لَكَمْ مَرَرْتُ عَلى نَظْمٍ بِمَنْشورِ *** لِشاعِرٍ وَشُوَيْعِرٍ وَشُعْرورِ

فَلَمْ أُفَرِّقْ، إِذا اسْتَحْسَنْتُ قافِيَةً، *** ما بَيْنَ مُبْتَدِئٍ مِثْلي وَمَشْهورِ

ما هَمَّني مَوْطِنُ الشّادي، وَمَذْهَبُهُ *** إِنْ لَمْ يَكُنْ حاقِدًا يَدْعو إِلى الزّورِ

وَهَلْ تَهُمُّكَ أَوْطانُ الْعَنادِلِ، أَوْ *** مِنْ أَيِّ سِرْبٍ أَتَتْ، أَوْ لَوْنُ شُحْرورِ؟!

ما غَرَّني سارِقٌ دُرَّ الْأُلى سَبَقوا *** ما نَظْمُهُ غَيْرَ تَكْريرٍ وَتَدْويرِ

يَظُنُّ أَنْ سَبَقَ الْجَعْفِيَّ مِنْ صَلَفٍ *** وَحَرْفُهُ بَيْنَ مَنْحولٍ وَمَكْرورِ

تَكادُ تَحْسَبُ ما يَشْدو بِهِ جَذِلًا *** لِشِعْرِهِمْ مَحْضَ تَخْميسٍ وَتَشْطيرِ

وما تَمَلَّقْتُ يَوْمًا حَرْفَ ناظِمَةٍ *** وَإِنْ تَكُنْ في عُيوني أَجْمَلَ الْحورِ

إِنْ "غَرَّدَتْ" صَفَّقَ الْأَغْرارُ مِنْ سَفَهٍ *** وَما سَمِعْتُ سِوى عَريرِ صُرْصورِ

وَلا خُدِعْتُ بِمَنْ ظَنَّ الْحَداثَةَ في *** كَسْرِ الْمَوازينِ، مَنْ يُشْجى بِمَكْسورِ؟!

وَلا بِمَنْ خَلَطوا جَهْلًا، وَأَوْسَطُهُمْ *** ما مَيَّزوا بَيْنَ مَنْظومٍ وَمَنْثورِ

وَلَيْسَ تَخْدَعُني أَلْقابُ مَنْ جَهِلوا *** وَإِنْ تَسَمَّوْا بـِ(أُسْتاذٍ) وَ(دُكْتورِ)

كَمْ أَفْقَدَ الْحُمُقُ الْأَلْقابَ هَيْبَتَها *** كَمَنْ يَحُجُّ وَيَبْقى شَرَّ سِكّيرِ!

وَلَمْ أُنافِقْ جَهولًا خَوْفَ مَنْصِبِهِ *** فَما تَجَنَّبَ عَبْدٌ أَيَّ مَقْدورِ

نَذَرْتُ شِعْري لِقَوْلِ الْحَقِّ في زَمَنٍ *** يُقيمُ دونَ سَناهُ أَلْفَ دَيْجورِ

اللهُ رَبّي، وَ(طهَ) قُدْوَتي أَبَدًا *** وَالْقُدْسُ عاصِمَتي، وَالذِّكْرُ دُسْتوري

وَما مَدَحْتُ ظَلومًا كَيْ أَنالَ رِضًى *** فَمادِحُ الظُّلْمِ عِنْدي شَرُّ مَوْزورِ

وَلم يَكُنْ مَدْحِيَ الْهادي لِجائِزَةٍ *** فَمَنْ نَواهُ لِمالٍ غَيْرُ مَأْجورِ

رَجَعْتُ لِلشِّعْرِ لَمّا السّاحَةَ احْتَكَرَتْ *** أَقْلامُ: ماجِنَةٍ … فَدْمٍ … وَمَأْجورِ

وَعَيْنَهُ، لِيَرى ما هُمْ رَأَوْا، فَقَأوا *** فَصارَ يَهْذي لِقَوْمي هَذْيَ مَخْمورِ

وَلَيْسَ يُرْهِبُني إِجْحافُ مَنْ جَهِلوا *** مَبادِئَ النَّقْدِ مِنْ غِرٍّ وَمَغْرورِ

إِنْ جِئْتَهُمْ بِدَليلٍ دامِغٍ هَرَبوا *** فَلا ظَلامَ يُرى في حَضْرَةِ النّورِ
—————————
جواد يونس أبو هليل