هَامَتْ تَدُورُ بِذِكْـرِكَ الأَرْوَاحُ
قَـدْ شَبَّ عَبرَ هُتَافِهَا الإِفْصَـاحُ
فَمُجَمَّعُ الأَكْوَانِ يَرْجُفُ كَالصَّدَى
فِـي رَبْوَةٍ يَحْتَلُّهَـا الإِصْبَـاحُ
وَ خَلاَئِقٌ طَفَقَتْ تُسَبِّحُ طَاعَـةً
أَوْ عُنْوَةً ..، سِيقَتْ لَهَا الأَرْبَـاحُ
لاَ يُرْتجَى فَضْلٌ لِغَيرِكَ أَوْ هُدَى
أَنْتَ الْكَـرِيمُ وَ جُودُكَ المُنْـدَاحُ
تَسْقِي عُلُومَكَ مَنْ تَشَاءُ بِنَوْمِهِ
وَ تَبُثُّهَـا الأَقْـلاَمُ وَالنُّصَّــاحُ
مِنْ كُلِّ فَجٍّ مَدُّ رِزْقِكَ رَوْضَـةُ
يَرْتَادُهَـا الْعُصْفُورُ وَ التِّمْسَـاحُ
فَالْكَوْنُ غَابٌ فِي مَسَارِبِ سِحْرِهِ
يَتَصَارَعُ الْمِسْكِينُ وَ السَّفَّـاحُ
وَالنَّاسُ مِنْ تُرْبِ الْقُلُوبِ مَنَحْتَهَا
فَالْكُـلُّ يُدْرِكُ أَنَّـهُ الْفَــلاَّحُ
الرُّسْـلُ تَمْـلأُ بِالْبُذُورِ جِرَابَـهُ
وَ الْبَـدْءُ فِـي تَعْرِيفِكَ المِفْتَـاحُ
غَرِقَتْ عُقُولُ النَّابِهِينَ تَفَكُّـرًا
فِي بَحْرِ صُنْعِكَ عَلَّهَـا تَرْتَـاحُ
وَاسْتَنْشَقَتْ بِالآيِ رِيحَ نَجَاتِهَـا
وَاسْتَرْسَلَتْ مِنْ خَوْفِهَـا الأَفْرَاحُ
فَالْعَجْزُ عَنْ إِدْرَاكِ ذَاتِكَ مِنَّـةٌ
يَجْثُـو عَلَى شُطْآنهِـَا السَّبَّـاحُ
النُّـورُ نُورُكَ لِلْوُجُـودِ مَنَحْتَـهُ
تَمْثِيلُهُ المِشْكَـاةُ وَ المْصِبَـاحُ ..
وَالأَمْرُ مَطْبُـوعٌ يَشِيـحُ مُقَـدَّرًا
تَسْعَى لَـهُ الأَجْسَامُ وَالأَشْبَـاحُ
حَرْفَانِ بَيْنَهُمَـا الْعَـوَالمُ كُلُّهَـا
عَجَزَتْ أَمَامَ مَدَاهُمَا الشُّـرَّاحُ
فَالْكَوْنُ بَينَ الكَافِ وَالنُّونِ انْطَوَى
يَمْشِي بِـهِ التَّأْجِيلُ وَ الإِلحَـاحُ
لَوْ كَانَ تَعْلَمُ كُنْهَ قَدْرِكَ أَنْفُـسٌ
مَا أَسْرَفَتْ وَاجْتَاحَهَا الإِصْـلاَحُ
إِنيِّ صَدَحْتُ بِفَيْضِ شُكْرِكَ مُوقِنًا
وَ أَنَا الضَّعِيفُ، بِذِكْرِكَ الصَّدَّاحُ
مَدًّا وَهَبْتَ وَ مَا أَحَطْتُ بِعَـدِّهِ
فَالْبَحْرُ يَعْجَـزُ عِنْـدَهُ المَـلاَّحُ
امْسَحْ صَحَائِفَ غَفْلَتيِ بمَِدَامِعِـي
هَا قَدْ لَجَأْتُ وَفَضْلُكَ الْمَسَّـاحُ
وَاصْلِحْ عُيُوبِي يَا عَلِيمَ عَوَالمِـِي
إِنِّـي المَرِيضُ وَ لُطْفُكَ الجَـرَّاحُ
شعر:القاضي ولد محمد عينين