للقدسِ ربٌ قادرٌ يحميها
بجنودِهِ من أهلِها وبَنيها
 
فقفوا بعيداً واتركوها وحدها
أبناؤها هم خير من يَفديها

لا تُشغلوا أقلامكم بمصيرها
أو تسألوها ما الذي يُبكيها

هي لم تكن لِتُهينكَم بدموعِها
لو كان في الإمكانِ أن تُخفيها

هي ربَّما تَبكي عليكم كالَّتي 
فُجِعت بمقتلِ أُمِّها وأبيها

جاء الرَّبيع لكي يُكفكفَ دمعها
ويُضمِّد الجرحَ الذي يُدميها

فإذا بكم تتربَّصون لقتلهِ
في كلِّ دربٍ قبل أن يأتيها

وكأنَّكم شركاءُ في مأساتها
وتُجاهرون بحبِّكم تمويها
 
بالله خلُّوها بطيبةِ قلبها
مخدوعةً فبها الذي يَكفيها

لا تنصروها بالدعاء ولا الرقى
فدعاؤكم أنتم لها يُؤذيها

ومن الذي منكم سَيدخل سجنها
ويراوغ الحرَّاس كي يرقيها؟

قد جَرَّبتكم نصفَ قرنٍ لم تجدْ
منكم سوى كلّ الذي يُشقيها

خمسون عاماً والعدوُّ بنفطكم
يُحْمِي الحديد لها لكي يكويها

خمسون عاماً وهي تطلبُ رشفةً
من نيلكم وفراتكم ترويها

خمسون عاماً لا ترى من حولها
إلا سراباً خادعاً يُغريها

لولا عنادُ القيدِ سارت نحوه
لعلَّه عما بها يُلهيها

ما هكذا تُحمى العروش وإنَّما
بالعدل حب الناس من يحميها

لو جفَّ هذا النفط تحت عروشكم
أو صار ماءً ما الذي سَيَقيها

ستصيرُ أحطاباً لنارٍ ربَّما
أجسادكم سَتُدَعُّ كي تُذكيها

 من يا ترى أنتم فإني لم أجد
نذلاً أشرِّفكم به تشبيها
 
يتعوَّذ الشيطان منكم كلَّما
عُرِضَتْ خطاياكم لكي يُحصيها

يا أمةً عزَّت بدينِ محمدٍ
لكنها لم تتركْ التَأْليها

عادت إلى وثنيةٍ لم تندثر
وأتى من الحُكَامِ من يُحييها
 
هانت ولو أَذِن الإله بموتها
لم تَلْقَ في الشُّعراء من يَرثيها
 
ومن الذي يَرثي ويَذكرُ أمة
لم تَحْتَرم بِفِعالها ماضيها

كونوا كما شئتم وشاء إلهكم
وتعبَّدوا في حبِّه ترفيها

وتوضؤوا بالنفط قبل لقائهِ
بصلاتكم كي لا يشمَّ كريها

لكن دعوا القدس التي شقيت بكم
لحبيبها فهو الذي يَعنيها

لا تذكروها باسمها فلإسمها
قدسية لا تقبل التشويها

حاولتمُ قتل الربيع لقتلها
سبحان من نجَّاهُ كي يُنْجِيها

لكنْ نَجَحتم في إطالة دربه
وشغلتموهُ بكلِّ ما يُقصيها

ولسوف يُبحر في دماءِ جراحهِ
بسفينةٍ ألله من يُجريها

سيجيءُ يحملُ روحهُ مهراً لها
في ذروة المأساة كي يُنهيها

وبودِّه لو كان يملك فوقها
ألفاً من الأرواح كي يهديها

وسيفرضُ التاريخ منطِقهُ الذي
حاربتموه مكابراً وسفيها

هي موجةٌ أولى لبحرِ ربيعنا
وهناك موجاتٌ غداً ستليها

أما دموع القدْسِ فهي عزيزةٌ
أغلى من الدنيا ومما فيها

د. طاهر عبد المجيد