أرى الموتَ لا يلهو وإن كُنتَ لاهيا 
ويُزجي إلى كلِّ النُّفوسِ الدَّوَاهيا.

أرى الموتَ يجتازُ الجميعَ لينتَقي 
كـراماً علينا أو صغــاراً غَوَالـيــا.

ففي كـل يـومٍ رَاحـلٌ بعدَ راحــلٍ
وفي كلِّ يومٍ تسمعِ البعضَ ناعيا.

أرى الموتَ لايغفُو لِـنرتاحَ ساعةً
وليسَ لنا مِنهُ سـوى اللـه ناهيــا.

تخـطَّفَ أرواحـــاً وكانــت بَرِيـئَةً 
وجَندَلَ صِنـديداً وقد كانَ عاتِيـا.

إذا مــا أرادَ اللـــهُ للعبــدِ مـــوتَةً 
بأرضٍ دعـاهُ مِن حماهَا المُناديــا.

فَيَأتي إليها يبتَغـي بَعـضَ حاجـةٍ 
ولَـم يــدرِ أنَّ المـــوتَ لابـُدَّ آتيــا.

وجاءتَ بِهِ تَسعَى إلى الموتِ رِجلُهُ
وقد عادَ مَحمولاً وقد كان ساعيا.

أرى الموتَ في أرضي أقامَ خيامَهَ 
وأرسـلَ أنيـاباً تَجــوبُ النَّواحيــا.

فصِـرنا لهُ في كـلِّ حيـنٍ فَـرَائسـاً
متَى مـا أرادَ الذَّبـحَ جَرَّ النواصيـا.

أقـامَ لنـا سُــوقاً فكنَّـا بضَـاعَـــةً 
وجئنـا بحـربٍ واجتَلَبنا النَّواديـا.

فأشعـلَ فينا أبأسُ القــومِ نارَها 
وأصبـحَ فيها الكـلُّ آتٍ وغاديــا.

فلم يَنجُ مِن سَيفِ المَنايا مُحـاذرٌ 
ولم يُفلِتِ النَّائي وإن كانَ نائيــا.

وحَامَت علينا في السَّماءِ طُيورُها 
وعطَّرَ وجـهَ الأرضِ منِّـي دمَـائيـا.

فمَن لم يَمُت بالقصفِ ماتَ بجُوعِهِ 
ومَن لم يُصَب بالفَقرِ قد صارَ ناجيا.

وضـاقَت بأرواحِ الضَّحايـا سماؤنـا
وباتَ حكيمُ الناسِ في الأمرِ غاويا.
…………..
خليـل الفـلاح.