عَلَّ البُكا فيه الدَّوا لِمآقِ 
جاءتْ تُغازلُ مرَّةً أحْداقي
فَكَتَمْتُ ما أبْدَتْ وَرُحْتُ مُعَجِّلاً 
ألْهو كَلَهْوِ الحُبِّ بِالعُّشاقِ
وكأنَّ عَينيها بِدمْعٍ قد جَری
مَجری اليَراعِ علی صِبا أوْراقي
قالتْ: ألَسْتَ من الذين أُحِبُّهمْ؟ 
أوَلَسْتَ أصْغَرَ إخوتي وَرِفاقي؟
فاسْتَنْزَفَتْ جُرْحي وصِحْتُ بِلَوْعةٍ
يا ساقيَ الآلامِ زِدْ، يا ساقِ
عينانِ ،عينٌ في العِراق قَتيلةٌ 
تَبكي علی حَلبٍ تودُّ عِناقي
عينانِ حينَ تَكلَّمتْ جاوبتُها 
إني شآميُّ الهویْ وعِراقي
وحبيبتي عُرِضتْ كَكُلِّ مليحةٍ 
سُبِيَتْ بِحربِ السِّلمِ في الأسواقِ
فعرفتُها كالدُّرِّ حين تلألأتْ
في ما غَلا مِن سِلْعةِ السُّراقِ
صرختْ بِمعتصمِ البلادِ وردّدت 
سبعونَ عاماً … ما بِهِنَّ تلاقِ؟!
يا قدسُ أنتِ حبيبتي … سيرَوْنها 
إنْ فتتوا برصاصِهم أعماقي
فهي الطَّهورةُ لمْ تَزَلْ لي جنةً 
ما دُنِّستْ بالنفخِ بالأبواقِ
ما دُنِّسَتْ إذْ بُدِّلت أثْوابها 
أو مزِّقَتْ كصَحيفةِ الوَرَّاقِ
ما ضَرَّ وجه الدُّرِّ إنْ عبِثتْ به 
كفٌ تذوبُ بِلمعةِ الإشراقِ
تُرِكتْ بِلا طِبٍّ فأثْخَنَ جُرحَها 
من دَسَّ سُمَّ القهرِ بِالتِّرياقِ
نُكِبَتْ بِأمْرِ رُعاتِها وتَصايحوا 
إرْقِ المليحةَ … إرْقِها يا راقِ
رَتَّلْتُ من آيِ الكِتابِ وزِدتُّهُ
مِما أرى فيه الدَّوا لمآقِ
وقرأتُ أسماءَ الذينَ تَغيَّبوا 
عنها وفيها … في دُجى الأنْفاقِ
ومَسَسَتُ فوقَ جَبينها فاخْضَوْضَرَتْ
كالزّرْعِ إنْ فاضَتْ عليه سَوَاقِ
واللهِ ما عِشْقُ الفؤادِ سوى لِمَنْ 
وقَّعْتُ فوقَ تِلالِها ميثاقي
لا تُوجِعُوا بالصَّمْتِ سَمْعَ حبيبتي 
فالخَيْل خَيْلي والسِّباقُ سِباقي
إنِّي حُسَيْنِيّ المُصيبةِ إنَّما 
ما نالَ سيفُ البَغْي مِن أخلاقي
وأنا بِما مَلَكَتْ يَدِي سَأقُولها
إنِّي على ثَغْرِ الكَرامةِ باقِ
شعر : علي كنعان / فلسطين