رحَلَّ الضياءُ عن اللَّيالي المقمِرَة
و تَغلغَلَتْ ظُلَمُ الحياةِ المُضْجرةْ
غابَتْ شُموسٌ عنْ سَماءِ حياتِنا
رَسَـــمَتْ لنا دربَ الحياةِ لنعْبُرَهْ
عَصَفتْ بنا ريحُ الأسى في غفلةٍ
صُمْنا عنِ الأفــــراحِ ولَّتْ مُدبرةْ
صَمَتَ اليَراعُ على فراقِ حَبيبتي
و تلعثمتْ كلمــــاتيَ المتبعْثرةْ
يا غُربَةً فتكتْ بقلبي حينَها
أمّـــاهُ لمْ أحْضُرْ فمنكِ المَعْذرةْ
لحقتْ رَفيقَ العُمرِ بعدَ عَنائِها
و تَعَمّقتْ مأســـــــاتُنا المُتَكررةْ
ولكم تمنَّيتُ الرُّجوعَ لحضنِها
لتضمَّ رأسي بالحنــــــانِ مُدثِّرَهْ
أضناكِ يا أمّاه فيضُ دموعِنا
عند الوداعِ وعذبَ عيشٍ كدَّرهْ
كلُّ العيون تنامُ ملءَ جفونِها
عيناكِ تمضي ليلَها مُسْتنْفِرة
و لكمْ صَبَرْتِ على الحياةِ و مُرِّها
برضى الإلهِ و عفوِهِ مُستبْشرة
تلكَ التَّي كنّا إليها ننتمي
في دارِ دُنيـــانا ودارِ الآخِــــرَة ْ
وصّى بها الرَّحمنُ في قرآنِهِ
لولا الإلهُ طلبتُ منها المَغْفِرة
قد خصّها ربُّ السَّماء بفضلِهِ
فالأمُّ إن رَضِيَتْ عليكَ فمأثَرَة
رحلَتْ إليــــــهِ و أيُّ حزن قاتلٍ
مهما الزمانُ يدورُ لا لنْ يَجْبُرَهْ
العينُ تدمعُ و الفؤادُ منَ الأسى
خَشَعَتْ جوارحُهُ لحزنٍ مَرْمَرَه
إنّا لَمَحزوــــنونَ مِنْ أعمــــاقِنا
لفراقها باتتْ حيـــاتي مُقفِرةْ
ذرفَتْ دموعُ العينِ منْ فقدانِها
و ارتدَّ في قلبي صَداهُ فكسَّرَهْ
بِعْتُ الحياءَ منَ البكاءِ و لمْ أزلْ
عنْ لجمِ حُزني فاقدٌ للسّيطَرَةْ
فكأنَّني ذاكَ الرَّضيعُ بلوعــةٍ
شُقَّ الفطامُ عليهِ حينَ تَذَكَّرَهْ
لا تبتئسْ فاللهُ أمراً قدْ قضى
كلُّ الخُطوبِ على العِبادِ مُقدَّرَةْ
هذي أمانةُ ربِّنا رَحَلتْ إليـ
ـهِ فَصابروا وادعوا لها بالمَغْفِرَة
فارأفْ إلهي و ليكنْ في قبرِها
نورُ الجنانِ و ريحُها المتعطِّرَةْ
شعر:نضال قاسم