قبل عشرين عاما، تسبب إهمال طبيب في المستشفى الأهلي (الخليل) في معاناة ابني البكر (يونس) حتى اليوم. رغم الألم الذي سببه لنا جميعا فقد سامحته لوجه الله تعالى.

عَقْدانِ مَرّا وَجَمْرُ الْبُؤْسِ في كَبِدي *** وَما كَمِثْلي امْرُؤٌ قَدْ عاشَ في كَبَدِ
عِشْرونَ عَجْفاءَ مَرَّتْ دونَما فَرَحٍ *** فيها رَأَيْتُ صُنوفَ الْغَمِّ وَالنَّكَدِ
عِشْرونَ مَرَّتْ وَسَوْطُ الْهَمِّ يَجْلِدُني *** وَشَغْفُ قَلْبي مِنَ الْأَحْزانِ كَالْخُدَدِ
عِشْرونَ وَابْني بِبَطْنِ الْحوتِ مَسْكَنُهُ *** وَكَمْ صَرَخْتُ وَلَمْ أُسْمِعْهُ: يا وَلَدي!
وَكَمْ تَمَنَّيْتُ أَنْ أَحْظى بِفَرْحَتِهِ *** فَما حَظيتُ بِغَيْرِ الْهَمِّ وَالْكَمَدِ
أَبْكي فَيَضْحَكُ مِنّي ساخِرًا فَلَهُ *** في الْعَيْشِ فَلْسَفَةٌ لَيْسَتْ لِذي الرَّشَدِ
كَأَنَّهُ قالَ لي: لا تَبْتَئِسْ أَبَدًا *** فَلا نَصيبَ بِذي الدُّنْيا لِمُجْتَهِدِ
ماذا أُريدُ مِنَ الدُّنْيا وَزينَتِها *** فَفي الْجِنانِ الَّذي ما دارَ في خَلَدِ
لا ذَنْبَ لي فَأَنا كَالطِّفْلِ في أَلَقي *** وَالْقَلْبُ أَبْيَضُ مِثْلَ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ
عِشْرونَ كَأْسًا مِنَ الْمُهْلِ الَّذي اجْتَرَعَتْ *** نَفْسٌ تَمورُ بِرُغْمِ الصَّبْرِ وَالْجَلَدِ
وَكُلَّما قُلْتُ لاحَ الْفَجْرُ مُبْتَسِمًا *** رَأَيْتُ حَبْلًا بِجيدِ الْحُلْمِ مِنْ مَسَدِ
قَدْ طالَ لَيْلي وَجَفْني لا يُسَهِّدُهُ *** عِشْقٌ وَلكِنْ لَهيبُ النّارِ في كَبِدي
آمَنْتُ بِاللهِ إِذْ حالي يُصَدِّقُهُ *** في قَوْلِهِ (خُلِقَ الْإِنْسانُ في كَبَدِ)
وَما دَعَوْتُ سِوى الرَّحْمنِ مِنْ أَحَدٍ *** وَما لَجَأْتُ لِغَيْرِ الْواحِدِ الْأَحَدِ
وَما اسْتَغَثْتُ بِغَيْرِ اللهِ في مِحَني *** وَما اسْتَعَنْتُ بِغَيْرِ الْقادِرِ الصَّمَدِ
مَوْلايَ أَنْتَ الَّذي الْمُضْطَرُّ تُنْجِدُهُ *** ما لي سِواكَ بُجُبِّ الْهَمِّ مِنْ مَدَدِ
أَجِبْ دُعاءَ أَبٍ جَلْدٍ غَدا حَرَضًا *** وَما لَهُ غَيْرُ عَوْنٍ مِنْكَ مِنْ سَنَدِ
فَرِّجْ إِلهي هُمومًا كَمْ تُؤَرِّقُهُ *** كَمْ باتَ يَبْكي وَنامَتْ سائِرُ الْبَلَدِ
إِنْ قُلْتَ (كُنْ) كانَ ما قَدْ شِئْتَ دونَ عَنا *** يا مَنْ رَفَعْتَ سَماواتٍ بِلا عَمَدِ
مَسَّ ابْنِيَ الضُّرُّ يا رَحْمنُ فَاشْفِ فَتىً *** أَسْقامُهُ عَصَفَتْ بِالرّوحِ وَالْجَسَدِ
جواد يونس