أن يُقطعَ الدّربُ الطويل لدارهِ
ويُدقّ بابُ القلبِ حتَى يُكسرا
..
يا منْ تَسَلْ كيْفَ القِصاصُ منَ الذي 
سرَقَ الفؤادَ ودسّ فيه خنجرا
..
و اكْتبْ على شفَةِ اللقاءِ بدمعةٍ 
فلربّما وطن المحبة أمطرا
..
يا دمعةً سكنَ الحنينُ بجوفها 
وسكنْتُ في قلبِ الحنينِ فأزهرا
..
جمْرٌ على صفحاتِ قلبٍ هائمٍ 
ذرَعَ المواجعَ مرّتين وفي العرا
..
لبس الوصالَ على طريقٍ شائكٍ 
فتقطّعَتْ جددُ الحذاءِ وما درى
..
ما زال يسألُه البعادُ مسافةً 
هي كلّما يبستْ تعلّقَ بالثّرى
..
حتّى أتى وادي الطلولِ تحلّقتْ 
منْ حولِه كلُّ الطيوفِ فأبْصرا
..
نهْرًا بعيدًا دافقًا ملأ المدى 
وأحالَ كلّ اليَبْسِ دربًا أخضرا
..
سيفيضُ منه العائدون لأرضهم 
يومَ الشهادةِ سلسبيلا مُسْكِرا
..
همْ علّموا التاريخَ لوْنَ يراعهِ
فأقامَ في عينِ الحقيقةِ منبرا
..
خمسون عاما والقصائدُ في دمي 
مسكوبةٌ بدرًا مُشعّا نيِّرا
..
يلقيه من طرفِ الغيابِ بظلمةٍ 
ليْلٌ يكفّنُهُ الشّهيدُ فأقْمرا
..
خمسون عاما والمساجدُ كلّها 
ترْنو إلى نهْرِ بقيْدٍ قدْ جرى
.. 
مرآةُ قبّتِهِ اليتيمةِ ضاحكتْ 
قلْبًا إليْها منْ حنينٍ قدْ سرى
..
هزئتْ منَ الظّلّ الدّخيلِ وعانقتْ 
فوْقَ الكواكبِ مستحيلا أثمرا
..
ستعيدُه الأيّامُ مثل حديثهِ
يومَ استقامَ به البناءُ فكبّرا
..
ونزيلُ عنه الليْلَ رمْشَ مسافةٍ 
بين انتباهةِ نظرتين لكيْ نرى
..
أرضًا يقبّلها الشهيدُ وقدْ رأتْ 
دمنا القديمَ منَ الجديدِ تعطّرا
..
و سقى نخيل العاشقين فأورقت 
جنبات حبٍّ كلّ نبضٍ أزهرا
___________

عمر طش