنٌ ولا حسبُ
اغضب فإنّ دموعَ البائسين دمٌ
والليلُ يغرقُ بالدمع الذي سكبوا
والصبرُ يُحسَب في ساحِ الوغى شرفاً
لكنْ على الذلِّ صبرُ المُبتَلى عجبُ
لم يأتِ نصرٌ بلا حزمٍ وتضحيةٍ
عبرَ العصورِ ولا قالت به الكتبُ
اغضب فقد سقطت بالأمس أقنعةٌ
وبانَ ما أخفتِ الأستارُ والحجبُ
لا ضامنَ اليومَ لا أحلافَ تخدعُنا
كلُّ الوعودِ التي أدلوا بها كذبُ

أحمد سليمان