عَامٌ أتَى وهُنَا عَامٌ قدِ ارتحَلَا 
يجرِيْ الزَّمَانُ ومنْ أعمارِنَا حمَلَا
يقتاتُنَا الدَّهرُ والأيَّامُ تدفعُنَا 
إلى النَّهايَاتِ ركبُ العمرِ كمْ رحَلَا
تمضِيْ السُّنونُ على أفلاكِ غايتِنَا 
تُدَحرِجُ العمرَ لمْ تتركْ لنَا أمَلَا
عامٌ مضَى ودهورٌ قبلَهُ سلَفَتْ 
نجريْ معَ الدَّهرِ في أيامِنَا دجَلَا
جيلٌ أتَى بعدَ أجيالٍ قدِ اختنَقَتْ 
فيْ لُجَّةِ القبرِ كمْ عشنَا المَدَى دُوَلَا
هذَا يموتُ وذَا يحيَا فمَا اتعظَتْ 
منَّا القلوبُ ولا باغِ الهَوَى خَجِلَا
كيفَ المقامُ بأرضِ الموتِ؟ لا أملٌ 
ولا بقاءٌ فكمْ غيمِ الرَّدَى هطَلَا
لا طالبَ المجدِ نالَ المجدَ مبتهِجاً 
ولا مجدًّا إلى أهدافِهِ وصَلَا
نلغُو الدِّمَاءَ 
دَمَاءَ الأبرياءِ لمنْ ؟
للحكمِ لا ناقةً فيهَا ولا جمَلَا
نُمَزِّقُ الجسمَ نفنيْ صفَّ وحدتِنَا 
بالحربِ سقنَا إلى أعمارِنَا أجَلَا
بتنَا على الخبتِ في صحراءِ مقفرةٍ 
لم يصحُ عقلٌ ولم يرتَدّْ منْ غفَلَا
نحاربُ النُّورَ في تيهِ الظَّلامِ فمَا 
ردَّ الزِّحامُ على ديجورِنَا رجُلَا
تظلُّ تحكمُنَا الأهواءُ حاملةً
تُغَرِّدُ السُّخفَ في أعماقِنَا غزَلَا
إنْ قلتُ يا صاحِ ردَّ الدَّربُ مرتَحلاً
كمْ ضلَّلَ السُّكرُ من لحظِ الورَى مُقَلَا
يا غافلَ النَّفسِ عدْ للحقِّ معتَبِراً
بمنْ سهَا لم يجدْ ثوباً ولا حُلَلَا
مَنْ يهرقِ العمرَ في غاياتِ شهوتِهِ
لم يلقَ في القبرِ منْ إخفاقِهِ عمَلَا
_____________
إبراهيم القيسي