أَمْسى تَصَفُّحُ ما في الْفيسِ إِدْمانا *** عَنِ الصَّلاةِ وَذِكْرِ اللهِ أَلْهانا
نُمْضي عَلى النِّتِّ ساعاتٍ بِلا عَدَدٍ *** وَما حَسَبْنا لِيَوْمِ الْحَشْرِ حُسْبانا
فَما ذَكَرْنا بَديعَ الْكَوْنِ في سَحَرٍ *** وَلا تَلَوْنا بِجَوْفِ اللَّيْلِ قُرْآنا
وَلا جَلَسْنا مَعَ الْأَبْناءِ نُرْشِدُهُمْ *** وَلَمْ نُشارِكْهُمُ بِشْرًا وَأَحْزانا
وَلَمْ نَصِلْ رَحِمًا في قَطْعِها نِقَمٌ *** وَلَمْ نَزُرْ مَنْ تَخِذْنا الْعُمْرَ إِخْوانا
وَإِنْ نَزُرْهُمْ جَلَسْنا وَالطُّيورُ عَلى *** رُؤوسِنا دونَ أَنْ نَدْريْ لَهُمْ شانا
حاسَبْتُ نَفْسِيَ قَبْلَ الْمَوْتِ يا قَلَمي *** وَصُغْتُ شِعْرِيَ نُصْحًا لي وَتِبْيانا
ما كُنْتُ مِمَّنْ إِذا الرَّحْمنُ ذَكَّرَهُمْ *** خَرّوا عَلى آيِهِ صُمًّا وَعُمْيانا
وَلَسْتُ أُنْكِرُ ما في الْفيسِ مِنْ مُتَعٍ *** وَكَمْ عَشِقْنا بِهِ لِلْفَنِّ أَلْوانا
وَكَمْ عَرَفْنا بِهِ صيدًا جَهابِذَةً *** وَكَمْ كَسِبْنا بِهِ صَحْبًا وَخِلّانا
وَلَسْتُ آسى عَلى ما مَرَّ مِنْ عُمُري *** وَلا أَبيتُ على ما فاتَ نَدْمانا
وَلَيْسَ كُلُّ الَّذي قَدْ فاتَ كانَ سُدًى *** وَلا أَقولُ لَكُمْ: يا ليْتَ ما كانا
فَكَمْ تَعَلَّمْتُ مِنْ شِعْرِ الْفُحولِ بِهِ *** فَما كَسَرْتُ إِذا ساجَلْتُ أَوْزانا
ما كُنْتُ أَهْجُرُ شِعْرًا قَدْ شُغِفْتُ بِهِ *** فَإِنًّ روحِيَ نَهْرٌ فاضَ أَلْحانا
وَلَمْ تَزَلْ في فُؤادي أَلْفُ قافِيَةٍ *** وَلَسْتُ أَمْلِكُ لِلْأَلْحانِ كِتْمانا
لكِنِّما سَوْفَ أَحْمي الرّوحَ مِنْ شَطَطي *** وَقَدْ أَعودُ إِلى التَّغْريدِ أَحْيانا
________________________
جواد يونس