غَدَوْنا مِثْلَ أَبْناءِ الْأَفاعي *** قُرَيْظَةَ وَالنَّضيرِ وَقَيْنُقاعِ
حَرِصْنا، كَالْيَهودِ، عَلى حَياةٍ *** وَإِنْ كانَتْ بِأَحْضانِ الضَّياعِ
بِحِبْلِ النّاسِ، لا اللهِ، اعْتَصَمْنا *** وَمَهْما امْتَدَّ فَهْوَ إِلى انْقِطاعِ
قُلوبُ الْمُسْلِمينَ الْيَوْمَ شَتّى *** وَتَحْسَبُهُمْ جَميعًا كَالسِّباعِ
وَبَأْسُ الْعُرْبِ بَيْنَهُمُ شَديدٌ *** وَأَبْناءُ الضَّرائِرِ في صِراعِ
فَما اتَّفَقوا عَلى شَيْءٍ سِوى أَنْ *** يَظَلّوا في دَياجيرِ النِّزاعِ
وَكَمْ بَلَدٍ بِأَيْدينا هَدَمْنا *** فَأَمْسى لِلْأَعادي كَالْمَشاعِ!
وَكَمْ سورٍ حَصينٍ قَدْ نَقَبْنا *** وَأَدْخَلْنا الضِّباعَ إِلى الْقِلاعِ!
وَكَمْ أَكَلَتْ رَعِيَّتَنا ذِئابٌ *** أَمِنّاها عَلى خَيْرِ المْراعي!
وَكَمْ عِجْلٍ عَبَدْناهُ عُقودًا *** وَما زِلْنا نَخورُ بِلا انْقِطاعِ!
وَكَمْ عَهْدٍ مَعَ الْمَوْلى نَقَضْنا! *** وَكَمْ حَقٍّ لِخالِقِنا مُضاعِ!
وَكَمْ مُوحًى إِلَيْهِ قَدْ قَتَلْنا *** فَإِنَّ الشِّعْرَ وَحْيٌ لِلْيَراعِ!
وَنَحْسَبُ أَنَّنا خَيْرُ الْبَرايا *** وَأمَّتُنا هَوَتْ في قَعْرِ قاعِ
سَقَطْنا فَانْجَلى ما قَدْ سَتَرْنا *** وَبانَ الْقُبْحُ مِنْ تَحْتِ الْقِناعِ
فَكَمْ يَنْهى عَنِ الْمَعْروفِ حَمْقى *** وَكَمْ، لِلْمُنْكَراتِ الْيَوْمَ، داعِ!
وَكَمْ نَغْلٍ عَلى الدّينارِ تُخْشى *** خِيانَتُهُ، وَذي شَرُّ الطِّباعِ!
وَكَمْ صَلّى بِنا شَيْخٌ فَأَبْكى *** وَلَمْ يَكُ ما رَأْيْتُ كَما السَّماعِ!
وَكَمْ شَيْخٍ يَحُجُّ بِما حَواهُ *** مِنَ الْأَيْتامِ أَوْ إِرْثِ النَّواعي!
وَكَمْ مُتَنَعِّمٍ بِرِبا بُنوكٍ *** وما أَدّى الزَّكاةَ إِلى الْجِياعِ!
تَرَكْنا سُنَّةَ الْهادي وَصِرْنا *** نَسيرُ مِنَ ابْتِداعٍ لِابْتِداعِ
وَما غَيْرَ الْأَراجيلِ اخْتَرَعْنا *** وَبِئْسَتْ، لِلْجَهولِ، مِنَ اخْتِراعِ
وَما يَوْمًا خَرَجْنا مِنْ نِقاشٍ *** سِوى بِعَداوَةٍ بَعْدَ الصُّداعِ
وَصَدَّقْنا إِشاعاتٍ تَوالَتْ **** عَلى الْأَحْرارِ مِنْ حُمْقِ الرَّعاعِ
وَحَرَّفْنا كَلامَ اللهِ عَمْدًا *** بِتَفْسيرٍ بَليدٍ وَاقْتِطاعِ
إِذا اخْتَلَسَ الشَّريفُ الْأَلْفَ أَلْفٍ *** عَدَدْناهُنَّ مِنْ سَقَطِ الْمَتاعِ
وَإِنْ سَرَقَ الضَّعيفُ رَغيفَ خُبْزٍ *** أَقَمْنا الْحَدَّ جَهْلًا بِالشِّراعِ
وَأَسْلَمْنا سَفائِنَنا لِحَمْقى *** لَكَمْ خَرَقوا السَّفينَ مَعَ الشِّراعِ
وَلا نَدْعو إِلى تَحْكيمِ شَرْعٍ *** جَديرٍ بِاقْتِفاءٍ واتِّباعِ
وَلا يَدْعو حَكيمٌ كُلَّ قَوْمي *** إِلى رَصِّ الصُّفوفِ وَالِاجْتماعِ
وَلا يَدْعو مَشايِخُنا لِعَدْلٍ *** سِوى، بَيْنَ الضَّرائِرِ، في الْجِماعِ
___________________
جواد يونس