هذه القصيدة على لسانِ اللغةِ العربيةِ تفخر بماضيها
وترثي حاضرها

لمـَـنْ أشكــو الفجيعـــةَ والمُصابــا
لمَــن ألقــــي الرسالــــةَ والخطابــا

على صــــدرِ الجـــرائدِ صِرْتُ أُتلى
واحتضــِـــنُ الصحائــفَ والكِتــــابـا

وأهلــي غادروا دَوحـــي وأيكـــــي
ولــم أرَ بيــن أغصانــي الصحابـــا

تناديـــــهم لغـــــــــــــاتٌ زائفــــاتٌ
نـــــداءً صــــارَ حــــقّا مستـــجابــا

لغـــــــاتٌ تدفــــعُ الأجيــــالَ عنـّـي
ودونَ جـــداولـــي رَفعــتْ حِجــــابا

بَنِــــيَّ بزيفِــــها ضلّــــوا وتاهــوا
وضـــاعَ لسانُـــهم فيــها وذابــــــــا

فمـِــنْ كلماتــِــها لبِســـــــوا رداء
ومِــن ألفاظِــــها نسجـــوا ثيابــــــا

فمـَــنْ يرَ فـــي فــم الثعبـانِ شهدا
يكنْ حقّا غبيــــــــــا أو تغابــــــــــى

وهــل ينجـو مَن اصـطحبَ الأفاعي
ومَـــن آخى العقـــاربَ والذئابــــــا؟

وأفجـــعُ مـــا رأتْ عينـــايَ سـاعٍ
لتهلكـــــةٍ ولا يُلقـــــــي حســــــابـا

كــأنّ بلاغــــةَ الماضـــي تلاشـتْ
فمــا بعثــــتْ نسائــــمَ أو سحابـــــــا

وغيــــثُ فصاحــةِ الكلمــاتِ ولّى
علـــى أعقابـــِه وأبـــــــى إيابـــــــــا

وبحــرُ النحْـــوِ جـــفّ بلا ضفـافٍ
أمــا كـــــانت شواطئـُــــه خِصــــابا؟

يضمّــخُ أحــرفي ونـــداءَ صَـرفي
عقـــوقُ ابـــنٍ عصانـي مـــــا أجــابا

أعاتبـُـــه وعنــــــــي القلـــبُ لاهٍ
ومــــا سمــــعَ النـداءَ ولا العتــــــابا

رأى دُرّي وياقــــــــــوتي ولكــن ْ
كســــــا أجيـــادَ أحرفــِـــــه ترابــــــا

خمائــــــلُ ثغـــرِه لم تلــــقَ فيها
عبيــــرَ فصاحـــــةٍ صــــارتْ ســرابا

جـــرى خلـــفَ اللغــاتِ بـلا اتقاءٍ
فمـــا لــزمَ الســدادَ ولا الصـــــــوابا

سلـــوا عن حقبـةٍ من فجرِ عزّي
علـــى هــــام السنــى تجدوا الجوابا

وكـان الزهرُ أزهـى في غصوني
وكــان النــورُ في كفـــــي خضــــــابا

وحرفــــــي ناصـــــعٌ زاهٍ نــــديّ
تزيـــــّا فــــــوق هامتـــِـــــه شـــهابا

نثــــرتُ لآلئــــي وســُـلافَ دُرّي
قصــــائدَ فـــي فـــم الماضـــي عِذابـا

مدادُ النظــْــم أخرجــَـها قريضــا
وحســنُ السبـْـــكِ كـــانَ لهـــا إهابـــا

جـــرتْ كجــداولٍ والنــاسُ ظمأى
فلَــذَّ فراتـُــــــها الأشهــــــى وطابــــا

تجــوبُ ضفافـَــها الأحــلامُ نشوى
وتنهـــلُ مِـــن منابِعهــا شرابـــــــــــا

فوهـــجُ قريضِهـــم سيظــــلُّ بدرا
فتيـًّــا ضــــــوؤُه يطـــوي الضبابــــا

ومــن ينســـى الخليــلَ وسيبويه؟
فمــــا تركــــوا لبحــرِ النحــوِ بابــــا

ومـَـنْ مِــنْ بعدهـــم بذلـوا وجدّوا
ومــا قصـــدوا العطايــــا والثــــوابا

ولولا جدُّهــــم سعيــــــــا وبــذلا
لكـــــان النحــــــوُ بعدهــــــم خرابـا

ألا مـِــنْ عـــودةٍ لرحيــــقِ حرفي
فكـــم مـِــنْ غائـــبٍ لثـــــــراه آبـــــا

ستشـرقُ عن جبينِ النور شمسي
إذا ابنــي عـــن ســرابِ الزيفِ ثابــا

ونحْــوي صــــار للعليــــــا مطايا
وصــّــرْفي نحـوَ عزتــِــــه رِكابـــــا

الشاعر حسام إبراهيم خليل هرشة / فلسطين