كان لشقيقتي الكبرى -تكبرني بعام ونصف- معزة خاصة عند جدي رحمه الله تعالى، فلا يرفض لها طلباً، ولطالما تشاجرتُ معها، فتذهب وتشتكيني لجدي، ليأتي بحزامه الأسود العريض ويجلدني به من دون هوادة ويكيل لي وابلاً من الشتائم ينهيها بقوله: "ألم أقل لك أنك لا تستحق اسم نجم". ولا أذكر أنه عفى عني ولو لمرة واحدة، أو أنه حاول أن يتعرف على البادئ في الاعتداء. كان جدي يردد على مسمعي دائماً :"كن رجلاً مرّاً ولم أكن أفهم معنى تلك الجملة ولم يبادر هو ولا غيره لشرحها لي.

ذات يومٍ -كنت في الصف الأول الإبتدائي- دخلت خلسة غرفة جدي، وكان قد خرج للتسوق فشربت فنجاناً من القهوة العربية التي كانت تعدها عمتي الصغرى لجدي وتضعها في غرفته كل صباح، وقررت أن أصلي الظهر في الغرفة وعلى سجادة صلاته. وبينما أنا أصلي وإذا بجدي يدخل الغرفة فجأة فخفتُ منه وقطعت الصلاة، فعاتبني بلطف على قطعي الصلاة وطلب مني أن أتمها، وعلمني كيف أجلس جلوس التشهد الأخير، ولم يعنفني على دخولي الغرفة في غيابه، لكنه لم يعلم أني شربت من قهوته، وإلا لكان له شأن آخر معي. وللحديث بقية…..
بقلم:نجم رضوان