أنت البدايةُ والحروفُ الأولى
وبك اهتدى الكونُ العظيم ُسبيلا
نورٌ يُبَدِّدُ للدُّجى ظلماتِه
فغدا يجرُّ من البَوَارِ ذُيولا
اٰقرأ وتلك بدايةٌ دَقَّت لها
ضدَّ الجهالةِ والضلالِ طُبولا
اقرأ فأهدت للعباد كرامةً
من بعد ذلٍ عايَشَتْهُ طويلا
اقرأ لتُولَدَ أمةٌ هتفتْ لها
هذي البسيطةُ بكرةً وأصيلا 
اقرأ فدَبَّت في القلوب حياتُها
من بعد ما كادت تموت ذبولا
فزَرَعْتَ في الصحراء أروعَ جنةٍ
سُقِيَتْ فآتت أُكُلَها المأمولا
نوَّرتَ يا وحي الإله بصائراً
فَرَأَتْ وكانت قبل ذلك حُولا
وهَدَيْتَ من بعد الضلالة أمةً
وبعثَت في تلك العقولِ عقولا
هبَّتْ لِتَرْفُضَ واقعاً كانت به
تحيا ولا ترضى سواه بديلا
فغدت توَحِّد بالعبادة ربَّها
صرفت له التكبيرَ والتهليلا
لما انحنت لله عزَّ جَنابُها
وغدا لها اللهُ القويُّ وكيلا
لماغدا القران مِنْهَاجاً لها
وشريعةً وطريقةً وسبيلا
فتحت به الدنيا فَخَرَّ أمامها 
كسرى وقيصرُ خاضعاً وذليلا
يا وحي ربي يا شفاء قلوبنا
يا مُحْدثِاً بحياتنا التحويلا
يا وحي ربي أنت نورٌ ساطعٌ
يمحو الظلام يُبَدِّدُ التجهيلا
فلأنت أهدى شِرْعةً وشريعةً
ولأنت أقْوم ُبعد ذلك قِيلا
ولأنت أحسن ما سمعت محدثاً
ولأنت أهدى قائداً ودليلا 
وإذا سَرَدْتَ على المسامع قصةً
كان التسلسل واقعاً وجميلا
في كل آيٍ عبرةٌ ودلالةٌ
واسأل به التفسيرَ والتاويلا
وبكل حرفٍ دقةٌ بلاغةٌ
جَمَعَ الزبورَ وصدَّقَ الإنجيلا
يا وحي ربي حين غيَّر قومُنا 
هذي الطريقَ وبدَّلوا تبديلا
لما أناخوا للعدو رَكُوبَهم
والبعض أضحى بائعاً وعميلا
ركب العدو رقابَ كلٍ عنوةً
ومضى يسوسُ مُنَكِّلاً تنكيلا 
أبقى لنا في كل قطرٍ فتنةً
وبكل دارٍ مأتماً وعويلا
وغدا بنو قومي بلا راعٍ لهم
تاهوا ولمَّا يهتدون سبيلا
يا ويحنا نشكو الظلام ولا نرى
من جهلنا بأَكُفِّنا القنديلا
سعيد الربيعي