أعيشُ العُمْرَ لا أُحْصي سِنيني || ولا خَــوْفُ الْـمَـنِـيّةِ يَعــتَريني
وأمْضي صارِمــاً ما دُمــتُ حَــيّاً || إلَى أمَـلي بِلا ضعْــفٍ وَلــيـنِ
ولِي أمَـلٌ يَضـيقُ العُمــرُ عـنْهُ || لـوَ اَنّ العُـمْـرَ يُحْسَبُ بِالقُرون
ولِـي عَــــزمٌ فَــتِـيٌّ لا يُـبـــالِي|| بِزحْفِ الشّيبِ أوْ غَـزْوِ الْمَـنون
رسَمْتُ طريقَ سيْري مُسْتقِلاًّ || ولَـسْتُ بِتـابِـعٍ خَـطـوَ القَــرين
وسِرْتُ على طَــريقي غيرَ وانٍ || سَديدَ الـرّأيِ مَـرْفـوعَ الْجَـبينِ
ولَمْ أَخْـفِــضْ لغــيرِ اللهِ رأسي || ولا أقْـرَرْتُ هــوناً مِــن مُهــين
أشُقُّ الدّربَ في عـــزْمٍ وَطــيدٍ || وإصْـــرارٍ وإيِـمـــانٍ مَـكـــــين
وكمْ مِن قِـمّةٍ عاقــتْ مَسيري || فكنتُ أروضُــها رَوْضَ الْحَـرونِ
وأتْـرُكُـهــا وقـد صــــارتْ وَرائي ||وصارَ قِــيادُهـا طَــوْعَ الـيَمـيـن
وأمْـضي غــيرَ مَـفْـتـونٍ بشيءٍ||فـإنّ الــذُّلَّ فـي بعــضِ الفُــتون.
****
تَجشَّمتُ الْمَصاعبَ في شَبابِي||وآثَـرْتُ الْمَـسيرَ عـلى الرُّكون
أخــذْتُ الأمــرَ في جِـــدٍّ وحــزْمٍ ||على نفْسي قسَوْتُ بلا أَنين
ولَــمْ ألـعَــبْ كأتْـرابِـي صَـغـــيراً ||ولا الْتفـتَتْ إلَى لَهْـوٍ عُـيونِي
سَقـــانِي الدَّهــــرُ آلامــاً كِـباراً || معَ الآمالِ تَحْيـا في يَقــيـني
وعَـلَّــمَــني بـأنْ أغْــــدو كَـبـيراً || على سِنّي وآلامي وَهـونِي
فـلمْ أقْـــبَلْ بِمَــنٍّ مِـن صَـديقٍ || ولَـم يَقــدِرْ عَــدُوٌّ يَشـتَريني
ولا يَوْمــاً شَكــوْتُ لـغـــيْـرِ ربّــي||إذا مـا مَسَّني مَسُّ الشُّجونِ
ولَـمْ أقْــبَلْْ لِـنــفْـسي بالـدَّنـايـا ||ولَمْ أُقْدِمْ عـلى فِعـلٍ مُشينِ
وصُـنْــتُ كرامَــتي مِن كلِّ وَغْـدٍ || وسُقْتُ إليهِ نظْـرةَ مُسْتَهين
ومــا عاهَــدتُ إلاّ عَــهْـدَ صِــدقٍ ||بِمـا يَرْضاهُ لِي خُلُقي وَديني
لأنّي عــاشِـقٌ قِـيَمَ الْمَـعــالِـي || وأجْـــفـو كلَّ غَــدّارٍ خَــــئُـون.
****
وكمْ من فِتْـــنَةٍ لاحَــتْ أَمـامي|| تقــولُ هَلُـمَّ للصّيدِ السّمـين
ولكـنْ بـعــــدَ أنْ كانَـتْ وكادَتْ || مضَتْ وَعِنايةُ الْمَوْلَى تَقيني
وكَمْ مَــرّتْ بقـلــبي غــانِيــاتٌ || وكـمْ عَـبثَتْ بهِ سودُ العُـيون
ولـكــنْ دونَــهُ عــقْـــلٌ وَديــنٌ || تقــودُ القـلبَ في خَطْوٍ رَزينِ
فسارَ ولَــم يَضِــلَّ ولا تَعــدَّى || حُـدودَ الذّوْقِ والْحَـقِّ الْمُبينِ
ولِي قلبٌ يُحـبُّ الْحُسْنَ حَقّاً ||ويَبحَــثُ عـنْهُ حينـاً بعدَ حـين
لــكـيْ يَلْـقــاهُ أفـكاراً وَروحــاً ||فَـينْهَـلَ منهُ منْ أصْفى مَعـين
****
وكمْ خاصَمتُ لا أبْغي خِصاماً || ولكــنْ دَفْـعَ ظُـلمٍ يبْـتَغـيـني
لغيرِ العدلِ لَم أحْسِبْ حِساباً|| وغيرُ الْحقِّ لَم يَشغَلْ ظُنونِي
ومــا لانَتْ قَــناتِي دونَ رأْيي || إذا واجَهْــتُ نقْـداً مـن فَـطـين
فأصْدَعُ بِالْحَـقـيقَةِ دونَ لَبْسٍ || إذا الآراءُ حـــارتْ في الذُّهــون
وأحْلَمُ عنْ صديقي كلَّ حِلْمٍ || وأُغْـضي إنْ هَـفا يوْمـاً خَديني
وأقْبلُ نُصْـحَهُ إنْ قالَ صِـدْقـا || فإنَّ الْخَـيرَ في النّـصـحِ الأَمين
أُجــامِـلُ كــلَّ إنســانٍ أَراهُ || وأعْــرفُ قيمــةَ الرّأْيِ الرّصـينِ
ولكنْ لسْتُ أرْضى منْ دَعِيٍّ|| وِصـايـَتَـهُ عـلى شيْءٍ يَلـيـني
ولَسْتُ أُطيقُ ذا أنْــفٍ طَويلٍ || تَطــاوَلَ وهـــــوَ دونٌ، أيُّ دونِ!
تَعـالَـمَ، بلْ تَشدَّقَ في تَــباهٍ||لِيُخْـفي سَوْءَةَ الْجَهـلِ الدَّفــينِ
وَيطْلُـبُ أن نُقـابِلَ مـا افْـتَـراهُ|| بِتَـسْلـــيمٍ وفِـكــرٍ مُـسْـتَكـيـن
****
أنـا الإنْسان َحُـرٌّ في حَياتِي ||وأَوْلَى النّاسِ أنْ أرْعى شُؤونِي
ومَسْئولِيـَّتي ليْسَتْ مَشاعا|| تَعــيثُ بــهِ يَـدا وغْـــدٍ ظَـنـيـن
إلى ربِّي لَجَــأْتُ ولا أُبـــالِي|| لأنَّ الله َفــي سَـيْري مُـعـيـني
وفي بَحْر الأمانِ مَضى شِراعي|| وفي شطِّ السَّلامِ رسَتْ سَفيني
ومَــنْ مَـدَّ العــزيزُ يَــداً إِلــيْهِ || فـقــدْ آواهُ في رُكْــــنٍ رَكــينِ.
***** 
شعر:حسن منصور