أنقـاضُ هـذي أَمْ شَـــلا الأولادِ؟
أَمْ مِـنـبـرٌ للدَّمــعِ وَالأصْفـــــادِ؟
أَمْ مَسْـــــرَحٌ زُوّارُهُ فُطـِروا عَلى
سودِ المَشــاهِدِ أوْ أنينِ رمادي؟
مطرٌ من المحنِ العظيمةِ فوقنا
" فالجمر أهلي والحصى أولادي"
وَوَقَفْتُ مُلتاعـاً عَلى بـابِ الـهَوى 
وَأَنَخْتُ راحِلَةَ المِدادِ الشّــــــادي
وَسَــــــــألتُ تاريخَ البــِلادِ لـعـلـّهُ 
يُـلـقـي إِليَّ بـِقـِصَّــةِ الأَمـجــــادِ
وَسَـــــــألتُهُ مُتَفاخِراً : هَــلْ عـابرٌ 
قـَبلـي أتــاكَ بـِحِـبْـــرِهِ الجَـلّادِ ؟
فَأجابَني مُتَثاقِلاً بَلْ ســـــــــــاخِراً 
أوَ ما سَـمِعْتَ بِعَنتَرَ الشَدادي؟
أوَ ما سَــــمِعْتَ مُفاخِراً يَشدو بِها
هذا الصبيُّ بِرَغْمِ كلِّ سَـــــــوادِ؟
ماذا سَــــــــتكتُبُ وَالجِراحُ كثيرةٌ 
والأهـل بـيـن بـراثــن الأحـقـادِ؟
مزّقْ مـَفَـاخِـَركَ القَـديمَــةَ كُلّهـــا 
مـا عـادَ فـيـكُـمْ لائِـــقٌ بِــمـــدادِ
كمْ قَدْ شَغَلتَ الشِّــــعرَ مُنْذُ طُفولةٍ
بِقَضيّةٍ بيعَتْ بِســــــوقِ مَزادِ ؟
شـــــعبٌ بلا ظهرٍ تحاول شــــدّهُ
أحْلامُــهُ فـي غــفــلَــةٍ وَرقــــادِ
وَتَثـاءَبَ التـاريخُ يَقْـصِـدُ غَـفْـوَةً 
أوْ مِيتَةً يَنســـى بِها إِنشــــــادي
فتَجمَّعَ الكُـهّـان حـوليَ لـم أَخَـفْ
في بِئْـرِ ذِلّـتِـهــمْ ظَـلـَـلْتُ أنــادي
رَجعوا إِلى أَهــلـي بِدَمْــعٍ كــاذبٍ
وَقـلـوبُـهُـمْ تَـدعـو لأجْـلِ نَفـادي
سَرقوا المَفاخِرَ مِنْ عُيونِ حُروفِنا
وَتـَفـاخَـروا بِـالـنَّـفْـيِ وَ الإِبْــعادِ
يا ســــــامعي صَوتي كَفاكُم غَفْلةً
عَـن كـلِّ صـَوتٍ واضــحِ الأَبْعــادِ
أيْـنَ القَــوافِلُ لا تَـمُـرُّ لِـنَـجْــدَتــي
أَم إِنَّها تــاهَــتْ عَـــنِ الميعــــادِ؟
حَتّى إِذا عــادَ الصَّبــاحُ لِنَجْــدَتـي
أَلْـــقـــى إِلَــــيَّ حِـبــالـــه بِالـكـادِ
فَالصُّبحُ تِلميذٌ لأَشـــــعــاري أنــا
جاوَزْتُ فَـخْـراً فـاغْـفِـروا لِعنادي
شــــِـــــعرٌ بلا مدحٍ يموت وينتهي
لا شـِــــعْرَ بَـعـْدَ الـيـَوْمِ يا نقّـادي
أنا لا أروقُ السَـعْدَ في وطني ولَمْ 
"أطلُبْ عِـداءَ الـدَّهْرِ وهْــوَ يُعادي"
لَولا الفـُراتُ يَشُـــــدّني مِنْ خافِقي
وَيـقـولُ لـي خُـذنـي إلـى بـغــدادِ
لَحَمَلْتُ كُــلَّ قَصائِدي وَمـَدامـعــي 
وَجَعَلْتُ مِنها رَايَةً لِســـــَـــــــــوادِ
بَـغـدادُ تَـبْـكـي إخْـوةً مـــا فـرّقــوا
شــــَـــــتّانَ بَـيْـنَ مُذَّبِّــحٍ وَجِهـادي
هـذي شـَــواطِئُ مَجْدِنا قَدْ جاوَرَتْ
بَــحْــراً مِنَ الأنـــذالِ وَالأوغــــادِ
واسْـــتَيقَظَ التّاريخُ مِنْ سَـــكَراتِه
وَغَــدا يُســــــائِــلُ قَـومَنا وَينادي
هَلْ عــادَ فيكُمْ خــالِدٌ أو عَـنْـتَــرٌ؟
هَلْ عـــادَ فيـكــم طارِقُ بْنُ زِيــادِ؟
الطِّفلُ أَعْقَـلُ عِندَكُـم مـن بــالـغٍ
والعـاقِــلون تـشـــــــبهوا بجمادِ
يا حاملينَ شُموعَ ذُلٍّ في الــدجى
كَـمْ وَحَّـدَتــْكُـــمْ ذِلَّــةٌ وَأعــــادي
لا مرءَ يولدُ حــالماً إلا انـحـــنى
حنيَ الــلوامع في يــدِ الحــدّادِ
المرءُ منكم تـابــعٌ أو حـاكــمٌ
لا إنسَ فيكم أو رفاتَ حيادي
لا لن يعــيد المـجد شــرقٌ تــائهٌ
مـتمتـرسٌ في عـرشـه الطروادي
يـا أُمَّـتـي بـالغَرْبِ لا تَتَشَــــبَثي
وَتَــنـَزَّهـي عَـنْ مِــهْـنَـةِ الجَــلّادِ
هذي مُعَلَّقَةٌ سَـــتعْصِفُ ريحُها
وَتَهُزُّ عَرشَ الظـــالمِ الكيــّادِ
وَكَتَبْتُهـــا دَمْعــاً يَـلـيقُ بِمَوْطِنٍ 
وَنَظَمْتُها شـَـــوقاً إِلى الأشــْـــهادِ
هِيَ بَسْمَةٌ، هذي، تفاجئني هنا 
لَمْ أَدْرِ كَـيْــفَ تَسَـــلَّلَتْ لفؤادي ؟
وَسَــألْتُها وَالرّوحُ سالَتْ أدْمُعاً 
تَبْكي عَـلـى الـلـُقْـيـا بـِقَـلـبٍ صـادِ
حُلْمٌ هِيَ البَسَماتُ في أوطانِنــا أَمْ 
إِنَّهــا وَقْــفٌ عــلــى الأَسْـــيادِ؟
فَتَبَسَّمَتْ ثُمَّ اخْتَفَتْ في صرخةٍ 
ـ قالوا ـ لـطِــفْـلٍ حــاضِــرِ المـيـلادِ
هي بسمتي هذي تودعني هنا 
لتبثَ روحَ الخصبِ في أجدادي
عــانَقْتُ فيها عندَمـا وَدَّعْتُهــا 
أُمّــي وَكُــــلَّ قَصــائِــدي وَبِــلادي
_________
طلاس البرهو