مهداة إلى شيخ المسجد الأقصى وسراجه الّذي لم ينطفئ رغم ظلام السّجن: الشيخ رائد صلاح
كَاللَّيْثِ زَمْجَرَ … كَالعَوَاصِفِ أَرْعَدَا
كَالفَجْرِ أَسْفَرَ … كَالأَذانِ تَشَهَّدَا
وَقَفَتْ بِسَاحَتِهِ المَنُونُ، فَقَال مِنْ
عِشْقٍ لِمَسْجِدِهِ الحَبِيْبِ: أَنا الفِدَى
فَتَصاغَرَتْ عَنْ شاهِقٍ … وَتَقَهْقَرَتْ
عَنْ قائِدٍ جَعَلَ الشّهادَةَ مَوْعِدَا
وَاللهِ ما عَطِشَتْ بِقُدْسِكَ صَخْرَةٌ
إِلاّ هَطَلْتَ عَلَى مَواجِعِها نَدَى
صَمَتَتْ زَعاماتُ العُروبَةِ خِسَّةً
وَوَقَفْتَ فِي لَيْلِ الشَّدائِدِ مُفْرَدَا
أَسَدًا تَهَيَّبُهُ الضِّباعُ مَخُوفَةً
وَتَذِلُّ عَنْ إِقدامِهِ طُغَمُ العِدَى
لَسْنَا نَدِيْنُ لِعُصْبَةٍ سَكَتَتْ عَلَى
نَهْشِ البلادِ وَآثَرَتْ أَنْ تَقْعُدَا
وَتَظَلُّ تَحْلِفُ بِالعُرُوبَةِ … وَهْيَ مَنْ
طَعَنَ العُرُوبَةَ جَهْرَةً وَتَهَوَّدَا
***********
يا شَامِخًا كالطّوْدِ …
يَا مُتَرَفّعًا كَالنَّجْمِ فِي الأَفْلاكِ …
يَا مُتَوَقّدّا
قِفْ فِي ضَياعِ الحَقِّ حَقًّا ثابِتًا
وَأَضِئْ بِلَيْلِ التّائِهينَ الفَرْقَدَا
وَأَعِدْ عَلَى أَسْماعِنا: يَا قُدْسَنا
وَاصْرُخْ بِنا مُتقَاعِسِيْنَ وَرُقَّدَا
وَابْعَثْ عِبارَتَك الّتي لَمْ تَنْطَفِئْ:
بِالرُّوحِ … بِالدَّمِ سَوْفَ نَفْدِي المَسْجِدا
وَارْفَعْ سُيوفَ الصَّحْوِ فِينا… وَانْتَفِضْ
وَاغْضَبْ كَما شَاءَ الإِلهُ مُؤَيَّدَا
زَلَّتْ بِنا قَدَمُ الطَّرِيْقِ … وَضَلَّ مَنْ
عَبَدَ القُرودَ … وَقَلَّ فِيكَ مَنِ اهْتَدَى
فَكُنِ الطّرِيقَ إِلى الخَلاصِ …
وَكُنْ لَنا
لِلزّائِغِينَ عَنِ الصِّراطِ المُرْشِدَا
أَشْعِلْ نَداءَ: (القُدْسُ في خَطَرٍ)…
وَخُذْ مِنْ لَحْمِنا وَعِظامِنَا أَنْ يُوقَدَا
وَانْثُرْ دِمانَا فَوْقَ أَقْصانَا هَوَىً
وَحَذارِ مِنْ نارِ الإِبا أَنْ تَخْمُدَا
إِنْ تُسْلَبِ القُدْسُ الأَمانَ فَلَنْ تَرَى
لِعَواصِمِ العَرَبِ الأَمانَ عَلَى المَدَى
القُدْسُ صُورَتُنا… إِذَا رَفَلَتْ عَلَى
ثَوْبِ النَّعِيْمَ هَمَتْ عَلَيْنا عَسْجَدَا
القُدْسُ خَيْمَتُنا… فَمَنْ سَيُظِلُّنا
إِنْ هبّ رِيْحُ العاتِياتِ وَعَرْبَدَا
القُدْسُ نَخْلَتُنا …
إِذا تَهْوِي…
هَوَى شَمْلُ العُرُوبَةِ بَعْدَهَا وَتَبَدَّدا
نَحْنُ الّذينَ مَعَ الفَناءِ سَنَنْتَهِي
وَلَسَوْفَ تَبْقَى وَالأَذانَ مُرَدَّدَا
الخَالِدانِ: المَسْجِدُ الأَقْصَى وَقَدْ
سَجَدَتْ لِهَيْبَتِهِ القَواصِمُ وَالرَّدَى
وَالذّائِدُونَ عَنِ الحِمَى مَا اسْتَعْطَفُوا
غَدْرَ اليَهُودِ وَلا استطابُوا المرقدا
إِنْ حُوصِرَ الجَسَدُ الكَلِيْلُ بِسَجْنِهِ
فَالرُّوحُ طَيْرٌ فِي المَآذِنِ غَرَّدا
حَسْبِي إِذا مُدّتْ أَيَادٍ لِلْعِدَى
أَنِّي كَفَفْتُ عَنِ الخِياناتِ اليَدَا
إِنّي حَسَدْتُ القَيْدَ يَلْمِسُ مِعْصَمًا
فِي حُبِّ مَسْجِدِهِ الطَّهُورِ تَقَيَّدَا
وَيُحِيْطُ بِالقَدَمَيْنِ … مَا مَشَتَا إِلى خِزْيٍ
وَغَيْرَ كَرامَةٍ لَمْ تَشْهَدَا
تَمْضِي لِسِجْنِكَ كَاللُّيُوثِ إِلى الشَّرَى
أَلِفَ النَّوازِلَ وَاسْتَطابَ المَوْرِدَا
زَرَدُ الحَدِيْدِ عَلَى يَدَيْكَ وَسَامَةٌ
وَوِسامُ عِزٍ مِنْ ثَباتِكَ قُلِّدَا
بِهِما تُدِلُّ عَلَى الّذين تَقَلَّدُوا
رُتَبَ الخُنُوعِ تَجَبُّرًا وَتَوَعُّدَا
لَيْسَتْ قُصُورُ الحُكْمِ تُنْجِبُ سَادَةً
المَسْجِدُ الأَقْصَى يَصُوغُ السَّيِّدَا
**********
يا ثالِثَ البَطَلَيْنِ مِنْ بُرْدَيْهِما
قَدْ جِئْتَ تُكْمِلُ فِي الجِهادِ المَشْهَدَا
لا تُلْقِ سَيْفَكَ…
فَالذِّئابُ تَجَمَّعَتْ
وَاللَّيْلُ أَطْبَقَ…
وَالجَرادُ تَحَشَّدَا
صِحْ بِالغِياثِ لَسَوْفَ تَأْتِي خَيْلُنا بُلْقًا…
وَتأتِيْكَ الصَّياقلُ جُرَّدَا
تَمْضِي إِلى المَسْرَى يُجَلْجِلُ صَوْتُها:
لَبَّيْكَ يَا أَقْصَى… وَيَشْتَعِلُ الصَّدَى
وَلَسَوْفَ نَهْتِفُ فِي رُبا ساحاتِهِ:
نَفْدِي الإِلهَ وَمَسْجِدَيْهِ وَأَحْمَدَا
وَلَسَوْفَ نَمْلأُ مِنْ دِمانا زَيْتَهُ
لِتُضِيْءَ لِلآتِيْنَ لَيْلاً أَرْبَدَا
وَنثُورُ كَالطُّوفانِ مَاجَ هَدِيْرُهُ
وَنَفُورُ كَالبُرْكانِ … لَنْ نَتَرَدَّدَا
الرَّائِدُ المِقْدامُ لَيْسَ بِكاذِبٍ
فِي قَوْمِهِ … وَلَسَوْفَ تَبْقَى (رائِدَا)
___________
أيمن العتوم