قَرِّبْ مدارَكَ فاضَ الكيْلُ يا (زُحَلُ)
علِّي إليكَ لِهوْلِ الكرْبِ أَرتحلُ
أوْ خذْ فؤاديَ واتْركني هُنا جسداً
في جوفهِ النَّارُ لكنْ ليسَ يَشتعلُ
ما عادتِ الأرضُ لي أُمِّي وحاضِنَتي 
مُذْ أصبحتْ بِدمِ الإنسانِ تَغتسلُ
مُذْ أصبحتْ عطرَها البَارودُ زينتَها 
أشلاءُ طفلٍ وَوجهُ العدْلِ تَنتعلُ
مُذْ أصبحتْ تُطعمُ المسكينَ غُصَّتها
بدمعةِ النَّازفِ المجروحِ تَكتحلُ
ويْلي من القهرِ كمْ أُكوَى بسطوَتهِ 
ويْلي من الآهِ .. منْ بالآهِ يَحتفلُ ؟
لِكلِّ حربٍ بِروْحي ألفُ نائحةٍ 
فمنْ وريديَ تبكي بُؤْسها المُقَلُ
أموتُ غمَّاً إذا ما دمعةٌ ذُرفتْ 
إنَّ الدِّماءَ بِحارٌ كيفَ أحتملُ ؟
أنا الغريبُ على الدُّنيا بِدَعوَتِهِ
وليسَ لي شيعةٌ بلْ ليسَ لي نُزُلُ
بي ما بِيُونُسَ والحيتانُ تلفظُني 
كأنَّ بالحوتِ ممَّاْ في دمِي وَجَلُ
كفَرتُ بالطبِّ تعريفاً ومصطلَحاً 
ما دامتِ الشَّامُ جرحاً ليسَ يَندملُ
بغدادُ مِصرُ طَرابلسُ الهوى يَمَنٌ 
خريطةُ الحزنِ في الأعماقِ تَكتملُ
ما بيْننا من حدودِ الأرضِ تَفصلُنا 
لكنَّ أوجاعَ أهلُ الحقِّ تَتَّصِلُ
كمْ بِتُّ أرقبُ نجمَ الفجرِ مُتَّكِئاً 
على شَفَا الصَّبْرِ حتَّى مَلَّني الأملُ
وَرحتُ أبحثُ عنْ كهفٍ يُخبئُني 
من الضَّميرِ فخانتْ خطوتي السُّبُلُ
وكمْ صرختُ بِحلقِ اليأْسِ واااأجلاً
فماتَ صوتي وماْ أصغى ليَ الأجلُ
فَتحتُ قلبي لِيُتْمِ الكونِ ضاحيةً
هلْ دونيَ اليومَ بابُ الكونِ يَنْقَفِلُ ؟
قَطَّعتُ منْهُ خيَامَ اللَّاجئينَ فهلْ ؟
يبقى طريداً ولا يدري لِمنْ يَئِلُ
لا بُدَّ منْ كوْكبٍ ثَانٍ يوطِّنُني 
فالأرضُ نِصْفَانِ هَيْجاءٌ وَمُعْتَقَلُ
خمسٌ وعشرونَ مرَّتْ دُونما وطَنٍ 
فلا أظنُّكَ ترضى الضَّيمَ يا (زُحَلُ) 
————-
عمَّار السبئي