• Visit Dar-us-Salam.com for all your Islamic shopping needs!
أضف تعليقك

كثيرا مانسمع مقولة انَّ "وراء كل عظيم امرأة"  فمن وراء العظيمات؟

لعلّ في هذه القصة جواب للسؤال وأسئلة أخرى تطرح نفسها بدون جواب!

بطلة القصة . .واحدة من ممن لم يرق لهن أن يكن على هامش الأحداث..أو في حاشية الزمن فهي إحدى العظيمات في سماء تراثنا الأشم.. وتاريخنا العطر..

لما بلغ العالم الشاب خمسا وعشرين سنة.. أشار عليه شيخه أن يخطب بنت القاضي كريم الدين.. عبد الكريم.. وكانت إذ ذاك قد بلغت ثمانية عشر ربيعا فما كان منه إلا أن لبى دعوة شيخه ونصيحته.. لما كان يعتمل في نفوس طلبة العلم من توقير لمشايخهم يفوق احترام الآباء.. في كثير من الأحيان..

وفي صباح يوم أغر.. ذهب يقصد هذا البيت الكريم من بابه ,وانفتح مع دخول الباب.. أبواب فضل عظيمة.. وأسباب للبركة كريمة إذ لم يفتأ مذ عقد عليها هذا الذي يتوقد فطنة وحباً للسنة.. منذ ريعان شبابه ونعومة أظفاره أن يسقيها مما آتاه الله من جزالة علم ومتانة فهم..

وماله ألا يفعل وهو الإمام الذي لا تخلو مكتبة طالب علم أو عالم.. من مؤلفه الموسوعي الفريد الذي يضاهي كتب المتقدمين متانة وجودة وتحريرا وتقريرا وتحقيقا وتدقيقا..

فعندما سئل الإمام الشوكاني.. لمَ لا تصنف شرحا للبخاري؟

قال: لا هجرة بعد الفتح!

إنه الإمام الحافظ.. شيخ الجرح والتعديل.. أحمد بن حجر العسقلاني

 وكان من وفائه – رحمه الله – يتعهد زوجه بالعناية.. كما الأطيار تعني بفراخها..

فأسمعها الحديث المسلسل.. وتدارس معها الأسانيد والعلل.. والمتون.. والسير ناهيك عن انتظامها في حلقات مشايخ آخرين.. بسماح زوجها لها.. رغبة منه في بلوغها الأرب..

وقد دخل عليها ذات مرة وقد أصبح يتحلق حولها كبـــــار أهل العلم!.. فقال وهو يتبسم: قد صرت شيخة يا أُنْس! (بضم الهمزة وتسكين النون) 

وكانت تملي من حفظها.. فقرأ عليها الإمام السخاوي بحضور زوجها صحيح البخاري وخرّج لها بنفسه أربعين حديثا..

وكان من عادتها – رحمها الله – تعالى -.. أنها تحتفل في نهاية سلسلة الدروس.. بتقديم الحلوى للطلبة تكريما لهم وحين يتتبع الراصد لهذه الأسرة المباركة.. يلحظ علاقة الحب الشفافة التي كانت تجمع بينهما.. فمن قرأ سيرة الإمام ابن حجر.. وجد له أبياتا صادقة في وصف شوقه لها.. وعدم احتمال فراقها.. لما خرجت حاجة إلى البيت الحرام وقد رزقهما الله خمسة من البنين والبنات..

ومات لهما ثلاثة..

ولما توفي زوجها الحافظ.. أصرت أن تظل وفية له.. فلم تتزوج بعده..

وحين حضرتها الوفاة.. أوصت بجل مالها للمشاريع الخيرة.. وهذا دأبها – رحمها الله – تعالى -في حب الصدقة.. 

هذه همسة.. لأخواتي هنا.. أن يقتفين أثرها في حب العلم..

فما أشرف أن يكون المرء وارثا للنبوة.

وهي دعوة… لكل الإخوة الذين يظنون أن المرأة انما خلقت فقط للمطبخ والفراش..أو أنّ المرأة ليست أهلاً للمسؤولية.. أن يعيدوا النظر فربما يكتشفوا أنهم قد جانبوا (بمعنى تجنّبوا ) الصواب!
أرسلت بواسطة:ابتسام أبو اللبن

22 يونيو, 2010 المَعْبَر.!

أضف تعليقك

أسمي أحمد المصري..

ثلاثة أيام ونحن في هذا المكان.

حتى الحجارة المتناثرة هنا وهناك أعلنت قرفها، وقد حملتنا أفراداً ننتظر فرجاً يأتينا، ويسمح لنا عبور الحاجز المدجّج.

وجوه كثيرة تحمل تفاصيل مدهشة تتجوّل بلا هدف في ذلِّ الزحام، كانت لي على مدى الأيام الثلاثة هوايتي الأثيرة، أحاول أن أعبر خلف هشاشة الوجوه، وأغوص فيما وراءها، أستشّف بعض الأسباب التي قادتها إلى هنا.

خالد البرقاوي الشاب الوسيم، يحمل على ظهره حقيبة تبدو كالحقائب التي يحملها طلبة المدارس، كان الأقرب إليّ، أتبادل معه الحديث ومتابعة هدير الناس.

كان يدرس في جامعة المدينة، وأهله يقيمون وراء هذا الحاجز.

وبين هنا وهناك ينتظر سماع اسمه للسماح له بالعبور إلى ذلك القفر الذي أراه ممتداً أمامي وكأنه بلا نهاية.

صبية يلعبون ويقذفون الحصى بنعالهم، رجال يتوكؤون بتكاسل على طيف أمل أن يظهر الجندي الأشقر بقامته الطويلة، وبين يديه كومة أوراق ليتراكضوا كالنعاج.. يلتفون حوله بسرعة البرق كما يلتف قطيع ظمآن حول قصعة ماء، وكلهم مشدودون وصامتون ينتظرون سماع أسماء يلفظها الجندي بعربية مكسّرة، أسماء تحمل أصحابها إلى غرفة صغيرة يخرجون بعدها معصوبي العيون إلى سيارة مصفّحة تمضي بهم بعيداً إلى حيث لا يعرف أحد، وأسماء يلقون في وجوههم أوراقهم مع عبارة مقيته، "ممنوع". وأربعة أو خمسة أسماء يرشَحون من المعبر، بعد أن ينفضوا حاجياتهم وملابسهم، وينتهي المشهد بانتظار يوم جديد.

وهذا السمين يقف على بعد، يغمز ويبتسم كلما عبر اسم من الأسماء التي قدمت له فريضة السمسرة.

امرأة ترتدي ثوباً مزركشاً جديداً، وتعصب رأسها بمنديل أبيض، تحمل طفلاً وتجرّ آخر وبينهما يمضي الوقت بين بكاء ولعب، ووصلات نوم تحت هجير الشمس المحرقة، وعلى مرمى اليد خلفنا على مسافة الطريق الذي أتى بنا إلى هنا ظلال أشجار وارفة، لكنها بعد أن جمعتنا هذه الساحة باتت بعيدة بعد المجرّات عن زحمة الناس.

ذلك الضخم، يرتدي قميصاً أبيض بياقة عالية وبطنٍ منفوخةٍ يتمشّى بيننا بين وقت ووقت، ويتفرّس في وجوه القوم، يعرف بالفراسة أين يمكن أن يجد فريسة له.

سألني أول أمس إذا كنت هنا لسبب وجيه، فقلت له: لا ليس الأمر كذلك لكنني أرغب في زيارة أقاربي.

والحقيقة أنني لم أكن ألهث للقاء أقاربي الموجودين فعلاً على بعد مئات الأمتار من مكاني هذا، لكنني كنت، ومن باب حب الاستطلاع، أو من باب جنوني، كما كانت تقول زوجتي رحمها الله، أردت أن أحقق انتمائي للوثيقة التي أحملها، وتقول بأنني من هنا.. أصلي من هنا.

لم أعد أدري هل يبدأ من هذا المكان بالذات، أم من حيث جئت، أم بعده.!؟

وإلى أي مدى يمتدّ.!؟

كنت أتلهّف كي أجد جواباً، بعد أن فقدت كل ما يبعث في نفس أي كائن رغبة في مواصلة العيش، وها أنا ذا هنا، أقف تماماً على الحدّ الذي كثيراً ما سمعت عنه، ورأيت أوصافه عبر شاشات الفضائيات،

وأنا في طريقي إلى هنا، غادرت أرضاً طافحة بالخير، مررت على مزارع من نخيل وأعناب وارفة الظلال جميلة ومرتبة ويانعة.

لكنني فجأة، أمام هذا الحاجز "المعبر" سقطتُ في حفرة فراغ مرعبة، كأنني انتقلت إلى عالم آخر لا أجد له وصفاً، صحراء، بادية، دمار.. لا.. لا إنها أكثر من هذا كله، وكلما فتحت ناظريّ رأيت ما هو أقسى من صحراء، ودمار.!

كانت الأرض غير الأرض، والأفق غير الأفق، حتى أشعة الشمس كانت غير شكل، وغير لون، ورغم كل هذه المفارقات ارتضيت أن أنتظر دوري، كما يقولون، كي أرْشَحَ كما تَرْشَحُ قطرةُ ماءٍ من ثوب سميك، وأعبر الحاجز إلى ذلك الأفق المترامي أمامي بلا نهاية.

ـ لو كنت على عجلة من أمرك، سأتدبر لك الأمر..

نظرت إليه باستغراب، فلم أكن حتى هذه اللحظة أدرك أنه يمكن أن يكون سمساراً بشكل ما، وقبل أن أصحو من ذهولي تابع يقول باسترخاء:

ـ خمسمائة شيكل.!

ورفع ياقة قميصه الأبيض باستعلاء، وقبل أن أجيب تابع بحماسة أكثر:

ـ إذا ما في شيكل لا يهم ممكن دينار، أو جنيه، أو دولار، أو يورو.!

وفقع ضحكة صاخبة فبانت بوضوح أسنانه الصفراء المهترئة.

لكنني لم أجب، وعندما أدرك صمتي، تركني، والتصق بذلك الرجل العجوز.

يا اللـه.! من هذا الرجل الصامت.؟

ثلاثة أيام، وأنا أحاول التحدث معه دون جدوى، وكلما اقتربت منه، وحسبت أنني وصلت إليه يبعدني بلباقة، فأجد نفسي أبعد عنه من قبل.

ـ يا أخي رجل غريب، يبدو فوق الستين من العمر ولكنه يملك طاقة نشاط غير عادية، وصبراً، وقدرة على التحمّل.

ثلاثة أيام، وهو بالكاد يتحرك من مكانه، يحمل بين يديه لفافة فقيرة، ويرتدي قميصاً سميكاً غامقاً.

في المرة الوحيدة التي تحدثت إليه، وكان يبدو بمزاج جيد، قال لي، وهو يعبث باللفافة ويشير بيده الأخرى إلى الناس:

ـ أراهنك بأن كلّ واحد من هؤلاء يحمل دماءَ واحدٍ من أهله.!

ـ يحمل دماء.!؟

قلت مدهوشاً بينما تابع، وكأنّه لم يسمعني:

ـ أعرف واحداً يحمل دمَ أخيه منذ ثلاثين سنة.

أحسست، وكأنه يبتسم، فقد ضاقت المسافة بين حاجبيه حتى كادا يلتصقان ببعضهما، وبدت شفته العليا أكثر وضوحاً، بعد أن تخلى شارباه عن إخفائها:

ـ منذ ثلاثين سنة جمع بيديه شقف أخيه عن أغصان الأشجار، وأسكنها كيساً، ثم دفن الأشلاء في حفرة سرعان ما صارت مجهولة.

لم أنتبه متى وضع اللفافة على الحجر، وفرد يديه. لكنه بعد فترة صمت قصيرة أردف قائلاً:

ـ الدماء يا بنيّ.. حملٌ ثقيل.

وتابع هامساً بصوت خفيض:

ـ ذلك عندما نعجز عن سداد الثمن.!

يومها رأيته يدسّ في يد تلك المرأة المهدودة تعباً ورقة نقدية، أسرَعت بها إلى السمسار الذي قلّبها بسخرية، لكنه دسّها في جيب قميصه الأبيض.

كما في كلّ يوم، خرج الجندي الأشقر، فتجمّعنا حوله.

رفع الأوراق التي يحملها عالياً، وهو ينظر إلى كلّ واحد منّا باستخفاف. وبعد أن أنهكنا قلق الانتظار، جاءنا صوته:

ـ فاطمة البوريني..

حملت صرّتها وهرولت تتخطى الحاجز، وما أن أفلتت من زحمة الانتظار حتى أرسلت نظرة معبأة بالعرفان التقطها الرجل الستيني بابتسامة راضية.

ـ خالد البرقاوي..

أنتفض الشاب طرباً، لكنه قبل أن يعبر الحاجز، اقتيد إلى الغرفة الصغيرة.

ـ عمران العكاوي..

وقذف إليه أوراقاً، وهو يعلك بين شفتيه كلمة، "ممنوع" .!

تابعت الورق الطائر لأجده يستقرّ بين يديّ الرجل الستيني، لحظتها فقط عرفت اسمه.

الصوت يعاود الصراخ:

ـ أحمد المصري، أحمد المصـ، أحمد الـ،،

كنت كلما ابتعدت عائداً، يصلني الصوت خافتاً أكثر..

لكنني واصلت المسير دون أن أجرؤ على الالتفات.

لم أسأل نفسي أبداً: إلى أين كان سيوصلني النداء.!؟

بقلم:عدنان كنفاني

21 يونيو, 2010 السارق معذور

أضف تعليقك

لم نخبُر التآلُف بين سوء الخُلق والتفوق بالدراسة , لكن تلميذنا " سامي " جمع بين الإثنين ." أبو سامي " لم يعد يتحمّل ترحيل ولده كل عام من مدرسة إلى أخرى لسوء خُلُقه , والتعامل بعدوانية مع زملائه . جلس إلى أصدقائه في أحد المقاهي يشكو حال ابنه , رغم تفوقه على أقرانه بتحصيل الدرجات العالية , إلا أنّه لا يُحسن التصرف مع معلميه . تقدّم إليه رجلٌ فارع الطول وسمين , تعلو وجهه هيبة القائد , ووقار المُربي , لقد كان يُنصت إلى شكوى هذا الأب المنكوب بابنه , مدّ يده ليصافحه وقال : ألا تذكرني يا أبا سامي ؟ فراح ينظر إلى وجهه بتمعّن , ثم علت وجهه ابتسامة عريضة , واحمرّت وجنتاهُ وبرزت العروق في جبينه صارخا : وِليم ؟ أنت وِليم ابن السيدة روز ؟ قال : نعم , واستمعت إلى مشكلتك , وليس عندي مانع من مُساعدتك , فأنا مدير مدرسة " المطران بُطرس " الثانوية .

لم يمضِ أسبوعٌ من بداية السنة الدراسية , حتى قامت مُشاجرة في ساحة مدرسة ( المطران بطرس ) بطلاها : " سامي " و " أحمد " , وهما زميلين في الصف العاشر ( الأول ثانوي ) , تجمّع الطلاب حول المتخاصمين , حتى جاء المُربي المناوب ليقودهما إلى غرفة السكرتير , ليبدأ التحقيق معهما حول المشكلة . فتصدّر " أحمد " الشكوى , رافعا مظلمته , ليدعي أن سامي سرق نقوده , طالبا من زملاءه ليشهدوا على عملية السرقة بالإكراه , فشهد الطلاب معه . لكن " سامي " دافع عن نفسه قائلا : نعم صحيح , لقد رآني الزملاء وأنا أختطف النقود من يدَيْ " أحمد " لكنهم لم يشهدوا سرقة " أحمد " لهذه النقود مني أولا . لم يستطع نائب المدير حلّ المسألة , فاستدعى المدير ليُحقق بنفسه فيها . حاول المدير أن يُقنع " أحمد " بالتنازل عن نصف المبلغ , فرفض بشدّة , وتوعّد " سامي " باسترداد المبلغ كاملا , وبالقوّة . المُدير لم يشأ أن تتوسع دائرة الخلاف لتصل إلى أهل الولدين , فوعد " أحمد " أن يُساعده على استرداد حقه بعد استكمال التحقيق , وظهور الحقيقة كاملة .

مضى أسبوعٌ من التوتر بين المتخاصمين دون ايجاد حلٍ للمشكلة , فاستدعى المُدير بعض الطلاب المقربين لــِ " أحمد " على أمل أن يُقنعوه بالتنازُل , فرفض مُجدّدا . ليعود المُدير ويعرض مُكافأة على أصدقائه المُقربين , وذلك بتمييزهم في التعامل , والتجاوز عن بعض المخالفات المُسجّلة عليهم لو أقنعوه . هُنا , استخدم أصدقاء " أحمد " لهجة أخرى مع صديقهم , وهددوه بعدم التعاون معه أو مصاحبته إن لم يتنازل عن نصف حقه في النقود المسروقة , فوافق . وبالعودة إلى " سامي " ليبشره المدير بتنازُل " أحمد " عن نصف المبلغ , قبل " سامي " بالتنازل عن ثُلثه فقط , ولكن بشرط , أن يقف " أحمد " أمام كل الطلاب من الفصول المختلفة في ساحة المدرسة , ويعتذر عن تجريحه لــ " سامي " واتهامه زورا وبُهتانا بالسرقة .

في اليوم التالي , وقف كل من " أحمد " و " سامي " أمام الطابور بمواجهة الطلاب , وبدا " أحمد " مغلوبا على أمره وهو يُعلن أسفه لــ " سامي " مُعترفا له بحقه في ثُلثي المبلغ . عندها ظهرت ملامح الانتصار على وجه " سامي " فنظر نظرة ازدراء إلى زميله , ثُم أشاح بوجهه عنه , وقلّب عينيه المعاتبتين في عُيون الهيئة التدريسية وعلى رأسهم المدير ونائبه , ليتوجه إلى الطلاب بخطابه الثابت قائلا : طوال أسبوع وزميلنا " أحمد " يتهمني بسرقة هذا المال منه , وأنا ساكت أدعو الله أن يُبيّن الحقيقة , وها هو أخونا " أحمد " يعترف أمامكم جميعا بحقي بثلثي المبلغ , ولا يتهمني بالسرقة , بل ويعتذر لي . فهل تُصدّقون هذا الكاذب بأنّ من حقه ثُلث المبلغ ؟ أجيبوني .

القصة لم تنته إلى هُنا , فبعد أن اعترفنا بحق اليهود في أكثر من ثمانين بالمائة من أرض فلسطين أمام العالم أجمع , هل يحق لنا بالمطالبة بما تبقى منها وهي كلها بحوزتهم ؟
بقلم:خالد الطيبي

14 يونيو, 2010 قصة وعبرة

أضف تعليقك

كان هناك صياد سمك .. جاد في عمله يصيد في اليوم سمكة .. فتبقى في بيته ما شاء الله أن تبقى حتى إذا انتهت .. ذهب إلى الشاطيء ليصطاد سمكة أخرى في ذات يوم وبينما كانت زوجة الصياد تقطع ما اصطاده زوجها ذا بها ترى أمراً عجباً رأت في بطن تلك السمكة لؤلؤة تعجبت لؤلؤة .. في بطن سمكة ..؟؟ سبحان الله زوجي .. زوجي .. أنظر ماذا وجدت ماذا إنها لؤلؤة لؤلؤة !!لؤلؤة في بطن سمكة يا لك من زوجة رائعة .. أحضريها .. لعلنا نقتات بها يومنا هذا .. ونأكل شيئا غير السمك خذ الصياد اللؤلؤة وذهب بها إلى بائع اللؤلؤ الذي يسكن في المنزل المجاور نظر إليها جاره التاجر لكنني لا أستطيع شراءها   ياه .. إنها لا تقدر بثمن ..لو بعت دكاني وبيتي ما أحضرت لك ثمنها لكن اذهب إلى شيخ الباعة في المدينة المجاورة لعله يستطيع أن يشتريها منك أخذ صاحبنا لؤلؤته .. وذهب بها إلى البائع الكبير .. في المدينة المجاورة وعرض عليه القصة الله .. والله يا أخي .. إن ما تملكه لا يقدر بثمن لكني وجدت لك حلا .. اذهب إلى والي المدينة فهو القادر على شراء مثل هذه اللؤلؤة وعند باب قصر الوالي وقف صاحبنا ومعه كنزه الثمين .. ينتظر الإذن له بالدخول الله .. إن مثل هذه اللآليء هو ما أبحث عنه .. لا أعرف كيف أقدر لك ثمنها لكني  سأسمح لك بدخول خزنتي الخاصة ستبقى فيها ست ساعات .. خذ منها ما تشاء .. وهذا هو ثمن اللؤلؤة سيدي .. لعلك تجعلها ساعتان .. فست ساعات كثيرة على صياد مثلي لا .. بل ست ساعات كاملة لتأخذ من الخزنة ما تشاء دخل صاحبنا خزنة الوالي .. وإذا به يرى منظراً مهولاً غرفة كبيرة جداً .. مقسمة إلى ثلاثة أقسام قسم مليء بالجواهر والذهب واللآليء وقسم به فراش وثير .. لو نظر إليه نظرة نام من الراحة وقسم به جميع ما يشتهي من الأكل والشرب الصياد محدثاً نفسه ست ساعات ؟؟ إنها كثيرة جداً على صياد بسيط الحال مثلي ؟؟ ماذا سأفعل في ست ساعات حسناً .. سأبدأ بالطعام الموجود في القسم الثالث سآكل حتى املأ بطني حتى أستزيد بالطاقة التي تمكنني من جمع أكبر قدر من الذهب ذهب صاحبنا إلى القسم الثالث وقضى ساعتين من الوقت .. يأكل ويأكل .. حتى إذا انتهى .. ذهب إلى القسم الأول وفي طريقه رأى ذلك الفراش الوثير .. فحدث نفسه الآن أكلت حتى شبعت فمالي لا أستزيد بالنوم الذي يمنحني الطاقة التي تمكنني من جمع أكبر قدر ممكن هي فرصة لن تتكرر .. فأي غباء يجعلني أضيعها ذهب الصياد إلى الفراش .. استلقى .. وغط في نوم عميق وبعد برهة من الزمن قم .. قم أيها الصياد الأحمق .. لقد انتهت المهلة هاه .. ماذا ؟؟ نعم .. هيا إلى الخارج أرجوكم .. ما أخذت الفرصة الكافية هاه .. هاه .. ست ساعات وأنت في هذه الخزنة .. والآن أفقت من غفلتك تريد الإستزادة من الجواهر .. ؟؟ أما كان لك أن تشتغل بجمع كل هذه الجواهر حتى تخرج إلى الخارج ..فتشتري لك أفضل الطعام وأجوده وتصنع لك أروع الفرش وأنعمها لكنك أحمق غافل لا تفكر إلا في المحيط الذي أنت فيه .. خذوه إلى الخارج لا .. لا .. أرجوكم .. أرجوكم …لاااا

 انتهت قصتنا …….

 لكن العبرة لم تنته ،رأيت تلك الجوهرة: هي روحك إنها كنز لا يقدر بثمن .. لكنك لا تعرف قدر ذلك الكنز أرأيت تلك الخزنة: ..؟؟ إنها الدنيا أنظر إلى عظمتها وانظر إلى استغلالنا لها
أما عن الجواهر: فهي الأعمال الصالحة وأما عن الفراش الوثير: فهو الغفلة وأما عن الطعام والشراب: فهي الشهوات والآن .. أخي صياد السمك أما آن لك أن تستيقظ من نومك .. وتترك الفراش الوثير وتجمع الجواهر الموجودة بين يديك قبل أن تنتهي تلك المدة الممنوحة لك … وهي عمرك فتتحسر وأنت تخرج من الدنيا .
أرسلت بواسطة:ابتسام أبو اللبن

أضف تعليقك

عفتي :
طهري , حجابي
لا أبالي إن عوت كُلّ الذئابِ
أو دعتني في سفور ٍ لإنحطاطِ
فليقولوا عن حيائي :
إنه رمز التردّي للوراءِ
حُلَّةُ الإسلام أبهى
منْ قشورٍ فارغاتٍ كالسرابِ
لن يمسوا كبريائي
فليشقوا عن فؤادي
و ليروا صدقَ العقيدة في جنابي
ثورة الإيمان أشهى من حياة ..
أو رغابِ
نفثتي نفثة طهر لاتبالي بالتحرر
أوفجورٍ
هاجَ كالبحرِ العُبابِ
كلُّ أخلاقيَ أَنضر
ليس فيها لِمعانِيهم تَصَوُّرْ
فصِموني بالغبا أو بالتقهقرْ
لا أبالي
ففداءُ الدِّينِ نَفسي و مُصابي
غيرَ أَنِّي
لستُ أرضى أنْ يُوازَى الطُّهرُ مَعْ ذُلِّ الترابِ
أو تدوس الحقَّ أقدامُ الكلابِ
فلتقولوا عن خماري
عن لباسي
والذي تبغون قولوا عن نقابي
إنني أشربُ ماءً من يقين الباقيات
ويَقِيني فِي بقاءِ الرُّوحِ
قطعًا
في رضاءِ اللهِ
في خَيرِ الثوابِ
منطقي طهري وٍأفكاري له تنساق عفوا
نِعْمَ للدين انتسابي
واعتقادي راسخ في الله
حتماً
عن يقين وصواب
أن هذا الجسم يفنى
ليسَ يبقى غيرُ ربِّي
يملأ الكون ضياءً
وسواه صائرٌ نحو اليباب
عنصري طبعٌ عريقٌ
لا تدانيه الطّباعُ
وفؤادي مؤمن , حيٌّ ضميري
لم تنل منه صنوفٌ مثل أشباه الذبابِ
ألمعيٌّ معدنيْ
وبياني مُشرقٌ حرٌّ أصيلٌ
شاهقٌ فكري بعيد الشّأوِ بل فوق السّحاب
إن تقولوا عن حجابي أو نقابي
" خيمة سوداء " ………. قولوا
أو تقولوا عنه عادةْ
وتكيلوا فوق هذا
كيل هزءٍ أو زيادةْ
لستُ أنسى من حباني بالتقى أو بالعبادةْ
إن هذا الدين قلبٌ
يالهذا القلب كم أحيا الحياة !
من تفانى فيه حباً
فاق بالنّورِ
التماعاتِ الشّهابِ
شعر:عطاف سالم

أضف تعليقك

هكذا هي ملامح وترانيم صوت القدس من بعيد، وكأن طفلتي الصغيرة تبتسم مرة أخرى على ضفاف البحر ورائحة الليمون، فكم فرحت وأنا احتضنها مبتسمة، لكني في الوقت حينه بكيت في قرارة نفسي لأنها ذكرتني بصديقي الشهيد التركي "ايدوغان" لحظة استشهاده على متن أسطول الحرية، وكأن الحالة متشابهة .

مرح الصغيرة تغازلني بعينيها مرة أخرى، وعلى باب البيت جندي إسرائيلي يحاول أن يخطف تلك البسمة من على شفتيها، مثلما خطفها من شفاه صديقي ايدوغان، حيث كان يحلم أن يصبح طياراً، لكنه أصرّ على الطيران إلى جنان الحور والنعيم .

ما أدهشني، أنه حينما طار إلى السماء كان مبتسماً وهو يعانق تلك الجنان، تماماً مثل طفلتي الصغيرة، التي أصرت على مداعبتي ضاحكة، فالفارق بينهما رحلة السماء، أما مرح فقد بدأت الحياة بِهِبَة من المكان الذي رحل إليه صديقي .

كم أن الاقصى عزيز ووجهته بهية، وكأن قبة الصخرة وقباب مآذنه هي الأخرى تضاحكهم جناساً على طباق، فالعبور عبر بواباته صعب وخطير، ومن يريد أن يركب تلك الأخطار يجب أن يكون مبتسماً، كمرح و ايدوغان .

عجباً ما أرى، أن السماء تتلبد بالغيوم السوداء، وكأن موسم الغيث يبشر بحصاد وفير، ولكن أي موسم والقدس اقفِلت أبوابها، والحمام طار إلى السماء أسوة بأيدوغان، ولم يعد للبشرى أي معنى سوى الخوف من المستقبل .

مرح الصغيرة لم تعد تبتسم، فشفاه فمها أقفلت كبوابات القدس، والخوف أخذ يتجذر في أوصالها، وكأنها لم تعد مرحة كما أعرفها، فعلى ما يبدو أن هنالك غصة في قلبها الصغير من ذلك المحيط السياسي، بالرغم أنها صغيرة على السياسة .

أخذت أروي لها عن ذلك المحيط الذي يحمل في ثناياه كلمتي "النفاق" و"الكذب"، حيث يحكى أن تلك الكلمتين اجتمعتا في يوم من الأيام "ما بين الماضي والحاضر" وكونتا كلمة تسمى "سياسة" ،  وعلى الفور أخذت مرح بالبكاء والصراخ، فتوقفت عن الحديث!

فأنا أعرف أنها لو استطاعت الكلام لطلبت مني التوقف، فتلك القصة لا تتلاءم مع فطرتها الإنسانية، كذلك هو حال المقهورين الذين هم بطبيعة الحال بين سنديان النفاق ومطرقة الكذب، فالسياسة مبدعة في تقمص الأدوار، واللعب على الشعور واللاشعور .

لم أعد أعرف إلى أي اتجاه أسير، فكل الطرق تؤدي إلى السياسة، فالشمال لم يعد شمالاً، والجنوب لم يعد جنوباً، كذلك هو حال الشرق والغرب، كل يريد إقصاء الآخر، حتى أن القدس لم تعد قدساً، فالهيكل ينبش قلبها، ولم يعد لأطراف الحديث بقية .

احتضنت طفلتي وهي ترتعش خوفاً من ذلك الهيكل، وكأن معبد الخراب أصبح مقدمة لإقامته، وبعد دقائق معدودة من احتضانها أخَذَتْ تحرك شفتيها ضاحكة، ففرحت كثيراً، ورقصت فرحاً، لكن سرعان ما اتضح لي أنها ضحكة الخوف، ورقصة الموت .
بقلم:مأمون شحادة -بيت لحم -فلسطين

 

أضف تعليقك

فى كل يوم جمعة، وبعد الصلاة ، كان الإمام وابنه البالغ من العمر إحدى عشر سنة
من شأنه أن يخرج في بلدتهم فى إحدى ضواحي أمستردام ويوزع على الناس كتيب صغير
بعنوان "الطريق إلى الجنة" وغيرها من المطبوعات الإسلامية.

وفى أحد الأيام بعد ظهر الجمعة، جاء الوقت للإمام وابنه للنزول الى الشوارع
لتوزيع الكتيبات، وكان الجو باردا جدا في الخارج، فضلا عن هطول الامطار.

الصبي ارتدى كثير من الملابس حتى لا يشعر بالبرد، وقال : حسنا يا أبي ، أنا
مستعد!

سأله والده ، مستعد لماذا؟

قال الأبن يا أبي ، لقد حان الوقت لكى نخرج لتوزيع هذه الكتيبات الإسلامية.

أجابه أبوه ، الطقس شديد البرودة في الخارج وإنها تمطر بغزارهة
أدهش الصبى أبوه بالإجابة وقال ، ولكن يا أبي لا يزال هناك ناس يذهبون إلى
النار على الرغم من أنها تمطر
أجاب الأب ، ولكننى لن أخرج فى هذا الطقس.

قال الصبى ، هل يمكن يا أبى أن أذهب أنا من فضلك لتوزيع الكتيبات ؟؟

تردد والده للحظة ثم قال: يمكنك الذهاب، وأعطاه بعض الكتبات
قال الصبى: شكرا يا أبي!

ورغم أن عمر هذا الصبى أحد عشر عاماً فقط إلا أنه مشى فى شوارع المدينةفى هذا
الطقس البارد والممطر لكى يوزع الكتيبات على من يقابله من الناس وظل يتردد من
باب إلى باب حتى يوزع الكتيبات الإسلامية.

بعد ساعتين من المشي تحت المطر ، تبقى معه آخر كتيب وظل يبحث عن أحد المارة في
الشارع لكى يعطيه له، ولكن كانت الشوارع مهجورة تماما.
ثم استدار إلى الرصيف المقابل لكى يذهب إلى أول منزل يقابله حتى يعطيهم الكتيب.

ودق جرس الباب ، ولكن لا أحد يجيب..

ظل يدق الجرس مرارا وتكرارا ، ولكن لا زال لا أحد يجيب ، وأراد أن يرحل ، ولكن
شيئا ما يمنعه.

مرة أخرى ، التفت إلى الباب ودق الجرس وأخذ يطرق على الباب بقبضته بقوه وهو لا
يعلم مالذى جعله ينتظر كل هذا الوقت ، وظل يطرق على الباب وهذه المرة فتح الباب
ببطء.

وكانت تقف عند الباب امرأه كبيرة فى السن ويبدو عليها علامات الحزن الشديد
فقالت له، ماذا أستطيع أن أفعل لك يابني؟؟.
قال لها الصبى الصغير ونظر لها بعينان متألقتان وعلى وجهه إبتسامة أضائت لها
العالم: سيدتي ، أنا آسف إذا كنت أزعجتك ، ولكن فقط أريد أن أقول لك أن الله
يحبك حقيقةً ويعتني بك، وجئت كي أعطيك آخر كتيب معي والذى سوف يخبرك كل شيء عن
الله ، والغرض الحقيقي من الخلق ، وكيفية تحقيق رضوانه.
وأعطاها الكتيب وأراد الانصراف فقالت له: شكرا لك يا بني، وحياك الله!

في الأسبوع التالي بعد صلاة الجمعة ، وقد كان الإمام يعطى محاضره ، وعندما
انتهى منها وسأل : ‘هل لدى أي شخص سؤال أو يريد أن يقول شيئا؟


ببطء ، وفي الصفوف الخلفية وبين السيدات ، كانت سيدة عجوز يُسمع صوتها تقول:
لا أحد في هذا الجمع يعرفني، ولم آتِ إلى هنا من قبل، وقبل الجمعة الماضية لم
أكن مسلمة ولم أفكر أن أكون كذلك.
وقد توفي زوجي منذ أشهر قليلة ، وتركني وحيدة تماماً في هذا العالم.. ويوم
الجمعة الماضي كان الجو بارداً جداً وكانت تمطر ، وقد قررت أن أنتحر لأنني لم
يبقى لدي أي أمل فى الحياة.

لذا أحضرت حبلاً وكرسياً وصعدت إلى الغرفة العلوية فى بيتي، ثم قمت بتثبيت
الحبل جيداً فى إحدى عوارض السقف الخشبية ووقفت فوق الكرسي وثبت طرف الحبل
الآخر حول عنقي، وقد كنت وحيدة ويملؤني الحزن وكنت على وشك أن أقفز.


وفجأة سمعت صوت رنين جرس الباب في الطابق السفلي ، فقلت سوف أنتظر لحظات ولن
أجيب وأياً كان من يطرق الباب فسوف يذهب بعد قليل.

إنتظرت ثم إنتظرت حتى ينصرف من بالباب ولكن كان صوت الطرق على الباب ورنين
الجرس يرتفع ويزداد.

قلت لنفسي مرة أخرى ، ‘من على وجه الأرض يمكن أن يكون هذا؟ لا أحد على الإطلاق
يدق جرس بابي ولا يأتي أحد ليراني ‘. رفعت الحبل من حول رقبتي وقلت أذهب لأرى
من بالباب ويدق الجرس والباب بصوت عالي وبكل هذا الأصرار.

عندما فتحت الباب لم أصدق عيني فقد كان صبي صغير وعيناه تتألقان وعلى وجهه
إبتسامة ملائكية لم أرَ مثلها من قبل ، حقيى لا يمكنني أن أصفها لكم. الكلمات
التي جاءت من فمه مست قلبي الذي كان ميتاً ثم قفز إلى الحياة مرة أخرى ، وقال
لى بصوت ملائكي ، ‘سيدتي ، لقد أتيت الآن لكي أقول لك أن الله يحبك حقيقة
ويعتني بك!
ثم أعطاني هذا الكتيب الذى أحمله "الطريق إلى الجنة"

وكما أتانى هذا الملاك الصغير فجأه اختفى مره أخرى وذهب من خلال البرد والمطر ،
وأنا أغلقت بابي وبتأنٍ شديد قمت بقراءة كل كلمة فى هذا الكتاب. ثم ذهبت إلى
الأعلى وقمت بإزالة الحبل والكرسي. لأنني لن أحتاج إلى أي منهم بعد الأن.

ترون؟ أنا الآن سعيده جداً لأنني تعرفت إلى الإله الواحد الحقيقي.


ولأن عنوان هذا المركز الأسلامى مطبوع على ظهر الكتيب ، جئت إلى هنا بنفسي
لأقول لكم الحمد لله وأشكركم على هذا الملاك الصغير الذي جاءني في الوقت
المناسب تماماً ، ومن خلال ذلك تم إنقاذ روحي من الخلود في الجحيم. ‘

لم تكن هناك عين لا تدمع فى المسجد وتعالت صيحات التكبير …. الله أكبر…..

الإمام الأب نزل من على المنبر وذهب إلى الصف الأمامي حيث كان يجلس ابنه هذا
الملاك الصغير….

واحتضن ابنه بين ذراعيه وأجهش فى البكاء أمام الناس دون تحفظ.

ربما لم يكن بين هذا الجمع أب فخور بابنه مثل هذا الأب!

15 فبراير, 2010 الصدق

أضف تعليقك

 

 في صباح يوم ربيعي
 والشمس الدافئة
 تنساب إلي مكتب رجل الأعمال العجوز
 والرئيس التنفيذي للشركة التي يملكها
 اتخذ قرارا بالتنحي عن منصبه وإعطاء الفرصة للدماء الشابة الجديدة بإدارة
 شركته
 لم يرد أن يوكل بهذه المهمة لأحد أبنائه أو أحفاده وقرر اتخاذ قرار
 مختلف
 استدعى كل المسئولين التنفيذيين الشباب إلى غرفة الاجتماع والقي بالتصريح
 القنبلة
 لقد حان الوقت بالنسبة لي للتنحي واختيار الرئيس التنفيذي القادم من
 بينكم
 تسمر الجميع في ذهول
 واستمر قائلا
 ستخضعون لاختبار عملي وتعودون بنتيجتها في نفس هذا اليوم من العام القادم
 وفي نفس هذه القاعة
 والاختبار سيكون التالي:
 سيتم توزيع البذور النباتية التالية التي أتيت بها خصيصا من حديقتي
 الخاصة
 وسيستلم كل واحد منكم بذرة واحدة فقط
 يجب عليكم أن تزرعوها وتعتنوا بها عناية كاملة طوال العام
 ومن يأتيني بنبته صحية تفوق ما لدى الآخرين سيكون هو الشخص المستحق لهذا
 المنصب الهام
 كان بين الحضور شاب يدعي جيم وشأنه شأن الآخرين استلم بذرته وعاد إلى
 منزله واخبر زوجته بالقصة
 أسرعت الزوجة بتحضير الوعاء والتربة الملائمة والسماد وتم زرع البذرة
 وكانا كل يوم لا ينفكان عن متابعة البذرة والاعتناء بها جيدا !
 بعد مرور ثلاثة أسابيع بدأ الجميع في الحديث عن بذرته التي نمت وترعرعت
 ما عدا جيم الذي لم تنمو بذرته رغم كل الجهود التي بذلها
 مرت أربعة أسابيع ، ومرت خمسة أسابيع ولا شيء بالنسبة لجيم
 مرت ستة أشهر – والجميع يتحدث عن المدى التي وصلت إليه بذرته من النمو
 وجيم صامت لا يتحدث
 وأخيرا أزف الموعد
 قال جيم لزوجته بأنه لن يذهب الاجتماع بوعاء فارغ
 ولكنها قالت علينا أن نكون صادقين بشان ما حدث
 وكان يعلم في قراره نفسه بأنها على حق
 ولكنه كان يخشى من أكثر اللحظات الحرجة التي سيواجهها في حياته
 وأخيرا اتخذ قراره بالذهاب بوعائه الفارغ رغم كل شيء
 وعند وصوله انبهر من أشكال وأحجام النباتات التي كانت على طاولة الاجتماع
 في القاعة
 كانت في غاية الجمال والروعة
 تسلل في هدوء ووضع وعائه الفارغ على الأرض ! وبقى واقفا منتظرا مجيء
 الرئيس مع جميع الحاضرين
 كتم زملائه ضحكاتهم والبعض أبدى أسفه من الموقف المحرج لزميلهم
 وأخيرا اطل الرئيس ودخل الغرفة مبتسما
 عاين الزهور التي نمت وترعت وأخذت أشكال رائعة ولم تفارق البسمة شفتيه
 وفي الوقت الذي بدأ الرئيس في الكلام مشيدا بما رآه مهنئا الجميع على هذا
 النجاح الباهر الذي حققوه
 توارى جيم في آخر القاعة وراء زملائه المبتهجين الفرحين
 قال الرئيس يا لها من زهور ونباتات جميلة ورائعة
 اليوم سيتم تكريم أحدكم وسيصبح الرئيس التنفيذي القادم
 وفي هذه اللحظة لاحظ الرئيس جيم ووعائه الفارغ
 فأمر المدير المالي أن يستدعي جيم إلى المقدمة
 هنا شعر جيم بالرعب وقال في نفسه بالتأكيد سيتم طردي اليوم لاني الفاشل
 الوحيد في القاعة
 عند وصول جيم سأله الرئيس ماذا حدث للبذرة التي أعطيتك إياها
 قص له ما حدث له بكل صراحة وكيف فشل رغم كل المحاولات الحثيثة
 كان الجميع في هذه اللحظة قائما ينظر ما الذي سيحصل فطلب منهم الرئيس
 الجلوس ما عدا جيم
 ووجه حديثه إليهم قائلا
 رحبوا بالرئيس التنفيذي المقبل جيم
 جرت همسات وهمهمات واحتجاجات في القاعة كيف يمكن أن يكون هذا
 وتابع الرئيس قائلا
 في العام الماضي كنا هنا معا وأعطيتكم بذورا لزراعتها وإعادتها إلى هنا
 اليوم
 ولكن ما كنتم تجهلونه هو أن البذور التي أعطيتكم إياها كانت بذور فاسدة
 ولم تكن بالإمكان لها أن تنمو إطلاقا
 جميعكم أتيتم بنباتات رائعة وجميلة جميعكم استبدل البذرة التي أعطيتها له
 اليس كذلك ؟
 جيم كان الوحيد الصادق والأمين والذي أعاد نفس البذرة التي أعطيته إياها
 قبل عام مضى
 وبناء عليه تم اختياره كرئيس تنفيذي لشركتي
 إذا زرعت الأمانة فستحصد الثقة
 إذا زرعت الطيبة فستحصد الأصدقاء
 ! إذا زرعت التواضع فستحصد الاحترام
 إذا زرعت المثابرة فستحصد الرضا
 إذا زرعت التقدير فستحصد الاعتبار
 إذا زرعت الاجتهاد فستحصد النجاح
 إذا زرعت الإيمان فستحصد الطمأنينة
 لذا كن حذرا اليوم مما تزرع لتحصد غدا !
 وعلى قدر عطائك في الحياة تأتيك ثمارها
أرسلت:بواسطة أحد القراء

10 فبراير, 2010 انتحار منال

أضف تعليقك

في طريقها إلى المدرسة النظامية في بيت حنينا بالقدس بينما كانت منال تسير في الطريق الرئيس من بيتها قرب محلات جنة عدن، فجأة توقفت سيارة بيضاء اللون بالقرب منها، فتح أحد الجالسين فيها شباك السيارة وناداها باسمها:

– منال تعالي.

خافت منال، وابتعدت قليلا عن الرصيف، فقد تعودت أحيانا على معاكسات بعض الشباب، تجاهلت النداء، لكن صاحب الصور لم يستسلم فناداها للمرة الثانية قائلا:

– منال تعالي نحن من المخابرات.

كان يتكلم العربية بطلاقة، كأنه من أبناء القدس العرب.

ازدادت خوفا، نظرت إلى السيارة، فرأت أحد رجال المخابرات اليهود، يرفع يده من الشباك حاملا إشارة شرطة ثم كرر عليها القول:

– نحن مخابرات، تعالي قبل أن نأخذك بالقوة.

نظرت حولها لعل أحدا ينجدها، لم ينتبه إليها أحد، كان الوضع عاديا، والطلبة يسيرون في الاتجاه الآخر من الشارع. احتارت ماذا تفعل… توقفت وسألته:

– ماذا تريد مني؟

– معنا صورة لك تعالي.

– صورة؟! أي صورة؟

 اقتربت قليلا، وقفت بالقرب من السيارة. أخرج الكابتن سليمان كما كان يسمي نفسه صورة من حقيبته اليدوية التي اشتهر بحملها مثلما تحمل النساء حقائبهن، وقدمها لها.

لم تصدق، اهتز بدنها، كادت تقع على الأرض كانت صورتها عارية، وشاب يضع يديه على نهديها، صرخت.

– هذه ليست صورتي.

قال لها الكابتن سليمان مبتسما بعد أن سحب الصورة:

– لا تخافي، نحن يهمنا مصلحتك. اصعدي إلى السيارة لنتفاهم. صعدت منال إلى السيارة، في الوقت الذي كانت عالية، زميلتها في الصف في نفس المدرسة قد اقتربت من المكان. هذه السيارة ليست غريبة على الطلاب إنها تشبه سيارة المخابرات.

لم تستطع منال أن تقاوم تهديد رجال المخابرات الذين كانوا عن طريق أحد جواسيسهم، صاحب أحد صالونات الحلاقة للنساء قد ساعدهم قبل عدة أيام على الإيقاع بها، بعد أن جاءت لتصفف شعرها للمشاركة في احتفال زفاف قريبتها سحر، فقد قام صاحب المحل بتقديم كأس من الليمون لمنال مخلوط بمخدر قوي ثم قام بتصويرها وهي عارية كما طلب منه.

الآن عرفت منال لماذا عادت إلى البيت ذلك المساء وهي تشعر بتعب شديد. كانت تعتقد أنها ذهبت في غفوة ورأسها تحت ماكينة تجفيف الشعر. إذن فعلها الكلاب. نالوا منها، من شرفها، من كبريائها.

جاسوسة لهم؟

قال لها الكابتن سليمان:

– إما أن تعملي معنا أو نوزع صورك على الطالبات؟

خافت من التهديد، شعرت بدوار حاد في رأسها ماذا لو عرف أبوها وأخوها وأمها؟

أسئلة كثيرة دارت في رأسها لم تعرف لها جوابا، ولم تعرف القرار الأصوب، فانهارت موافقة على التعامل مع الكابتن سليمان، قال لها مبتسما ابتسامة صفراء بعد أن انهارت أمامه:

– لا نريد منك أن تكوني جاسوسة، نريدك أن تخبرينا فقط عن المشاغبين الذين يحرضونكن على المظاهرات، ويعطلون دراستكن. المسألة سهلة جدا يا منال، في الصباح الساعة السابعة تقفين على بعد أمتار من محلات جنة عدن، سنمر من هناك، نقف بجانبك لدقيقة تقولين لي فيها عن أية مشاغبات محتملة، وتواصلين سيرك إلى المدرسة.

صمت ثم أكمل؛

– إن خدعتني، سأضطر لتوزيع الصور.

بعد أيام كانت منال تقف في المكان المحدد صباحا، فجأة توقفت سيارة حمراء وقفت قريبة منها، فتح الشباك، سمعت صوته يناديها.

– منال!

نظرت فإذا هو نفسه، اللعين سليمان، اقتربت منه مرتعبة. سألها:

– هناك مظاهرات ستحدث غدا؟ فما أخبار المدرسة النظامية؟

 ترددت، فصرخ بها:

– يا (ش……)، سأوزع صورك الآن.

فقالت له بسرعة.

– سيشاركن غدا في المظاهرة.

– ومن التي تتزعم التحرك؟

– إنها،… إنها عالية…

أحست بأنها فقدت آخر إحساس لها بالكرامة، وأنها أصبحت الآن عارية من كل شيء رغم ملابسها التي تغطي جسدها، بينما انطلق هو مع سائقه بالسيارة بسرعة فائقة.

كانت شاردة الذهن تتمنى لو تنشق الأرض وتبلعها أفاقت من شرودها بعد أن اقترب منها رجل في الأربعين من عمره كان يراقب من بعيد ما يحدث، يعرف الكابتن سليمان جيدا فقد اعتقله في العام الماضي.

نظر إليها بغضب وقال لها:

– جاسوسة للاحتلال؟! تفوه، وبصق على الأرض. 

الآن أحست بالسكاكين تطعنها، احمر وجهها، أحست بدوار مرة أخرى خافت من فضيحة، فوقعت في مصيبة أخرى، لم تعد تعرف أي المصائب أهون عليها، تابعت طريقها إلى المدرسة وهي تتمتم:

– كنت أمام مصيبة، أنا الآن أمام مصيبتين، لا مجال للتهرب من أي منها. يا حظك يا منال، ماذا سيقول أبوك عندما تبدأ الفضائح تنهال عليه؟ ماذا سيقول أهلي، عمي أبو صالح لو عرف أنني جاسوسة سيذبحني، ماذا سأقول لعالية لو عرفت؟ وماذا لو نشروا صوري؟ هل سيقتلونني. لعنك الله يا صاحب الصالون، يحب أن تلقى جزاءك. يجب أن تدفع ثمن أعمالك الشيطانية.

فجأة تذكرت التمثيلية السورية التي شاهدتها قبل شهر عندما يقف فيها البطل أبو عمر ليقول لزوجته في نهايتها:

– مئة حبل مشنقة ولا يقولوا أبو عمر خاين يا خديجة!

ليتها كانت المشنقة لكانت أهون من الصور التي هددوني بها، ليتهم خيروني بين الموت وبين التجسس لحسابهم لاخترت المشنقة.

في الليل وقبل بزوغ فجر اليوم التالي كانت قوات الأمن قد اعتقلت عالية وعددا من طالبات المدرسة، فتعطلت المسيرة، شعرت منال بحجم الضرر الذي ألحقته بعالية، أحست بالعار، وقررت التوقف عن التعامل مع الكابتن سليمان حتى لو وزع الصور. لم تعد تنتظره في المكان الذي تعودت انتظاره فيه، لكنه لم ييأس فانتظرها بعد أيام قريبا من البيت، وما إن خرجت حتى لحق بها خافت أن يلاحظها أحد، توقفت، نظرت إليه، وبحركة لا إرادية بصقت عليه:

– تفوه عليك، انصرف واحد كلب.

ثم تابعت سيرها إلى المدرسة. أما هو فقد غادر المكان دون أن يرد عليها.

وصلت المدرسة وهي تشعر أنها استعادت بعض كبريائها الذي دمرته الصور. دخلت المدرسة، كانت الطالبات تتجمع في الساحة، يتهامسن، ويسترقن النظر إليها.

أحست بشيء يحاك ضدها. اقتربت منهن، فابتعدن عنها، شاهدتهن يمررن صورا عليهن، لعلها صورها دون أن تدري. فجأة اقتربت منها صديقة لها تدعى رحاب وقالت لها معاتبة:

– ما هذه الصور يا منال؟ كيف تسمحين لأحد بأن يصورك عارية؟ هل جننت؟

عرفت منال أن نهايتها قد اقتربت. حملت حقيبتها المدرسية، وخرجت من المدرسة تبكي وتجرجر وراءها تعليقات الطالبات عليها. على الفور ذهبت إلى أقرب صيدلية في منطقة شعفاط. اشترت نوعا من المخدر وعندما وصلت البيت، شربت ما في العلبة كلها. فوجئت أمها بعودتها صباحا مدعية أنها مريضة. لكنها بدأت تصرخ عندما وجدت ابنتها مرمية على الأرض وبجانبها علبة الدواء.

– منال؟! منال؟! ماذا حصل يا منال؟

على الفور تقاطر عليها الجيران وساعدوها بنقل منال إلى مستشفى المقاصد بالقدس.

في المدرسة انتقل الخبر إلى غرفة المعلمات. فسارعت المعلمة إلهام بتطويق الحادث، على الفور جمعت جميع الصور التي قام مجهول بتوزيعها على بعض الطالبات، وعرفت إلهام بحسها الوطني أن هذا عمل من أعمال المخابرات، وأنها قد مارست هذا العمل الدنيء لرفض منال التجسس لصالحهم ضد زميلاتها في المدرسة. كانت إلهام قد جربت الاعتقال وخبرت ممارسات المحققين.

جمعت المعلمة إلهام الطالبات اللواتي كن يتبادلن الصور وشرحت لهن أهداف المخابرات، وطالبتهن بالوعي والحذر من الأسافين التي يزرعها العدو بيننا.

تنبهت الطالبات للمأزق الذي وُضعت فيه منال، وسألن المعلمه ما العمل؟

– علينا جميعا زيارتها في بيتها، وتشجيعها على الصمود.

سألت إحدى الطالبات:

‫- ‫ولكن كيف استطاعوا تصويرها؟

قبل أن ترد إلهام، كانت عالية تدخل الصف، فقد أفرجوا عنها ليلة الأمس في ساعة متأخرة.

كانت البنات سعيدات بخروجها من السجن، وانهالت القبلات عليها من البنات، ومن المعلمة إلهام.

سمعت عالية بما حصل مع منال فوقفت أمام الطالبات لتدعم رأي المعلمة إلهام، ثم قالت لهن بصوت يعبر عن اعتزاز بالنفس:

– الصور التي وزعت عليكن ليست لفضيحة منال فقط، إنها لقتلكن جميعا، لإرهابكن بأن لا ترفضن طلبا لهم.

اليوم منال، وغدا خديجة، بعدها عبير، والقائمة تطول.

هم يوزعون الصور لأنهم يشعرون أنها تساعدهم في تحقيق أهدافهم، بأن ننهار أمامهم، ونتخلى عن أحلامنا. ردنا عليهم يجب أن يكون بالصمود، ورفض الابتزاز. أما الجواسيس الذين ساعدوا على الإيقاع بمنال فعلينا جميعا فضحهم ومحاربتهم، والاقتصاص منهم، وأنا مع المعلمة إلهام، سأكون أول اللواتي يزرن منال في بيتها. لا لن نسمح لهم أن يصطادوا واحدة منا.

بعد الظهر توجه وفد من الطالبات بصحبة المعلمة إلهام إلى بيت منال لكنهم فوجئن أنها نزيلة المستشفى فتحول الوفد إلى هناك.

فوجئت منال بالمعلمة إلهام والطالبات يدخلن عليها. تساءلت لماذا جئن؟ هل يردن التشفي بها؟

– الحمدلله على السلامة يا منال. ثم عانقتها المعلمة إلهام.

ارتعبت خوفا، لم تصدق ما ترى، كن في الصباح يتهامسن عليها، ما لهن الآن يهنئنها بالسلامة؟

 هذه عالية تتقدم من بينهن، تبتسم، تضحك تحمل باقة ورد، عانقت منال وقبلتها بحرارة.

– الحمد لله على سلامتك يا أحلى منال.

كانت منال في حالة يرثى لها وبحانبها أمها، وأبوها اللذين لم يعرفا بعد قصة الصور. خرجا من الغرفة ليسمحا للطالبات التحدث براحتهن معها. تعقد لسان منال، أهذه عالية التي كانت تشي بها قبل أيام للكابتن سليمان؟

ترى هل عرفت بذلك؟ هل أستحق قبلتها؟ هل أستحق عطفها وعناقها؟

ردت بصوت خجول عليها، وعليهن جميعا:

– شكرا، الله يسلمكم جميعا.

بعد ذلك تناوب الجميع بمعانقتها.

هنا بدأت المعلمة إلهام حديثها لمنال:

– جئنا لنقول لك، لا تخافي، نحن معك، سعداء لأنك على قيد الحياة. أنت ابنتنا وتاج رأسنا ولن نسمح لأحد أن يغير نظرتنا إليك. نحييك أنك لم تستجيبي لتهديداتهم.

نظرت إليهن مستغربة ثم قالت:

– ولكن …

عالية ردت عليها:

– لا تكملي لا يوجد ولكن…

– عالية أنا… (وبدأت تبكي)…

ردت عليها عالية بسرعة:

– عرفنا ما تتعرضين له، لا تكملي، جففي دموعك.

عانقتها مرة أخرى وهمست في أذنها:

– لا تخافي، لقد اكتشفنا صاحب صالون الحلاقة، فقد أوقع غيرك، الشباب سيعاقبونه، اصمدي يا منال، أنا سامحتك، سامحناك.

قبلتها بجبينها ثم أكملت هامسة:

– منال، نريدك معنا، الرد عليهم أن تكوني معنا.

نظرت إليها منال وهي تمسح دموعها وسألت باستغراب:

– أنا؟ وأشارت إلى نفسها.

فردت عليها عالية بايماءة من رأسها.

– ولكني ضعيفة!

فقالت عالية:

– كُنتِ ضعيفة، وعندما قلت لهم لا، اكتسبت قوة. لم يبق ما تخافين عليه منهم.

حركت يديها بحركة عفوية وعانقت عالية بحرارة بعد أن وقفت وهي تذرف دموع الفرح على أكتافها، كانت المعلمة إلهام والطالبات، يصفقن لهذا المنظر الرائع، فتح الباب والداها ليعرفا سر هذا التصفيق، وانضما للطالبات يصفقان معهن لعناق ابنتهم مع عالية الذي استمر طويلا دون أن يعرفا سر هذا العناق الأخوي الرائع.
بقلم:عادل سالم

30 يناير, 2010 غريب في وطني

أضف تعليقك

رنَّ الجَرَسُ عندَ الصبحِ
فمددت يدي كي أسكتهُ
لكنَّ يَدِي لمْ تتحركْ
جَمَدَتْ جنبي
فوقَ فِراشي
رنّ الجَّرَسُ دون هوادة
فأمرتُ يدي
أمراً آخرْ
لم تتجاوبْ
لم تفعلْ شيئاً يُذْكَرْ
حتى جَسَدي
كلُّ ما فيهِ
يَتَمَرَدُ ضِدّي
فبقيت أسير سريري
صرت غريبا في جسدى
فليقنع كلي
بالموجود الجامد
وليجري الزمن
دون وجودي
هذي القصة قصة موتي
قصة بُعدي عن أوطاني
* *
َأصبحت اليوم غريباً
في وطني
أصبحت اليوم بعيدا عن بلدي
أين الوطن الغالي الغالي
أين الوطن الذائد عني
من بَعدَكَ،
يا وطني،
يحميني؟
من ينثر فوقي
عبقَ الزهرِ
من يرسم لي
صُوَرَ النخلِ
حتى النخلُ مات كمداً
في برثان الخطأ القاتلْ
حرب تمحي حتى اليابس،
عطشُ الحقلِ
الغَدِقِ
المالحْ،
نسيان النخل بشكل كاملْ
من يرويني عند العطشِ
والماء صار دماً أحمرْ
صار الجسد بالتفجيرِ
بالتهجيرِ
بالقتل الأعشى المتعمدْ
قطعا تتطاير في كلِّ صوبٍ
من فعل الحقدِ
الأعمى
الأسودْ
* *
َأصبحت اليوم غريباً
عن وطنٍ
فيه رأيت الدنيا
نورا يسطع في كل العالمْ
أين الآنَ وطني الغالي ؟
اين الورد الجوري الأحمرْ ؟
أين الوجه الحلو الأسمرْ؟
أين القلب الصافي بالخيراتِ؟
أين القيمة للعمل الصالحْ ؟
أين الصدقُ؟
أين صديق العمر المخلصْ ؟
أين الآمر بالمعروفِ؟
أين الناهي ضدَّ المنكرْ؟
صار القتل ضمن الجدولْ
صار ضد الشعب الأعزلْ
أين جُنَيناتُ الوطنِ الحلوةْ
حلّتَْ محلَّ الوردِ
قمامةْ
تم تبديل الشجر الأخضرْ
بالإسمنتِ
صار الوطن سجنا أكبرْ
* *
ماذا أفعل؟
ماذا أنصح غيريَ أن يفعلْ؟
هل ابقى مسجونَ الآهاتِ
أذرف دمعاً
أجتر من ماضيّي ذكرى
أملأ قلبي بالأحزانِ
أتسآلُ
عن بغدادٍ ذهبتْ
كي ترقد
في أحضان الماضي
أتألمُ
من بُعدي عن وطني الدامي
أبحث في وطني
عن وطن آخرْ
أبحث عن شعبٍ آخرْ
غير الشعب الخائرْ
أين الشعبُ
الصلبُ
الصابرْ
أين وطن الصدِّ
الثائرْ
ضد الجورِ
والذبحِ
الأعمى
ضد تمزيق الوطنِ
الواحدْ
* *
ماذا أفعل؟
ماذا أنصح غيري أن يفعل؟
لا بد إذا يا أحبابي
أن تتحرك،
عند الصبح، يدي
لا بد من تنفيذ أمري
أن يسكت هذا الجرس المزعجْ
كي أحيا بعد رقادي
لأمارس يوميا عملي الأصغرْ
لأمارس دوما عملي الأكبرْ
مع من يعشق هذا الوطنِ
أن تمسك أيدي السمر بعضا
أن تتوحد كل الأطيافِ
نورا يلغي
من دنيانا
أي كابوسٍ يأتينا
يعمل من أجل الجيل الآتي
ليرى وطنا
دفن الشرَّ
ويرى شعبا
يبني حضارةْ
كحضارة سومرَ
أو بابلْ
ويرى الزرع الأخضرَ
ينمو
ويرى الزهر المضوعَ
يزهو
في كل شبر
من وطني الأخضرْ
في دربٍ يعبقُ بالوردِ
نحو القمر العالي العالي
نحو الدفئ
نحو النورِ
عند الفجرِ
شعر:عبدالحسين نوري