يا سادة الأوطان بتّ مشرداً
والكل يشرب من دمي أقداحا
وخرائط الأقطار جُدّدَ رسمها
وبكل شبرٍ مصرعي قد لاحا
جسدي الممزقُ بين كل مدينةٍ
ومدينةٍ تتخطفُ الأرواحا
لا الأرضُ تأويني ولا لي ملجأ
مما تقاذفَ في السماء وطاحا
هذا يكفّرني وذاك يسوقني
للذبح معزول اليدين سلاحا
أنا شاعر أروي لهيب مواجعي
فيقال إن البوح ليس مباحا
مُت صامتاً مت جائعا مت عارياً
واكبتْ وإن طال الزمان جماحا
فجريمة التعبير شر جريمةٍ
في ظِلّ حُكْمٍ يدّعي الإفصاحا
يا ناسُ كيف أكون صلداً صامتاً
وأنا خلقتُ مغرّداً صدّاحا
وجعلتُ من لغتي لفجري كوكباً
وجعلت منها في الدجى مصباحا
وقصائدي بين احتدام حروفها
وثَبَ المناضلُ والأَبيُّ أراحا
لا تلعنوني إن أويتُ لتلّةٍ
ورفضتُ فلكاً بايعت سفّاحا
غارتْ جذوري بالتراب فموطني
قبري وكم ضمّدتُ فيهِ جراحا
شعب يفيق على الفساد بصمته
فكأنهُ في أرضهِ سوّاحا
أعييتُ أُسندُ ظهرَهُ بقصيدةٍ
وأشُدُّ فيه قوائماً وجناحا.
___________
زكي الزغلول