سَلامٌ مِنْ رُبى الْأَقْصى وَعِشْقُ *** يُكَفْكِفُ نزفَ عَيْنِكِ يا دِمَشْقُ
وَمَعْذِرَةٌ لآلافِ الضَّحايا *** قُلوبُ الْعُرْبِ ما عادَتْ تَرِقُّ
بَراميلٌ مِنَ الْبارودِ تَهْوي *** لِيَطْمِسَ حُسْنَ وَجْهِ الشّامِ حَرْق
يَموتُ الطِّفْلُ جوعًا ثُمَّ نَلْهو *** كَأَنّا الْغَرْبُ لا يَعْنيهِ شَرْقُ
وَلا يَعْني بُكاءُ السّودِ شَيْئًا *** كَأَنَّ عُيونَنا خُضْرٌ وَزُرْقُ!
تَجَلَّتْ في عَباءَتِنا ثُقوبٌ *** وَأَعْيى إِبْرَةَ الْخَيّاطِ رَتْقُ
وَلَمْ تَبْرأ جِراحٌ في بِلادي *** وَكَمْ لِلْجُرْحِ في الْأَعْماقِ عُمْقُ
إِذا ما خِيطَ جُرْحٌ قَدَّ عَزْمًا *** يُقَدِّدُ ظَهْرَ صَبْرِ الْحُرِّ فَتْقُ
تُنادي حِمْصُ: خالِدُ، قُمْ وَجَرِّدْ *** لَنا الْمَسْلولَ، كَمْ يَهْواهُ عُنْقُ!
وَداوِ بِهِ صُداعًا لا يُداوى *** بِغَيْرِ ظُباهُ، إِنَّ السَّيْفَ حَقُّ
رُؤوسٌ أَيْنَعَتْ لِشِرارِ خَلْقٍ *** وَحانَ قِطافُها كَيْما تُدَقُّ
فَكُلُّ مَواعِظِ الْخُطَباءِ زَيْفٌ *** إِذا ما اسْتعْبَدَ الْأَفْعالَ نُطْقُ
وَكُلُّ قَصائِدِ الشُّعَراءِ تَغْدو *** هُراءً إِنْ خَبا في الْقَلْبِ عِشْقُ
شَآمُ الْعِزِّ تَأْبى حُكْمَ كَلْبٍ *** عِصابَةُ حُكْمِهِ ضَبُعٌ وَسِلْقُ
تَمُصُّ دِماءَ فُلّي مِنْ عُقودٍ *** كَما مَصَّتْ دِماءَ الطِّفْلِ بَقُّ
تُميتُ الشَّيْخَ جوعًا … لا تُبالي *** وَصَدْرَ الطِّفْلِ مِنْ حِقْدٍ تَشُقُّ
شَهيدُ الْحَقِّ لَمْ يَجْزَعْ فَدَوْمًا *** لَهُ نَحْوَ الْحِسانِ الْحورِ سَبْقُ
وَيَأْتي جَنَّةَ الرَّحْمنِ مِسْكًا *** وَأَبْوابَ الْهَناءِ بِها يَدُقُّ
فَتُفْتَحُ لِلشَّهيدِ، وَمَنْ سِواهُ *** لَهُ في جَنَّةِ الرِّضْوانِ حَقُّ
لِشامِ الْياسَمينِ الْقَلْبُ يَهْفو *** وَيُخْلِصُ ما عَلا في الصَّدْرِ خَفْقُ
بِلادَ الشّامِ يَهْوى كُلُّ حُرٍّ *** وَشَغْفَ فُؤادِهِ كَمْ تَسْتَرِقُّ
بِها وَصّى رَسولُ اللهِ قَوْمي *** وَزانَ أُناسَها لُطْفٌ وَرِفْقُ
______________
جواد يونس