عـجـباً ومــا لـي كـيف لا أتـعجبُ
والــنـارُ تـكـوي والـحـشا تـتـلَهبُ
والأُسْــدُ تــأوي لـلـجحورِ مـخافةً
لـمَّـا أغــارَ عـلـى حِـماها الأرنـبُ
والـذئـبُ يـخـدِمُ بـالحظيرةٍ نـعجةً
والـنَسْرُ من أُنثى الحمامةِ يَهْرُبُ
عـجـبي لأنــي قــد رأيــتُ ثـعالباً
ترجو السمَّاحَ مِن الدجاجِ وتطلُبُ
وكـذا الخيولُ قدِ امْتّطَتْ فُرسانَها
راحَــتْ تُـلَـوِّحُ بـالـسِّياطِ وتـضـرِبُ
عـجـبي لأمْــر قـد رأيـتُ فُـصولَهُ
فــــأرٌ يُــعـاقِـبُ قِــطَّــةً ويُــؤنِّــبُ
وأرى مـلـوكاً يـخـدمونَ عـبـيدَهمْ
فــي هِـمَّـةٍ مــا رُدَّ فـيها مَـطْلَبُ
وصــبـيُّ عـــارٍ عَــقَّ عِـفَّـةَ أُمِّــهِ
فـبـكى عـليها مـن حـناياها الأبُ
والـمرأةُ الحمقاء من حَبْلِ الهوى
مــن دونِ بَـعـلٍ كـلَّ عُـهْرٍ تـنجِبُ
عـجـبي لـدنـيا ضـاعَ فـيها أهـلها
تاهَتْ مَشارِقُ شِمسِها والمَغرِبُ
ومـضى الـنهارُ وبـات سِـراً ضائِعاً
والـلـيلُ خَـيَّـمَ مُـبْـرِحاً لا يـذهـبُ
ورايـــتُ أقــوامـاً نـيـامـاً قــد بــدا
عَـــرَقُ الـنـتـانةِ مـنـهُمُ يـتَـصَبَّبُ
والـبـعضُ مِـنَّـا قـد أضـاعَ شَـرائعاً
فُـقِـدت مـبـادئُ ديـنِنا والـمَذهَبُ
والـمُـجـرِمُ الـسَّـفـاحُ نــالَ بــراءةً
وبَـريـئُـنـا بــيـن الـرَّعِـيَّـةِ مُــذنِـبُ
والإفــكُ فـينا قـد تَـفَشِّى والـذي
يُـدمي تَسَلْطُنُ من يغُشُ ويكذِبُ
مـــاذا أُدَوِّنُ فـالـحـروفُ تـشّـرَّدتْ
قـلـمي تَـمَـرَّدَ ريـشتي لا تَـكتُبُ
وسطورُ طَرسي قد تبعثَرَ رسمَها
والـحـبرُ يـبـكي والـيـراعَةُ تَـنْـدبُ
والـفِـكرُ تـاهَـت مــن نُـهاهُ عِـبارَةً
مـــا بــيـن أوراقِ الـخـنـا تَـتَـقَلَّبُ
زمــــنٌ تَــبَــدَّى لـلـرَّذيـلَةِ غــايَـةً
لـلـشَّرِ سُــوقٌ لـلجريمَةِ مَـطْلَبُ
فــالأرضُ تـلفُظُ حَـشْوَها وأديـمَها
والـعُـمـرُ يــبـزُغُ كـالـنَّـيازِكِ يـغـرُبُ
وَدِّعْ فــإنَّـكَ فــي زمــانٍ أشْـيَـبٍ
كــوبُ الـمَـذلَّةِ بـالمَهانَةِ يُـسْكَبُ
فـمَتى الـرِّجالُ تـستَّروا بنِسائِهِمْ
فــاعـلَـمْ بــأنَّـكَ لـلـنـهايَةِ أقْـــرَبُ
____________
علي ياسين غانم