• Visit Dar-us-Salam.com for all your Islamic shopping needs!
أضف تعليقك

قليلاً ما تجد  أحداً وفيّا:

كان الشيخ محمد صيام  (خطيب المسجد الأقصى) رحمه الله صاحب شعر فكاهي إن جاز التعبير. 
روى لي عندما زارنا في مركز بسييك الإسلامي، ولاية نيوجيرسي عام 1994 أنه كان ذاهباً إلى لندن وعندما وصل المطار لم يجد أحداً في استقباله فكتب الأبيات التالية ممازحنا الإخوة في لندن:

إخوانكم ضحكوا عليَّ، وقد انتظرتهمُ مليّا
وأضَعْتُ من وقتي الثمين ولم يصل أحدٌ إليّا
وهجوتهمْ فالناس غدارون لا يوفون شيّا
وهناك في لندنْ قليلاٌ ما تجدْ أحداً وفيّا

غادرنا الشيخ بعد أيام إلى ولاية أخرى وقبيل عودته ارسلت له أحد الإخوة واسمه محمد لإحضاره من المطار لكن الشيخ وصل قبل محمد فاتصل بي الشيخ وبتهديد فكاهي قال لي لي:
لم يصل محمد، فقلت له:
وهناك في جيرسي قليلاً ما تجدْ أحداً وفيا
فضحك الشيخ ووصل محمد في الحال فقلت له: نجونا من الهجاء

بقيت ابيات الشيخ عالقة في ذاكرتي، ولطالما استخدمتها عندما كان يتأخر شخص عن موعد له معي.

رحم الله أبا محمود رحمة واسعة.
وللحديث بقية

نجم رضوان

أضف تعليقك

وترجّل الشيخ محمد صيام:

كان أول لقاء لي بالشيخ رحمه الله عام 1988 في المركز الإسلامي لمدينة جيرسي ستي، ولاية نيوجيرسي الأمريكية؛ حيث قدمته في محاضرة آنذاك على إثر إبعاده مِن قِبَل قوات الإحتلال من فلسطين.

التقيته بعد ذلك عام 1994  في مدينة باترسون، ولاية نيوحيرسي بعد أن استقر الشيخ في اليمن وجاء لأمريكا زائراً. ودار بيننا حديث مطوّل حول الشعر والأدب وأخبرني أنه نظم قصيدة يمدح فيها أهل اليمن مطلعها:

 الدينُ والخلـقُ الحسـنْ  والأريحيةُ فـي اليمـنْ

وشاء الله أن أزور اليمن بعد عدة أعوام لزيارة شقيقي الذي كان يقيم فيها وبحثت عن رقم هاتف الشيخ لأزوره.

 أردت ممازحة الشيخ، فكتبت له الأبيات التالية  على قصاصة من ورق ردّاً على قصيدته الآنفة الذكر. (راجياً من أهل اليمن أن يخذوا الأمر على أنه من باب المزاح فقط)
وذهبت لزيارة الشيخ الذي استقبلني استقبالاً حاراً وضحك كثيراً عندما قرأ ابيات الشعر:

 أمِنَ الحوادثِ تشتـكي أمْ حلَّ في النَّفسِ الوَهَـنْ

أمْ منْ صروفِ الدَّهرِ جالتْ في الفـُؤادِ فـما سَكَـنْ

أمْ ضقـتَ ذرعـاً بالحياةِ إلامَ تَزْخـُرُ بالـمِحـنْ

طفـتَ البـلادَ جميعَهـا حتى وصلتَ إلى اليمـنْ

لتَعيـشَ تَجْتَـرُّ المآسـي ناصحـاً أهـلَ الفِطـَنْ:

مَـنْ لمْ تعلِّمْـه الحيـاةُ فسـوفَ تصقلُه اليمـنْ

وَلسوف تَنْسى قولَ شـاعِرِنا الـكبـيرِ المؤتمـنْ

الدينُ والخلـقُ الحسـنْ والأريحيةُ فـي اليمـنْ

رحم الله أبا محمود وأسكنه فسيح جنانه، وإنا لله وإنا اليه راجعون.

نجم رضوان

26 أكتوبر, 2016 جدي أبو حسن (6)

أضف تعليقك

كان لعمتي سعاد حُظْوَة عند جدي أبي حسن أكثر من عمتي حسنية، ذلك بأن عمتي سعاد كانت تقوم بتلبية مطالبه -من إعداد القهوة السادة، والشاي بالليمون وغيرها- دون تلكؤٍ منها، بل إنها في الحقيقة هي من كان يقوم بتدبير شؤون المنزل من تنظيف وطبخ وغسيل. أما عمتي حسنية فقد كانت مشغولة بالخياطة، وقد حوّلت إحدى غرف المنزل إالى مشغل خياطة، فكانت النساء تؤمّها من كافة أنحاء مدينة جنين وقراها.ولهذا السبب كان جدي يتجاوب مع عمتي سعاد عندما تطلب منه شيئاً أو تشكو إليه شخصاً تخاصم معها. 
كان والدي رحمه الله هو من قام بتعليم عمتي حسنية وعمتي سعاد الخياطة واشترى لهما آلة الخياطة، فبرعت عمتي حسنية في هذا المجال، أما عمتي سعاد فلم يكن لها رغبة في ممارسة الخياطة بعد أن تعلمت.
كانت عمتي سعاد رحمها الله حساسة جداً، ولطالما دخلت في خصومات مع إخوانها وزوجات إخوانها بسبب تلك الحساسية المفرطة، سواء وهي في  مدينة جنين أو عندما كانت تسافر إلى الأردن أو الكويت. أما عمتي حسنية فكانت مختلفة عنها وكان تركيزها على موضوع النظافة يأخذ حيّزاً كبيراً من تفكيرها.
عمتي حسنية ترقد الآن على سرير الشفاء في بيت جدي في مدينة جنين بعد أن تعرّضت لكسرٍ في ساقها وذراعها. أدعو الله أن يشفيها شفاءً لا يغادر سقماً، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.

يتبع….

بقلم:نجم رضوان

21 أكتوبر, 2016 جدي أبو حسن (5)

أضف تعليقك

لأرض المقام عليها بيت جدي في مدينة جنين هي باسم والدي حسن وعمي محمد وعمي محمود، وبالتالي هي والبناء الذي عليها ملك لورثتهم بعد أن توفاهم الله تعالى جميعاً. لكن البناء الذي أقامه عمي عليان على نفس الأرض يشكل مشكلة لا بدَّ لها من حل عاجلاً أو آجلاً.
وقصة هذا البناء أنّ عمي عليان قدم إلى الأردن في الثلث الأول من تسعينات القرن الماضي وطلب من عمي محمد ان يمنحه إفادة مكتوبة بالسماح له – أي لعمي عليان- بالبناء على الأرض. لم يجد عمي محمد أية طريقة قانونية لعمل ذلك، فما كان منهما _أي عمي محمد وعمي عليان_ إلا أن ذهبا إلى احد المخاتير وكتبا ورقة وقّع عليها كلاهما بالإضافة للمختار، مضمونها: أن عمي  محمد يسمح لعمي عليان ببناء وحدة سكنية على حصته _اي حصة عمي محمد_ من الأرض. طبعاً هذه الورقة لا قيمة لها من الناحية القانونية. كنت وقتها متواجداً في الأردن، ونصحت عمي عليان أن لا يقيم أي بناء خاصٍ به على الأرض، وأفهمته أن الأرض وما عليها من بناء هما ملك لصاحب الأرض. لم يستمع عمي عليان لنصيحتي وأقام البناء الذي تسكن في جزء منه عائلته الان، والجزء الآخر قام بتأجيره. كما قام بتأجير بيتنا الذي بناه والدي حسن لسنوات واحتفظ بأجرته لنفسه.
الأمر الآن عائد للورثة إن قرروا بيع الأرض وما عليها من أبنية.
يتبع…..

19 أكتوبر, 2016 جدي أبو حسن (4)

أضف تعليقك

لم يكن جدي أبو حسن على وفاق مع ابنه محمود -أبو غازي لا حقاً- لأنه لم يعجبه مصاهرته مختارَ مخيم جنين عبد اللطيف الشلبي، وبقي جدي أبو حسن غير راضٍ عن ذاك الزواج طوال حياته. وقد تفاقم الأمر عندما جاء أبو غازي إلى جنين عام 1966 وبدأ بزيارة أصهاره أولاً والمبيت عندهم قبل أن يأتي لبيت جدي.وكان ذلك التصرُّف يُعتبرُ جريمةً في عرف أهل جنين آنذاك. فما كان من جدي أبو حسن إلا أن شتمه وأوصد الباب في وجهه عندما قدم، وكنتُ شاهداً على ذلك رقم صغر سني.
وقد علمتُ أن أبا غازي لم يزر جدي خلال الفترة التي قضاها جدي في الكويت للعلاج إلى أن توفاه الله في أواخر السبعينات من القرن الماضي مما تسبب بفتور العلاقة بين أبي غازي وباقي أفراد العائلة وكأنه غرّد خارج السرب.

يتبع….

بقلم نجم رضوان

16 أكتوبر, 2016 جدي أبو حسن(3)

أضف تعليقك

عادة الناس عندما يكتبون عن أنفسهم أو عن عائلاتهم أن يذكروا الجوانب الإيجابية فقطأ أما الجوانب السلبية فلا يتطرقون إليها. أما أنا فلن أسلك هذا المسلك وسأذكر الحقائق كما هي دون مواربة.
رغم أني اخترت أن أكتب عن جدي أبي حسن رحمه الله، إلا أني في الحقيقة أكتب سيرة العائلة كلها. أعلم أن ذلك لن يعجب الكثيرين من أفراد العائلة، وسوف يطلب بعضهم أن لا أتحدث عنهم لا بشاردة ولا واردة، لكني وبكل تواضع سوف أكمل ما بدأت به، ومستعدٌ إن أوردتُ معلومة غير صحيحة عن أحد أفراد العائلة أن أقوم بتصحيحها ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
جدي أبو حسن كان رجلاً متديناً ومحافظاً على الصلاة في أوقاتها لكنه كشأن أغلب الناس في ذلك الوقت لم يكن متعلماً، ولديه بعض المفاهيم والقناعات التي لا يحيد عنها ولا ير غب في تغييرها. ورغم أنه لم يسمح لنا بإيصال الكهرباء للمنزل طيلة الفترة التي عشناها عنده وتركنا نستخدم فانوس الكيروسين للإضاءة، إلا أنني أعترف أنه كان محباً لنا وقام بدور الأب بشكل جيد بينما كان والدي -حسن- يعمل في الكويت ويأتي لزيارتنا مرةً كل عامين.
أذكر أن أحد أعمامي -محمد- جاء من الكويت لزيارة جدي وجدتي في الستينات، فسأله جدي:"ألم تحضر شيئاً لأولاد أخيك؟" فكان جوابه:"أبوهم لم يرسل معي شيئاً فلِمَ أُ حضر لهم أنا؟ فغضب جدي، وذهب إلى السوق في الحال وأحضر لكلٍّ منا قطعة ملابس، وكأنه يقدم لنا كسوة العيد. كان موقفاً في غاية الحسن والروعة من جدي رحمه الله لم أنسه ولن أنساه ما حييت.
ليلة أمس رأيت جدي أبا حسن في المنام وكان حوله كميةٌ كبيرة من التمور، وأخذتُ منها أربع تمرات. أحسب أن جدي رحمه الله على خير.

يتبع…..

بفلم :نجم رضوان

13 أكتوبر, 2016 جدي أبو حسن (2)

أضف تعليقك

كان هناك عداوة شديدة بين جدي أبي حسن والابتسام والضحك، ولم يكنْ في وسع أيٍّ من أبنائه أو أحفاده مناقشته في أي موضوع، أو الاستفسار عن أي قضية أو محاورته في أي قرار من قراراته. ولهذا السبب كانت المعلومات المتعلقة به وبحياته قبل زواجه من جدتي شحيحة للغاية.
كان لدى جدي الكثير مما يمكن الحديث عنه، لكنه لم يكن ليبوح بشيء منه إلا لبعض خاصته من أقرانه من خارج العائلة. ولطالما رأيته يسهب في الحديث مع أولئك الخاصة، ولطالما امتدَّ ذلك الحديث لساعات وساعات دون كللٍ أو ملل.
لم يوافق جدي على تزويج أي من ابنتيه خوفاً من أن يقال لها يا ابنتة المصري من قِيَل زوجها أو عائلة زوجها، ولقد سمعت إحداهن أكثر من مرة وهي تقول:"ألم يكن من الأفضل أن تكون كل منا مع زوجها وأولادها ويكون لها بيتها المستقل؟". أما أبناؤه فقد فقد غادر ثلاثة منهم إلى الكويت في الخمسينات من القرن الماضي وهو والدي -حسن- ومحمد ومحمود، ولحق بهم علي عام 1966 بعد أن أنهى الثانوية العامة. وبقي جدي في  مع ابنتيه حسنية وسعاد وأصغر أبنائه -عليان- في مدينة جنين.
يتبع….
بفلم:نجم رضوان

5 أكتوبر, 2016 جدّي أبو حسن(1)

أضف تعليقك

نشأ جدي لأبي أبو حسن وترعرع في قرية نورس-قضاء جنين، وكان والده من قبلُ وُلد في نفس القرية، لكن جدي كان دائماً يعتبر نفسه مصرياً وظل متمسكاً بهذا الأمر حتى وفاته وكان لهذا الأمر ما بعده. والسبب في ذلك أن جده أو ربما أبا جده قدِم مع حملة ابراهيم باشا إبن محمد علي التي جاءت إلى فلسطين في  الثلث الأول من القرن التاسع عشر، واستقر هذا الرجل في فلسطين ولم يعد إلى مصر، تزوج من امرأة فلسطينية وكان من نسلهما جدي أبو حسن رحمه الله. فاتني أن أذكر أن جدي أبا حسن من مواليد عام 1899 وأرجّح أنه من مدينة أسوان أو سوهاج في صعيد مصر بسبب لون بشرته.
يبدو أن والدة جدي قد توفيت وهو طفل صغير أما والده فقد تُوفي وهو في السادسة عشرة من عمره، وقد تزوّج والده خمس نساء ولم ينجب سوى جدي وهناك بعض الروايات التي لم تتأكد أن جدي له أخ آخر انقطع الاتصال به عام 1948.
رُزق جدي من زواجه من جدتي -وهي من نفس عائلته- بخمسة من الأبناء وابنتين، انتقلوا جميعاً من قرية نورس إلى مدينة جنين في الضفة الغربية وذلك بُعيد سقوط نورس في أيدي اليهود عام 1948.
وكان جدي أبو حسن قد عمل في دائرة الأراضي والمساحة في فترة الإستعمار البريطاني لفلسطين، وكان لديه معلومات عن كل مدينة أو بلدة أو قرية في فلسطين بسبب عمله في تلك الدائرة.

يتبع…….

نجم رضوان

13 سبتمبر, 2016 جدني أم حسن

أضف تعليقك

لم تكن جدتي لأبي -أم حسن- رحمها الله تعالى، ممّن يعرف أو يتقن كثيراً من المهارات مقارنةً بمن هن في مثل سنها، ولعل السبب في ذلك أنها عاشت يتيمة الأبوين منذ نوعومة أظفارها، فلم تجد من يعدها إعداداً جيداً كي تعرف أو تتقن تلك المهارات أو المهام عندما تكبر. فعلى سبيل المثال لا الحصر لم تكن جدتي تعرف فئات النقود بل لم تكن تعرف حتى عدّ النقود، أما الصلاة فلم تكن تتقنها وكثيراً ما كنا نراها ونحن صغار تقرأ الفاتحة مكان التشهد والتشهد مكان الفاتحة، ولطالما رأيناها تصلّي من الصلاة الرباعية ركعة واحدة أو ركعتين وتكتفي بذلك، مع أننا كنا نسمعها دائماً تدندن بكثير من الأغاني والأهازيج القديمة التي تحفظها، وعندما كنا نحاول إقناعها بتعلم الصلاة كانت تنهرنا وتقول قولتها المشهورة "الصلاة غلّبت الهنود" ولم نكن نعرف حينئذٍ ماذا تقصد بتلك العبارة.
لم تكن جدتي أم حسن تحظى باحترام كبير في بيت جدي سواء من أبنائها وبناتها أو من جدي وعندما كانت تتشاجر مع جدي تناديه "يا عبيد" وذلك لسببين، الأول أنّ اسمه عبد الله والثاني أنها كانت أقلّ سماراً منه.

نجم رضوان

12 يوليو, 2011 خياران

أضف تعليقك

القصة حصلت في أمريكا ويقول راويها :
كنا في حفل عشاء مخصص لجمع التبرعات لمدرسة للأطفال ذوي الإعاقة ، فقام والد أحد التلاميذ وألقى كلمة لن ينساها أحد من الحضور ما دام حياً
وبعد أن شكر المدرسة والمسئولين عنها طرح السؤال التالي:
حين لا تتأثر الطبيعة بعوامل خارجية فإن كل ما يأتي منها يكون عين الكمال والإتقان.
لكن ابني "!!!!" لا يمكنه أن يتعلم الأشياء بنفس الطريقة التي يتعلمها بها الأطفال الآخرين الذين لا يعانون من الإعاقة، فلا يمكنه فهم الموضوعات التي يفهموها
فأين النظام المتقن في الكون فيما يتعلق بابني؟
وبهت الحاضرون ولم يجدوا جواباً.
وأكمل الأب حديثه: أعتقد أنه حين يقدم إلى الدنيا طفل مثل ابني يعاني من عجز في قدراته الجسمانية والعقلية، فإنها تكون فرصة لتحقيق مدى الروعة والاتقان في الطبيعة البشرية، ويتجلى هذا في الطريقة التي يعامل بها الآخرون من هم في نفس ظروف ابني
ثم قص علينا القصة التالية:
مررت أنا وابني بملعب حيث كان عدد من الأولاد الذين يعرفون ابني يلعبون لعبة البيسبول
(ولمثلي ممن لا يعلمون عن هذه اللعبة فأعلى درجة من النقاط يتم تحقيقها بمرور اللاعب على أربع نقاط حول الملعب راجعاً للنقطة الأم التي بدأ منها)
وسألني ابني "هل تعتقد أنهم سوف يسمحون لي باللعب؟ وكنت أعلم أن أغلب الأولاد لن يرغبوا في وجود شخص معاق مثل ابني في فريقهم. ولكني كأب كنت أعلم أنه إن سمحوا لابني باللعب، فإن ذلك سوف يمنحه الإحساس بالانتماء وبعض الثقة في أن الأولاد الآخرين يتقبلوه رغم اعاقته
واقتربت متردداً من أحد الأولاد في الملعب وسألته (ولم أكن اتوقع منه الكثير)، إن كان يمكن لابني "!!!!" أن يلعب معهم. ودار الولد ببصره، ثم قال نحن نخسر بستة جولات، واللعبة في دورتها الثامنة أعتقد أننا يمكن أن ندخله في الدورة التاسعة ونعطيه المضرب
وتهادى ابني "!!!!" بمشيته المعوقة إلى دكة الفريق، ولبس فانلة الفريق بابتسامة واسعة على وجهه وراقبته بدمعة فرح رقيقة والشعور بالدفء يملأ قلبي ورأى الأولاد مدى فرحي بقبولهم لابني
وتحسن وضع فريق ابني خلال الجولة الثامنة ولكن بقي الخصم متفوقاً عليهم بثلاثة جولات
ومع بدء الجولة التاسعة اعطوا ابني قفازاً ولعب في أيمن الملعب، ورغم أن الكرة لم تأت عنده إلا أن سعادته وحماسه كانا واضحين لمجرد وجوده باللعبة واتسعت ابتسامته لأقصى حد وأنا ألوّح له من وسط المشجعين.
وأحرز فريق ابني نقاط إضافية وتقلص الفارق إلى نقطتين، مما جعل الفوز ممكنا
وكان الدور على ابني ليمسك بالمضرب، فهل تتوقعوا أن يعطوه المضرب ويضيعوا فرصتهم في الفوز؟
لدهشتي أعطوه المضرب، رغم أن الكل يعرفون أنه من المستحيل أن يحرز نقاط الفوز، حيث انه لا يمكنه حتى أن يمسك المضرب بصورة سليمة، ويكاد يستحيل عليه ضرب الكرة بصورة متقنة
ولكن مع تقدمه لدائرة اللعب وإدراك لاعب الخصم أن فريق ابني "!!!!" يضحي بالفوز لهدف أسمى، وهو إسعاد وإثراء حياة ابني بهذه اللحظة التي لا تتكرر، قدم مفاجأة أكبر فتقدم عدة خطوات وألقى الكرة برفق لابني حتى يتمكن على الأقل من لمسها بمضربه
وحاول ابني ضرب الكرة ولكنه لحركته المعاقة فشل
وخطا مدافع الخصم خطوات اضافية مقترباً من ابني ورمى الكرة برفق بالغ نحو ابني
وضرب ابني الكرة بضعف وردها لخصمه الذي تلقفها بسهولة
وتوقعنا أن هذه نهاية المباراة
وتلقف المدافع من الفريق الخصم الكرة بطيئة الحركة وكان يمكنه أن يمررها لزميله في النقطة الأولى
وكان ذلك سيجعل ابني يخرج من المباراة التي تنتهي بهزيمة فريقه
وبدلاً من ذلك رمى المدافع الكرة فوق رأس زميله بعيداً عما يمكن أن يطوله أي من أعضاء فريقه
وبدأ الكل يصيح مشجعاً من مشجعي الفريقين ومن لاعبي الفريقين : اجر يا "!!!!" اجر إلى النقطة الاولى
وكانت هذه أبعد مسافة يجريها ابني، واستطاع بصعوبة أن يصل للنقطة الأولى
وترنح في طريقه على خط الملعب، وعيناه واسعتين حماساً وارتباكاً
وصرخ كل من كان في الملعب اجري إلى النقطة الثانية،
ووصل ابني إلى النقطة الثانية لأن لاعب الخصم بدلاً من أن يعوقه كان يعدل اتجاهه بحيث يصل للنقطة الثانية وهو يشجعه اجري يا "!!!!" للنقطة الثانية !
وكان الجميع يصرخون اجري اجري يابطل حتى اجري حتى النقطة الثالثة
والتقط ابني أنفاسه وجرى بطريقته المرتبكة نحو النقطة الثالثة ووجهه يشع بالأمل أن يواصل طريقه حتى يحقق لفريقه النقطة الكبرى
وحين اقترب ابني من النقطة الثالثة كانت الكرة مع أحد لاعبي الخصم وكان أصغر عضو في الفريق ولديه الآن في مواجهة ابني الفرصة الأولى السهلة ليكون بطل فريقه بسهولة ويلقي بالكرة لزميله ولكنه فهم نوايا زميله المدافع فقام بدوره بإلقاء الكرة عالياً بحيث تخطت زميله المدافع عن النقطة الثالثة
وجرى ابني نحو النقطة الثالثة وهو يترنح في حين أحاطه الآخرين راسمين له الطريق إلى نقطة الفوز
وكان الجميع يصرخون اجري اجري يابطل حتى النهاية
وبعد ان تخطي الثالثة وقف المتفرجين حماساً وطالبوه بأن يجري للنقطة الرابعة التي بدأ منها!
وجرى ابني حتى النقطة الرابعة التي بدأ منها وداس على الموقع المحدد وحياه كل الحضور باعتباره البطل الذي أحرز النقطة الكبرى وفاز لفريقه بالمباراة
في ذلك اليوم، أضاف الأب والدموع تنساب على وجنتيه ساعد الفتيان من كلا الفريقين في إضافة قبسة نور من الحب الصادق والإنسانية إلى هذا العالم.
ولم ير ابني الصيف التالي، حيث وافاه الأجل في ذلك الشتاء، ولكن لم ينس حتى آخر يوم في حياته أنه كان بطل المباراة مما ملأني بالفرح وبعد أن رأيته يعود للمنزل وتتلقاه أمه بالأحضان والدموع في عينيها فرحة بالبطل الرياضي لذلك اليوم!