19 سبتمبر, 2024 قبسات من مولد المصطفى
قَبَساتٌ مِن مَولِدِ المصطفى
دَعْنِي أُبادِلكَ التَّحِيَّةَ سَيِّدِي
مِمَّا حَوَى قَلبِي وما مَلَكَتْ يَدِي
هذا أنا أُلْقِي التَّحِيَّةَ خاشِعاً
لِأَنالَ مِن شَرَفِ النُّبُوَّةِ مَقْصدِي
يا سَيِّدِي قد جِئتُ أَطْرُقُ بابَكم
لِأَعيشَ في بَرَكاتِ يَومِ المَولِدِ
يَومٌ تَناهَى البَدْرُ في عَلْيائهِ
صِغَراً بِهِ مِن نُورِ بَدْرِ مُحَمَّدِ
وَكَذا النُّجومُ تَراقَصَتْ وَتَلَأْلَأَتْ
تَكْسُو السَّماءَ بِحُلَّةٍ مِن عَسْجَدِ
وَالشَّمسُ إذ طَلَعَتْ تُوَارِي صُبْحَها
خَجَلاً أَمامَ ضِيائهِ المُتَوَقِّدِ
وَاللَّيلُ وَالإصباحُ صارَ كِلاهما
مِن نورِهِ فَرَحاً رِداءً يَرتَدِي
حَتَّى المَلائكةُ الكِرامُ تَهَلَّلوا
يَستَبشِرونَ بِخَيرِ أحمَدَ في غَدِ
وَالأَرضُ مِن ثَوبِ الظَّلامِ تَجَرَّدَتْ
حَتَّى كَساهَا النُّورَ شَرْعُ الأَحمَدِ
فَبَدَتْ عَروساً لِلزَّفافِ تَزَيَّنَتْ
تَسْتَقْبِلُ النُّورَ المُبينَ لِتَهتَدِي
فَأَنَرْتَ يا نورَ الوَرَى أُمَّ القُرَى
وَالكَونَ طُرّاً بِالكِتابِ السَّرْمَدِي
وَتَناوَبَتْكَ المُرْضِعاتُ تَبَرُّكاً
وَلِآلِ سَعْدٍ كانَ حَظُّ السُّؤْددِ
فَتَشَرَّفَتْ تلكَ الحَليمةُ وَارْتَقَتْ
مُذْ مَسَّها تِرْياقُ طه الأَجْيَدِ
يُتِّمْتَ كي يَرعاكَ رَبِّي مُرْسَلاً
سَوَّاكَ لِلرَّحماتِ نَبْعاً لِلصَّدِي
وَنَشَأتَ في كَنَفِ الإلهِ كَمُصْحَفٍ
يُتْلَى على مَرِّ الزَّمانِ لِنَقْتَدِي
وَمَضَيتَ تَمحو في قُرَيْشٍ جَهْلَها
لكنْ تَمادَتْ في الضَّلالِ لِتَعتَدِي
أَصْلَحْتَ ذاتَ البَينِ يَومَ تَخاصَموا
حَولَ الَّذي يَحظَى بِرَفعِ الأَسوَدِ
حَجَرٌ تَبارَكَ مِن يَدَيكَ رَفَعْتَهُ
حَتَّى يُلَقَّبَ بَعدَها بِالأَسْعَدِ
وَمَضَيتَ نَحوَ الغارِ تُلْقِي نَظْرَةً
حَولَ الوجودِ مُفَكِّراً في المُوجِدِ
يا غارُ، مِنكَ نَغارُ حينَ حَضَنْتَهُ
طِبْ يا حِراءُ، وَباهِ بِالْمُتَعَبِّدِ
حَيثُ الْتَقَى النُّورانِ فيكَ بِلَيلَةٍ
قد بُورِكَتْ بِكلامِ رَبِّي الأَوحَدِ
جبريلُ نورٌ ضَمَّ نورَ المصطفَى
نورٌ على نورٍ بِذاتِ المَشْهَدِ
وَمَضَى يُبَدِّدُ فَجْرُهُ لَيلاً دَجَا
في أُمَّةٍ مِن قَبلِهِ لم تَرْشُدِ
يا وَيحَهم، رَفَضوا الصَّلاحَ وَحاوَلوا
إطْفاءَ نورِ اللهِ دونَ تَرَدُّدِ
إذ حارَبوهُ وَحاصَروهُ بِشِعْبِهِم
وَبِدودَةٍ رَدَّ الإلهُ المُعْتَدِي
مِن بَعدِها ضاقَتْ عليهِ رِحابُهُم
بَل حَاوَلوا بِالكَيدِ قَتْلَ الفَرْقَدِ
فَقَضَى الإلهُ بِأن يُتَمِّمَ نورَهُ
وَبِيَثْرِبَ الإسلامُ حَقّاً يَبْتَدِي
فَغَدا يَشُقُّ طَريقَهُ وَصَديقَهُ
في هِجرَةٍ ما قَبلَها غيرُ الغَدِ
حَيثُ الصَّحابَةُ يَرْقُبونَ طُلوعَهُ
كَالبدْرِ يَسْطَعُ بَينَهم بِتَفَرُّدِ
فَيَسُودُ إذ يَمْتَدُّ نورُ نَعيمِهِ
فَوقَ الجَزيرَةِ وَالبِلادِ الأَبعَدِ
وَيَعودُ لِلبلَدِ الأمينِ مُسامِحاً
مَنْ أَخْرَجوهُ مُؤَمِّناً مَنْ يَهتَدِي
عَفْوٌ بِهِ يَسْتَلُّ كُلَّ ضَغينَةٍ
مِن كُلِّ مَنْ بِكَمالِهِ لم يَشْهَدِ
وَيُحَطِّمُ الأَصنامَ دونَ هَوادَةٍ
لِلْبَيتِ رَبٌّ جَلَّ دونَ تَعَدُّدِ
حَتَّى يُزيلَ عَنِ الْعُيونِ غِشاوَةً
فَتَرَى الحَقيقَةَ في اتِّباعِ مُحَمَّدِ
وَيُؤَدِّبُ الرُّومانَ حينَ تَطاوَلوا
وَالفُرْسُ يُطْفِئُ نارَهم في المَوقِدِ
وَ (اللهُ أكبرُ) تَمْلَأُ الدُّنيا صَدىً
كي تَجْمَعَ الحُجَّاجَ حَولَ المَسجِدِ
يا بِنتَ وَهْبٍ ما وَلَدْتِ لَنا سِوَى
مَلَكٍ كَريمٍ في الوَرَى مُتَجَسِّدِ
سَوَّاهُ مِن طِينٍ إلهي مثلنا
لكنْ بِقَلبٍ كَالمَلاكِ الأَمجَدِ
هُوَ باخِعٌ نَفْساً على آثارِهِم
أَسَفاً إذا لم يؤمِنوا بِتَجَرُّدِ
غَيثٌ تَجَلَّى في العَطاءِ حَياتَهُ
حَتَّى بِيَومِ وَفاتِهِ في المَوعِدِ
إذ إنَّهُ بِوَفاتِهِ يُسْرٌ لَنا
حيث التَّكاليفُ انْتَهَتْ لم تَزدَدِ
لَقِيَ الإلهَ مُخَيَّراً في هَدْأَةٍ
مِن ذاتِ يَومِ المَولِدِ المُتَجَدِّدِ
وَكَأَنَّهُ القرآنُ بـِ (النَّاسِ) انْتَهَى
لِيُعيدَ فاتِحَةَ الكِتابِ وَيَبْتَدِي
بِأبِي وَأُمِّي وَالفُؤادِ وَعِتْرَتِي
يا لَيتَهُ كانَ الخَيَارُ لِأَفْتَدِي
هذي العَروسُ قَصيدَتي لِأَزُفَّها
تَزْدانُ في مَدْحِ الحَبيبِ بِمُسْنَدِي
في كُلِّ حَرفٍ دُرَّةٌ نَبَوِيَّةٌ
وَيَشِعُّ مِن بَرَكاتِها كَزُمُرُّدِ
لَمَّا بَذَرْتُ حروفَها مُتَرَجِّياً
خَيراً بِها فاقَ العَطاءُ تَوَدُّدِي
فَبَدَتْ سَنابِلُ كُلِّ حَرفٍ بَيْدَراً
مَهما حَصَدْتُ كَأَنَّني لم أَحْصُدِ
صَلُّوا عَلَيهِ لِكَي تَنالوا خَيرَها
خَيرُ الصَّلاةِ عَلَى الحَبيبِ مُحَمَّدِ
يا رَبِّ بَلِّغْ لِلرَّسولِ سَلامَنا
وَاقْبَلْ شَفاعَتَهُ بِعَبْدِكَ سَيِّدِي
محمد عمر