نعيشُ على الماضي نخيطُ وشاحَهُ
وندخلُ هذا العصرَ نكوي رياحَهُ
فهل بشرٌ نحنُ الذينَ نجرُّهُ
كما جرَّ كلبٌ في الفلاةِ نباحَهُ
إلى القمرِ العالي توصَّل غيرُنا
وما زال فينا مَن يهزُّ رماحَهُ
إلى الموت نسعى فالحياةُ بعيدةٌ
وأقربُ منها ما نريدُ اجتراحَهُ
أبو لهبٍ ما زالَ يسرحُ بيننا
ويُشهرُ في وجهِ الحياةِ سلاحَهُ
وهذا أبو ذرٍّ يموتُ بحسرةٍ
وأسمعُ من خلفِ الزمانِ نواحَهُ
وهذا بلالٌ عادَ للرِّقِّ عنوةً
وقد منعوا عنهُ الأذانَ وساحَهُ
وهذا صلاحُ الدِّينِ في السجنِ قابعٌ
وقد نزعَ السَّجَّانُ عنهُ صلاحَهُ
لكلِّ شريفٍ تهمةٌ وجنايةٌ
فكيفَ لهذا الحكمِ يبدي ارتياحَهُ
فما بينَ مهدِ الوجودِ ولحدِهِ
ترى الحرَّ طولَ الوقتِ يُخفي جراحَهُ
إذا ما تمنَّى شاعرٌ لثمَ نجمةٍ
أحاطَ بهِ الشُّذَّاذُ ..قصُّوا جناحَهُ
وهذا ظلامُ الليلِ أرخى سدولَهُ
كأنَّ وراءَ الشمسِ ألقى صباحَهُ
تحكَّمَ فينا كلُّ قردٍ وثعلبٍ
إلى أن فقدنا حلمَنا وكفاحَهُ
لقد لوَّثَ الشيطانُ حتى صلاتنا
ولم يُبقِ للماءِ القراحِ قراحَهُ
أما آنَ أن يأتي هبوبُ قصيدةٍ
ليطلقَ للقلبِ الأسيرِ سراحَهُ
__________
جميل داري