لا الشَّوْقُ أَشْجَانِي وَلا طَيْفٌ سَرَى
أَبَداً وَلا الثَّغْرُ المُعَطَّرُ عَنْبَرَا
حَتَّى وَلا نَأْيُ الحَبِيْبِ وَهَجْرِهُ
فَالأَمْرُ بَاتَ أَمَرَّ مِنْهُ وَأَخْطَرَا
إِنَّ الّذِي أَشْجَى الفُؤَادَ وَعَلَّنِي
مَاْ حَلَّ فِي أَرْضِ الشَّآَمِ وَمَا جَرَى
فَلَقَدْ دَهَى تَارِيْخَهَا وَشُمُوْخَهَا
خَطْبٌ عَظِيْمٌ قَدْ تَمَادَى وَافْتَرَا
بَرَدَى تَخَضَّبَ بِالدِّمَاءِ صَفَاؤُهُ
وَاليَاسَمِيْنُ عَلَى الرُّكَامِ تَعَفَّرَا
وَالقَاسِيُونَ تَزَلْزَلَتْ أَرْكَانُهُ
عَظُمَ البَلَاءُ وَبَاعَ فِيْنَا وَاشْتَرَى
وَهُنَاكَ فِي شَرْقِ البِلادِ وَغَرْبِهَا
مَوْتٌ تَبَهْنَسَ فِي الرّبُوعِ وَعَسْكَرَا
نَاعُوْرَةُ العَاصِي تَئِنُّ وَتَشْتَكِي
وَبِقَلْعَةِ الشَّهْبَاءِ صَرْحٌ دُمِّرَا
وَقَوافِلٌ لِلنازِحِيْنَ تَوَاتَرَتْ
تَسْعَى لأَمْنٍ فَاحْتَوَاهَا (مَرْمَرَا)
شَابَتْ نُفُوْسٌ خُدَّجٌ فَيْ مَهْدِهَا
وَالأَمْنُ فِيْهَا وَالأَمَانُ تَبَعْثَرَا
ذُبِحَتْ قُلُوْبٌ وَاسْتُذِلَّتْ أَنْفُسٌ
وَالقَتْلُ يَبْكِى وَالدَّمَارُ تَكَدَّرَا
سَئِمَتْ وَمَلَّتْ بِالشَّقَاءِ تَسَوَّرَتْ
لَمْ يَبْقَ بَيْتٌ أَوْ مِيَاْهٌ أَوْ قِرَى
أَيْنَ المَسِيْرُ؟ إِلَى مَتَى؟ وَلَقَدْ كَفَى؟
فَالأَرْضُ تَشْكُو وَالرُّؤى قَْد أَقْفَرَا
هَذَا يُجَلْجِلُ بِانْتِصَارٍ هَاهُنَا
وَغَداً تَوَارَى فَيْ انْكِسَارٍ قَدْ طَرَا
هَذَا يُنَادِي قَدْ خَسِرْنَا قَرْيَةً
بِالأَمْسِ كَانَ لأَرْضِهَا قَدْ (حَرَّرا)
الرُّوْسُ قَالُوا قَدْ أَتَيْنَا فَاشْهَدُوا
أَمَرِيْكَا قَاَلْت بَاتَ خَطّاً أَحْمَرَا
صَفُّوا حِسَابَاتٍ لَهُمْ بِقُلُوبِنَا
قَدْ حَوَّلُوهَا لِلْبَرِيَّةِ أَقْبُرَا
وَغَدَتْ حُقُوْلَ تَجَارُبٍ لِدَمَارِهِمْ
لَمْ يَبْقَ فَيْهَا نَبْضُ حَيّ أَخْضَرا؟؟؟
أَبْوَاقُ إِعْلامٍ تَدُقُّ طُبُولُهَا
صَبَّتْ عَلَى الأَجْرَاحِ سُمّاً مُنْكَرَا
وَقَوَافِلُ الأَغْرَابِ جَاءَتْ تَرْتَوِي
بِدِمَائِنَا وَتَبِيْعُ فِيْنَا (العَنْتَرَا )
زَرَعُوا العَدَاوَةَ والتَّبَاغُضَ بَيْنَنَا
فَتَنَاثَرَتْ أَشْلاؤُنَا فَوْقَ الثَّرَى
دَوَّامَةٌ قَدْ حَاكَهَا أَعْدَاؤُنَا
تُهْنَا بِهَا وَالعَقْلُ فِيْنَا خُدِّرَا
يَا قَوْمُ هَذِي أَرْضُكُمْ وَدِيَارُكُمْ 
هَذِي الشَّآَمُ خَرِيْدَةٌ فَوْقَ الذُّرَى
لا تَقْتُلُوا الرَّمَقَ الأَخِيْرَ بِقَلْبِهَا
فَلْتَنْقُذُوهَا مَنْ ضِرَامٍ أُسْعِرَا
لاتَقْطَعُوهَا شَعْرَة يَا إَخْوَتِي
(تَأْبَى الرِّمَاحُ إِذَا اجْتَمَعْنَ تَكَسُّرا)
وَالغَرْبُ فَوْقَ دِمَائِنَا مُتَقَدِّماً
نَحْوَ الأَمَامِ وَنَحْنُ نَمْشِي القَهْقَرَى
يَسْتَنْزِفُ الأَمْوَالَ مِنْ خَيْرَاتِنَا
وَيَبِيْعُنَا فَيْهَا الدَّمَارَ الأَخْطَرَا
رَبَّاهُ أَصْلِحْ حَالَنَا وَنُفُوسَنَا
وَأَعِدْ إِلَيْنَا الشَّامَ يَا رَبَّ الوَرَى
فَرِّجْ إِلَهِي عَنْ نُفُوسٍ أُنْهِكَتْ
عَاثَتْ بِهَا الأَهْوَالُ فَارَقَهَا الكَرَى
___________
مصطفى طاهر