في القدسِ نُورٌ شَدا بالحبِّ طائِرُهُ

قلبي لهُ هَلَّ واهتزّتْ مشاعِرُهُ

.

في حَضْرةِ القدسِ دوماً ظلَّ يُبهِرُني

تاريخُ عِطْرٍ جميلُ اللونِ ناضِرُهُ

.

أبهى المدائنِ لا يشقى المُقيمُ بها

ولا يرى ضجَراً فيها يُخامِرُهُ

.

مهْدُ السلامِ حَمامُ الحبّ يَغْمُرُهُ

يُعلّمُ النّبْلَ مَنْ يأتي يُجاوِرُهُ

.

هُنا اليبوسيُّ لم تَنضَبْ روائِعُهُ 

مَدى الزمانِ ولم تَنْفَذْ مآثِرُهُ

.

أرضُ العروبةِ والأمجادُ دَيْدَنُها

فيها التكرُّمُ لا تُلْقى نَظائِرُهُ

.

في كلِّ شِبْرٍ هنا حُرٌّ له خُلُقُ

وكلُّ حَيِّ بهِ يَنْهَلُّ شاعِرُهُ

.

هنا وميضٌ منَ العلياءِ مؤتلقٌ

ثَرُّ الملاحمِ ماضيهِ وحاضِرُهُ

.

ضوْءٌ منَ الحبِّ والإجلال ذو وَهَجٍ

بلا انتهاءٍ فلا ليلٌ يُحاصِرُهُ

.

وروْضُ فكرٍ وإبداعٍ ومَنْقبَةٍ

يَقُصُّ عنهُ من الريحانِ عاطِرُهُ

.

لمْ يشْهدِ الدهرُ يوماً مثْلَ روعتِها 

ولا حَوَتْ مِثلَ معْناها دَفاتِرُهُ

.

مَسْرايَ في القدسِ كالأحلامِ يُطْرِبُني

كالمهْرجانِ الذي يهتاجُ حاضِرُهُ

.

مَنْ لم يَقِفْ ليرى الأسوارَ شامخَةً

في القدسِ فهْوَ قليلُ الحظِّ عاثِرُهُ

.

كمْ سِرْتُ أسْتكشفُ المجدَ الأثيلَ لدى

بابِ العمودِ أناجيهِ .. أُحاوِرُهُ 

.

وبئْرُ أيّوبَ يَسقيني الجمالَ كما

يَرْوَى بأعْذَبِ ما في الكونِ زائِرُهُ

.

في موطنِ النورِ تَهدينا مشارِبُهُ 

إلى البهاء وتَسْبينا قناطِرُهُ

.

كم تُبهِجُ العيْنَ أطوادٌ وأوْديَةٌ

وكلُّ روضٍ خضيرُ النبْتِ زاهِرُهُ

.

يا جنَّةَ اللهِ في الدنيا ويا قَمَراً

في كل ليلٍ منَ النَّجْوى أُسامِرُهُ

.

وموْئلُ الخير أيْدي الشرِّ قاصِرةٌ 

عنهُ إذا طمَعتْ فيه عساكرُهُ

.

وهل يُخافُ على مَنْ سارَ مَنهجُهُ 

على النَّدى والتُّقى واللهُ ناصِرُهُ

.

ما أجْمَلَ المسجدَ الأقصى وأضوَأَهُ

يَقِرُّ عيْناً ويلْقى السَّعْدَ ناظِرُهُ

.

وحوْلهُ تبرُزُ الحاراتُ لاهِجَةً

بالحبِّ والظلْمُ عاتي الموْجِ زاخِرُهُ

.

هذا الشموخُ الفلسطينيُّ مُنْتسِبٌ

للمجدِ والعِزِّ لا تَبْلَى مفاخِرُهُ

.

خابَ الذي احتلَّ أرْضي لا حواجِزُهُ

حَجَزْنَ عزْمي وما فازتْ مَعابِرُهُ

.

أُواجِهُ العالَمَ الغافي وسَطْوَتَهُ

فالحقُّ حيٌّ إذا ماتتْ ضَمائِرُهُ

.

شعبي أبِيٌّ فلا يَعْنو وليْسَ يَني

لَدَى الزمانِ إذا دارتْ دوائِرُهُ

.

وموْطِني مثلُ بحْرٍ في مكارمهِ

وأهلُهُ بينِ أيديهِ جواهِرُهُ

.

القدسُ رَوْضةُ إيمانٍ مُبارَكةٌ

قلبي بها انْتفَضَتْ وَجْداً خواطِرُهُ

.

كالوشْمِ حُبّي لها يَسْري بكُلِّ دَمي

مَهْدُ الجمالِ فؤادي لا يُغادِرُهُ

___________

إيمان مصاروة