أيْ صَغيرَيَّ :
إذا مرَّ الزمانْ
وتغيَّرَتْ كلّ المعالِم ههنا
وغدا المكانُ سوى المكانْ
وتفرَّقَ الشمْلُ الجميعُ
ولمْ يعُدْ للسَّعْدِ فينا ترْجمانْ
وبحثتُما عنّي
فلم تجِدا أَثرْ
وأتى المساء وأنتما..
بين المَفاوز والشجَرْ
وجَثوتُما..
قدْ هدّ في ركْنَيكُما تَعَبٌ
وكان الليل بدْريّ القَمَرْ
فنظرتما نحو القمرْ
وذَكرتماني عندها
إذ طالما في ضوءه..
كنّا معاً
نعدو معاً
والنور يعدو خلفنا
والسّعدُ مِن قدّامنا
ولطالما أجْبرتُماني أن أقصّ حكايةً
وجلستُما حولي تحِدّان النظَرْ
وإذا أتيتُ بما استترْ
بادرْتُماني بالسؤال على الأثرْ
ولطالما شاركتُماني في بناء الطينِ
في حفْرِ الحُفَرْ
***
يا لَلْقَمَرْ!
يا لَلْقَمَرْ!
ما باله قدْ عادَ بالذكرى
لماضٍ قدْ غبَرْ ؟!
***
ومضى المساء وأنتما..
بين المفاوز والشجَرْ
ورجعتُما للبيتِ
حين دَنا الصباحْ
أوّاه ما هذا الرواحْ؟
ودخلتما..
ورأيتما في كلّ زاويةٍ
من الذكرى وشاحْ
فهناك كان أبوكما يتلو الكتابْ
وهناك كان يبثُّ للأوراقِ
آلام العذابْ
وهناك في ركنٍ قصيّ..
سلّة فيها ثيابْ
ما عادَ يلبسها فتىً لبس الترابْ!
شعر:عبدالله بن سالم العطاس