الْقِبْلَةَ الْأولى الْأَعادي تَقْهَرُ *** وَعَلَيْكَ يَبْكي يا صَلاحُ الْمِنْبَرُ
حَرَقوهُ عَمْداً، ثُمَّ قالوا أَحْمَقٌ *** وَعَلَيْهِ لَمْ يَجْرِ الْيَراعُ فَأَقْصِروا
كَذَبوا لَعَمْري أَرْسَلوهُ لِغِلِّهِمْ *** وَبِهِ لِيُشْعِلَ نارَ حِقْدٍ غَرَّروا
تَهْويدَ مَسْجِدِنا يَرومُ عَدُوُّنا *** هذي الْحَقيقَةُ لَوْ هُمُ قَدْ أَنْكَروا
فَعَلامَ أُمْنَعُ مِنْ دُخولِ الْقُدْسِ يا *** مَنْ في بِلادي قَدْ عَلَوْ وَتَجَبَّروا؟
وَعَلامَ دَنَّسَ مَسْجِدي الْمُسْتَوْطِنُ، الْمُحْتَلُّ في ساحاتِهِ يَتَبَخْتَرُ؟
وَعَلامَ تَحْتَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصى بَنى *** حاخامُهُمْ، كُنُسَ الظَّلامِ يُعَمِّرُ؟
أَقْسَمْتُ يا رَبّي عَلَيْكَ تَهُدُّها *** أَيُبَرُّ، رُغْمَ الذَّنْبِ، أَشْعَثُ أَغْبَرُ؟
حَفروا وَلَمْ يَجِدوا دَليلاً واحِداً *** كَيْما يُسانِدَ بَعْضَ ما هُمْ زَوَّروا
كَمْ مِنْبَرٍ حَرَقوا بِغَزَّةِ هاشِمٍ *** كَمْ مَسْجِدٍ عَلَناً بِصُبْحٍ دَمَّروا
وَالْعالَمُ الْمَأْفونُ يَرْقُبُ فِعْلَهُمْ *** وَالصَّمْتُ لَفَّ مَنِ الْعَشِيَّ تَآمَروا
فَتَحوا لِأَعْدائي الْمَوانِئَ كُلَّها *** وَبَوَجْهِ جَرْحانا يُسَدُّ الْمَعْبَرُ
ما أَزْرَقاً دَمُنا، وَلِكِنْ قَلْبُنا *** رُغْمَ الْجِراحِ كَلَوْزِ أَرْضي أَخْضَرُ
وَالْحُزْنُ فيهِ كَخَنْجَرٍ في غِمْدِهِ *** وَنَزيفُهُ كَالزَّيْتِ لَيْلاً يُعْصَرُ
قَدْ لَوَّحَتْ شَمْسُ الْشَّقاءِ ظُهورَنا *** وَالْوَجْهُ، مِثْلَ تُرابِ أَرْضي، أَسْمَرُ
يا طائراتٍ مِثْلَ غِرْبانٍ أَتَتْ *** كَيْ كوخَنا الْحُلْوَ الصَّغيرَ يُفَجَّرُ
مَهْلاً سَأوقِظُ كُلَّ أَوْلادي لَكُمْ *** كَيْما قَرابينَ الْعُلا تَتَخَيَّروا
نادى الْأَبُ الْمَكْلومَ جُنْدَ مُحَمَّدٍ *** إِنّا وَراءَكُمُ، بِلادي حَرِّروا
أَرْواحُنا يا إِخْوَتي تَفْديكُمُ *** أَجْسادُنا جِسْرٌ لِنَصْرٍ فَاعْبُروا
اللهُ يَنْصُرُ يا صِحابي جُنْدَهُ *** وَالنَّصْرُ صَبْرُ سُوَيْعَةٍ فَلْتَصْبِروا
لا تَخْضَعوا لِلظُّلْمِ يا أَحْبابَنا *** اللهُ مِنْ مَكْرِ الْأَعادي أَكْبَرُ
لا تَحْزَنوا، الشُّهَداءُ أَحْياءٌ، بِهِمْ *** إِنّا وَرَبِّ النّاسِ دَوْماً نَفْخَرُ
روحُ الشَّهيدِ بِجَنَّةٍ، يا سَعْدَهُ *** ذا قَبْرُهُ قَدْ فاحَ مِنْهُ الْعَنْبَرُ
وَدَمُ الشَّهيدِ يُضيءُ دَرْباً لِلْعُلا *** هُوَ زَيْتُ قِنْديلٍ وَلكِنْ أَحْمَرُ
لَنْ أَبْكِيَ الشُّهَداءَ، أَبْكي مَنْ بَقوا *** في الْأَسْرِ، كُلُّ الشَّعْبِ دَهْراً يُؤْسَرُ
سِجْنٌ كَبيرٌ ذي بِلادي أَصْبَحَتْ *** سَجّانُها عَبْدٌ ذَليلٌ يُؤْمَرُ
فَيُطيعُ أَعْدائي وَيَعْصي رَبَّهُ *** فَلِمِثْلِهِ نارُ الْجَحيمِ تُسَعَّرُ
_____________________
جواد يونس