مِنْ لَوْعَةِ الْياءِ حَتّى صَرْخَةِ الْأَلِفِ *** أَقولُ يا أُمَّةَ الْمِلْيارِ: واأَسَفي!

يا قُدْسُ، تاجُكِ بَعْضٌ مِنْ عَقيقِ دَمي *** وَذلِكَ اللُّؤْلُؤ الْمَكْنونُ مِنْ صَدَفي

يُعيدُني زَمَنُ الْأَقْصى لِفاتِحَتي *** ما قيمَةُ السَّيْفِ مَنْقوشًا عَلى الْخَزَفِ؟!

ما قيمَةُ اللُّغَةِ الْفُصْحى إِذا انْتُهِكَتْ *** وَصَوْتُ مَرْيَمَ مَحْمولٌ عَلى كَتِفي

فَأَنْتِ بوصَلَةُ الدُّنْيا وَرايَتُها *** وَأَنْتِ سِجّادَتي الْأولى وَمُعْتَكَفي

وَأَنْتِ طُهْرُ الْعَذارى كُلِّهِنًّ إِذا *** جِئْنا نُفاخِرُ بِالْأَنْسابِ وَالشَّرَفِ

يا قُدْسُ، لَوْلاكِ ما ضَجَّتْ مَلائِكَةٌ *** وَلا أَشارَتْ إِلَيْنا الْحورُ في الْغُرَفِ

إِذا غَفَوْتُ فَطَيْفُ الْقُدْسِ في هُدُبي *** وَإِنْ لَهَفْتُ فَصَوْتُ الْقُدْسِ في لَهَفي

تَبْدو الْعُروبَةُ لَفْظًا لا غَناءَ بِهِ *** إِنْ أَنْتِ لَمْ تَنْبِضي فيها وَتَعْتَرِفي

كُلُّ الْبُطولاتِ دونَ الْقُدْسِ مَهْزَلَةٌ *** كُلُّ الْفُتوحاتِ مِنْ ياءٍ إِلى أَلِفِ

قُلْ لِلْحَجيجِ وَقَدْ أَبْطَتْ قَوافِلُهُمْ *** ما طافَ بِالْبَيْتِ مَنْ بِالْقُدْسِ لَمْ يَطُفِ

حُجُّوا إِلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصى وَمِنْبَرِهِ *** إِذَنْ تَحُجّوا إِلى وادٍ بِمُزْدَلَفِ

لا تَعْتَبي إِنْ رَأَيْتِ الْقَوْمَ قَدْ نَكَصوا *** وَلا تَقولي لَهُمْ: أُفٍّ، فَتَنْكَسِفي

هُمْ يَمْلَؤونَ الصَّحارى غَيْرَ أَنَّهُمُ *** مَوْتى فَلا تَنْفُخي في هذِهِ الْجِيَفِ

إِنْ كانَ لَلنَّمْلَةِ الْعَرْجاءِ مِنْ هَدَفٍ *** إِنّي لَأَخْجَلُ مِنْ قَوْمٍ بِلا هَدَفِ

سَبْعونَ عامًا وَلَمْ تَصْهَلْ خُيولُهُمُ *** وَلَمْ يَجودوا بِغَيْرِ اللَّوْمِ وَالْأَسَفِ

لكِنَّها السَّنَواتُ الْعَشْرُ، يا وَلَدي *** جاءَتْ بِضَرْبٍ مِنَ الْأَحْرارِ مُخْتَلِفِ

قَدْ زَلْزَلوا الظُّلْم، بَلْ قَصّوا مَخالِبَهُ *** وَقَوَّموا كُلَّ مَغْرورٍ وَمُنْحَرِفِ

وَأَوْقَدوا اللَّيْلَ جَمْرًا مِنْ أَصابِعِهِمْ *** وَأَطْلَقوا الْماءَ حَتّى آخِرِ السَّعَفِ

الشاعر الفلسطيني: محمود مفلح